الآثار السلبية لانفصال الوالدين على الأبناء

الآثار السلبية لانفصال الوالدين على الأبناء

محمود طافش

الأطفال بالرعاية والحماية والحنان من الوالدين ، ويعمل الحب الناجم عن هذه العوامل دوراً مهماً في تأسيس البناء المتوازن لشخصية الطفل ، ووجود الوالدين المتحابين المتفاهمين أمر ضروري لتحقيق هذا الهدف ، لكن لا يكاد يخلو بيت من مشكلات تعكر صفو المتحابين ، وقد تكون هذه المشكلات من الخطورة بحيث تزعزع كيان الطفل النفسي . ويعتبر الطلاق من المشكلات الاجتماعية النفسية التي يترتب عليها آثار سلبية عديدة قد تؤدي إلى تدمير شخصية الطفل أو تعقيدها ، وهو يعد من أبرز الأخطار التي تهدد هذه النفس الغضة ، التي لا تقوى على الحياة الآمنة المستقرة دون الخدمات التي تتلقاها من أمها وأبيها ،



 ومن هذا المنطلق فإن الوالدين المستنيرين يحرصان على استمرار العلاقة السوية بينهما ، وعلى عدم مناقشة الخلافات الحادة بينهما على مرأى ومسمع من أبنائهما ، كما أن الأبناء بدورهم يتألمون جداً إذا شعروا بوجود خلافات بين الام والأب ، وهم لا يتقبلون مجرد التفكير في مسألة الانفصال بين هذين الحبيبين إليهم العزيزين عليهم مهما كانت الأسباب والمبررات مقنعة . فما هي الأسباب التي تؤدي إلى انفصال الزوجين ، وكيف السبيل لمواجهتها أو التخفيف من آثارها ؟

أسباب الطلاق :

       أثبتت البحوث والدراسات التي أجريت حول هذه المسألة أن من أبرز الأسباب التي تؤدي على الطلاق ما يأتي ( المالح 1997) :

ـ ضعف الوازع الخلقي لدى أحد الزوجين أو لديهما معا .

ـ اختلاف الطباع والأمزجة بين الزوجين بصورة حادة يصعب معها التفاهم .

ـ توتر العلاقة الزوجية بسبب الغيرة أو الشك أو المال أو تدخل الأهل في شؤون الزوجين .

ـ عدم التفاهم بسبب صغر السن أو قلة الخبرة .

ـ عدم اهتمام أحد الزوجين أوكيلهما بإشباع رغبات الآخر ومراعاة مشاعره ، مما يترتب عليه النفور منه والبحث عن بديل عنه .

ـ فتور الحب بين الزوجين نظراً لعوامل مختلفة .

ـ الميل إلى السيطرة من قبل الزوج وعناد الزوجة ورفضها لهيمنة الزوج .

ـ الاقتران بامرأة مطلقة ، وعلى وجه الخصوص بذات الأولاد من زوج سابق .

ـ الخيانة الزوجية ( وعلى وجه الخصوص من قبل الزوجة ، لما قد يترتب على ذلك من المفاسد ، كاختلاط الأنساب مثلا ) .

ـ المال الوافر وما قد يترتب عليه من السعي لإشباع الملذات دون النظر في العواقب.

ـ أنانية الزوج أو الزوجة ، وميل أحدهما لتغليب رغباته على مصلحة الأسرة وتماسكها .

ـ المرض النفسي الناجم عن التربية المنحرفة في الأسرة .

ـ العصبية الزائدة والتسرع في اتخاذ القرار دون تروي أو دراسة .

ـ عدم قدرة الزوج على تحمل مسؤولية الأنفاق على الأسرة .

ـ عدم تحديد المسؤوليات والأدوار بواقعية .

ـ التفكير الخرافي الذي يسيطر على عقول بعض الناس كالأيمان بالسحر الذي يحول بين الرجل وبين قيامه بواجباته الجنسية .

