الأسباب التي تدفع رائد الأعمال ليكون قائداً خدمياً

ترتبط الفعالية التنظيمية بأسلوب القيادة الذي يسعى إلى وضع احتياجات الموظفين كأولوية قصوى.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن فيلينا هانسن (Felena Hanson) رائدة الأعمال ومؤسِّسة شركة هيرا هاب (Hera Hub) التي ترتكز على العاملات الإناث.

قد يكون مفهوم "القيادة الخدمية" جديداً بالنسبة إليك، ولكنَّه مفهوم (أو ربما فلسفة) موجود منذ قرون؛ حيث يقول كثيرون إنَّ روبرت ك. غرينليف (Robert K. Greenleaf)، هو مؤسِّس حركة القيادة الخدمية الحديثة، ويقال إنَّه توصَّل إلى هذا المفهوم بعد قراءة كتاب هيرمان هيسه (Hermann Hesse) "رحلة إلى الشرق" (Journey to the East)، في أواخر الخمسينيات من القرن الماضي.

في كتابه "القائد الخدمي" (The Servant as Leader) يوضِّح غرينليف (Greenleaf) قائلاً: "يبدأ الأمر كله بالشعور الطبيعي الذي يعتري المرء بأنَّه يرغب في خدمة الآخرين أولاً؛ ثم يجعله قراره الواعي يطمح للقيادة تلبية لهذه الرغبة؛ حيث يختلف هذا الشخص اختلافاً جذرياً عمَّن يطمح أن يصبح قائداً في المقام الأول، ربما بسبب رغبته في إرضاء دوافعه الداخلية غير الاعتيادية أو الحصول على ممتلكات مادية، فمن يطمح أن يُصبح قائداً في المرتبة الأولى يختلف كلياً عمَّن يطمح كي يكون خدمياً؛ فبينهما فوارق وخليط من التنوُّع اللامتناهي للطبيعة البشرية".

شاهد بالفيديو: أفضل 10 مهارات عليك اتقانها لتنجح كقائد

طريق مليء بالعثرات:

لقد أُتيحَت لي دراسة القيادة الخادمة بصورة طبيعية، فبعد سلسلة من الصعوبات الشخصية في العشرينيات من عمري مثل: تعرُّضي لحادث سير كاد أن يودي بحياتي، وخسارتي لوظيفتي ثلاث مرات متتالية، وإجهاضي لطفلي وطلاقي، قررت أن أتحكَّم في مصيري وأؤسس عملي الخاص، فقد سئمت من تتبُّع إرشادات غيري.

من خلال النهوض بعملي، أدركت أنَّ تعليم الآخرين ودعمهم هو ما يرضيني حقاً؛ حيث مهَّدت تلك الانتكاسات المبكِّرة في الحياة الطريق لإعادة ابتكاري المهني، ومن خلال ذلك سعيت للحصول على الموارد التي من شأنها أن تدعم مساري الجديد.

كجزء من هذه الرحلة الجديدة، انضممت إلى برنامج تدريبي عن القيادة لمدة عام، بناءً على توصية من زميل، وعندما اكتشفت أنَّ صديقاً آخر ينضم أيضاً إلى البرنامج، تحمَّست للفكرة؛ فأنا كنت أحبُّ التعلُّم، واعتقدت أنَّه سيكون وسيلةً جيدةً بالنسبة إلي ليدعم الأقران مشروعي.

الأسس:

قبل عام 2003، لم أسمع قط بمفهوم القيادة الخدمية، لكنَّني سرعان ما أُعجبت به؛ حيث ينسب الكثيرون جذور هذه الفلسفة إلى النبي عيسى عليه السلام أو المهاتما غاندي، وهما شخصيتان لطالما أُعجِبت بهما، وجاء بعدهما روبرت جرينليف (Robert K. Greenleaf) ليطبِّق بعض المبادئ الأساسية للقيادة الخدمية على الأعمال في الشركات ويعلِّمها لفِرَق الإدارة.

يقول جرينليف (Greenleaf): "يتجلى الاختلاف في الرعاية التي يتولاها الخادم أولاً للتأكُّد من تلبية احتياجات الآخرين التي تحتل أولويةً قصوى، ويُعد أفضل اختبار في معرفة إن كان هؤلاء الأشخاص يحققون النمو، وما إن كانوا يصبحون في أثناء خدمتهم أكثر صحةً وحكمةً وحريةً واستقلاليةً، وأكثر عرضة لأن يكونوا خدميين وتأثير ذلك في أكثرهم حرماناً في المجتمع، وما إن كانوا سيستفيدون، أو يضمن على الأقل عدم تعرُّضهم لمزيد من الحرمان".

بالنسبة إلى بعض الأشخاص، فإنَّ أول ما يفكرون فيه بمجرد سماع مصطلح القيادة الخدمية هو قائد تابع وغير حازم؛ لكن استناداً إلى تجربتي، هذا بعيد تماماً عن الحقيقة، فقد وجدت في الواقع أنَّ القيادة من خلال خدمة الآخرين قد مكَّنت روَّاد الأعمال داخل مجتمع هيرا هاب (Hera Hub) من الأداء على مستوى عالٍ جداً.

حيث تمدني رائدات الأعمال هؤلاء بالنشاط، وأريد أن تشعر كل منهن وأن تعرف أنَّها قائدة أيضاً، لقد ألهمنني العمل بجد أكبر لضمان أن تكون أعمالهن أكثر ربحاً، وهن يشعرن بالرضا في مهنتهنَّ، وأنَّهن رددن الصنيع للمجتمع من خلال نجاحهنَّ الوظيفي.

إقرأ أيضاً: أساليب القيادة: اختيار النهج الذي يناسب الحالة

الطريق إلى القمة:

توصف القيادة الخدمية بأنَّها أسلوب قيادة فعال يغيِّر ثقافتك ويؤثِّر في أرباحك الإجمالية؛ حيث يعمل النهج الخدمي على تغيير أسلوب قيادتك للأفضل، ناهيك عن أنَّه يزيد من نجاحك المالي ويحسِّن أداء عملك.

يقول الدكتور روبرت ليدن (Robert Liden)، أستاذ الإدارة في جامعة إلينوي في شيكاغو، إنَّ ثقافة مساعدة الآخرين التي تتضمنها القيادة الخدمية "مرتبطة بالإجراءات الحاسمة للفعالية التنظيمية، مثل عائد الاستثمارات والأرباح ورضا العملاء والموظفين عموماً، وهي تُقلِّل كذلك من معدلات دوران العمالة".

تتمتع بعض أكبر الشركات في العالم بالنجاح المالي والإبقاء بالموظفين بدرجة عالية؛ وذلك لأنَّها تزرع ثقافة خدمية في بيئتها، ففي مقال بعنوان "القيادة الخدمية: طريق إلى الأداء العالي"، درست صحيفة واشنطن بوست شركات كبيرة عالمياً مثل سلسلة متاجر القهوة ستارباكس (Starbucks) وَهوم ديبوت (Home Depot) لبيع أدوات ومواد البناء وَيو بي إس  (UPS) للتوصيل ووجدت أنَّ لديهم قادة "يصبُّون تركيزهم على الناس، ويقدِّرون خدمة الآخرين ويعتقدون أنَّ عليهم واجب الإشراف، كان جميعهم تقريباً من المشغِّلين المتواضعين والمتحمسين الذين شاركوا بعمق في تفاصيل الأعمال"؛ حيث إنَّ الثقافة الخدمية التي يقودها القائد الخدمي هي التي تسمح لهذه الشركات بالازدهار.

إذا لم تكن لديك فرصة لدراسة القيادة الخدمية ومعرفة كيف يمكن أن تدعم مسارك الريادي، فأنا أشجِّعك على قراءة كتاب "الخدمية: قصة بسيطة عن الجوهر الحقيقي للقيادة" (The Servant: A Simple Story About the True Essence of Leadership) للكاتب جيمس سي هنتر (James C. Hunter)، فقد أحدث فرقاً كبيراً في حياتي، وآمل أن يُحدث فرقاً في حياتك أيضاً.

 

المصدر




مقالات مرتبطة