الآثار السلبية التي قد تترتب على الطلاق :

يترتب على أنفصال الزوجين العديد من الآثار التي قد ينجم عنها آثار وخيمة ،ومن ابرز هذه الآثار :

ـ انهيار الأسرة ، أو تمزقها ، فيلحق بعض الأبناء بالأب ، بينما ينحاز الآخرون وخصوصا البنات إلى الأم.

ـ كراهية الأطفال للبيت والميل إلى الخروج من هذه البيئة غير الآمنة .

ـ الاكتئاب والحزن والانطواء على النفس .

ـ الشعور بالقلق والاضطراب والإحباط وعدم وضوح الرؤية .

يقول الدكتور محمد عبد الرحيم عدس (1995) : " إن الانفصال يترك عند الطفل صورة مهزوزة عن الوفاء والحب والالتزام به ما دام واقع الأبوين يعكس صورة مغايرة لمفهوم ذلك . ولا داعي للتخفيف عنه ، بأن نقول له بأن أبويه يحبانه ويعطفان عليه ، لأنه يسأل كرد فعل لذلك ، ولماذا غادرا البيت وتركاني ؟ وسيظل هذا يتردد في خاطره فيحاول إثارة المشكلة ، ويكرر السؤال مهما حاولنا منعه من ذلك ، فهو يريد جوابا شافيا يبعث في نفسه الأمن والسكينة ، ويطرد عنه الهم والقلق " .

الوقاية خير من العلاج :

     إن الزوجين اللذين يدركان الآثار المدمرة للطلاق على مستقبل أبنائهم يتجملان بالصبر ، ويحرصان على كل ما من شأنه أن يحفظ بيتهما من الدمار ، ويعينهما على ذلك :

ـ التمسك بالقيم والتحلي بفضائل الأخلاق .

ـ الابتعاد عن الظن السيء ومواطن الشبهات .

ـ تعزيز الثقة المتبادلة بين الزوجين .

ـ الرحلات السياحية للترفيه عن النفس أن أمكن ذلك .

ـ ضبط النفس وعدم التسرع واللجوء إلى الحوار والإقناع بالحجة .

ـ رقة الحديث وانتقاء الألفاظ التي توحي بالود وتشعر وبالاحترام .

التعامل مع الآثار التي تترتب على الطلاق :

إذا حلت الكارثة بالأسرة ووقع الطلاق بين الزوجين فإن مهمة تخفيف آثاره على نفس الطفل تقع على عاتق الأقارب والمعلمين ، ويتحقق هذا الهدف بالاجراءت الآتية :

ـ الإنصات للطفل وإفساح المجال أمامه ليتحدث بحرية من أجل تمكينه من إفراغ الشحنات التي تعتمل في داخلة لكي لا تتحول إلى انحرافات .

ـ عدم ترك الطفل وحيداً ، وإنما تعويضه بفيض من حنان الطرف المتبقي لدية .

ـ إحاطته بنخبة من أحب أصدقائه إليه .

ـ التقرب إلى الطفل ، ومحاولة فهم مكنون شعوره لتفريج كربه وتحرير نفسه مما يثقلها من هموم وأحزان .

الخاتمــــــــة :

فإذا استطاعت الأسرة والمدرسة احتضان الطفل ، وعدم تركه فريسة لهمومه وأحزانه والعمل الدائب لتعويضه عن الحب الذي فقده ، فإنها تكون بذلك قد أهلته للقيام بدوره في الحياة ، وجنبته ردود الأفعال التي يترتب عليها مشكلات قد تهدم مستقبله .

ومهما تكن المشكلات التي تترتب على انفصال الزوجين كبيرة ومعقدة إلا أن الانفصال ليس في جميع الحالات سيئاً ، فحيث إن الأطفال يقتدون بآبائهم في أفعالهم وأقوالهم ، فإن غياب الأب السيء أو الأم السيئة قد يكون في بعض الأحيان أقل ضرراً من وجودهما معاً .

 

الآثار السلبية لانفصال الوالدين على الأبناء