اعرفي أولاً نوع صداعك

اعرفي أولاً نوع صداعك



من منا لم يجربه؟ ذلك الزائر غير المرغوب فيها الذي غالباً ما يدق الرأس فجأة دون سابق إنذار، ليعيق العمل ويعطل الدراسة ويفسد لحظات المتعة والاسترخاء ويطرد النوم من العيون. إنه صداع الرأس، الذي لايفرق بين صغير أو كبير ولا بين صبية أو عجوز ولا بين رجل أو امرأة، الفارق الوحيد أن البعض منا يكون محظوظاً فلا تطول صحبته له أكثر من بضع ساعات، ولكن هناك من قُدّر لهم الاكتواء بثقل ظلّه ليوم أو لعدة أيام يظلّ خلالها رابضاً على جبينهم وأعينهم دون أن تؤثر فيه كل أنواع مسكنات الألم المتاحة. فهل لهذه المشكلة حل؟ يقول الأطباء إن تشخيص حالة الصداع وتحديد الدواء المناسب يمكنان في إدراك طبيعة الأعراض المرافقة للصداع وتحديد نوع الصداع, وهذا يعني أن للصداع أنواع؟

يبدو أن الصداع بات يمثل في حد ذاته صداعاً للحكومات والدول، فهاهي بريطانيا تشتكي من احتساب أيام العمل التي يتغيبها العمال والموظفون بسبب الصداع تكلفها نحو ثلاثة ملايين جنيه استرليني سنوياً، هذا غير تكلفة العلاج. ووفقاً لنتائج الدراسات والبحوث، هناك خمسة أفراد بين عشرة يستيقظون يومياً على الصداع.

ومن وجهة نظر د. آن ماكجريجور، مديرة مركز البحوث في عيادة "ذي ستس أوف لندن كلينك لعلاج الشقيقة" وأمينة الجمعية العالمية للصداع، يرتبط الصداع بعوامل متعددة، بدءاً بالهرمونات ومروراً بالجفاف ووصولاً إلى التوتر وحتى الاعتياد على تناول مسكنات الألم، وتضيف أن الشعور بالصداع أمراً طبيعياً عادياً، وأنه مجرد رد فعلٍ طبيعي من الجسم نتيجة تعرضه لمحرض يمكن أن يسبب له الألم أو الضيق ولكن في بعض الأحيان يكون رد الفعل هذا مبالغاً فيه، كما يحدث مع من تأتيهم نوبة الصداع النصفي إذا ماعزفوا عن تناول الطعام لفترة من الوقت، لكن هناك كثيرون ممن يعانون الشقيقة لا يضعون هذه الملاحظة في اعتبارهم.

وتكمن المشكلة برأيها في أن الغالبية من الناس لا يأخذون الصداع المزمن على محمل الجد رغم أن البعض منهم تتعطل من كافة النواحي لعدة أيام في كل مرة تنتابهن فيها توبة الصداع، خاصة أولئك الذين يعانون الشقيقة، فوفقاً لتقرير صدر عن منظمة الصحة العالمية تأتي الشقيقة في المرتبة الثانية عشر في لائحة الحالات المرضية التي تعيق وتؤثر على حياة الناس بصفة عامة والنساء بصفة خاصة.

ومن جهتها تقول د. أنابيل بنتلاي، مساعد مدير الدائرة الطبية في مجموعة بوبا العالمية، وهي واحدة من أكبر شركات الرعاية الصحية العالمية، إنه لايزال هناك لبس يحيط بأسباب الصداع، موضحة بعض أنواع الصداع مثل "الشقيقة" ترتبط بتغييرات كيميائية في الدماغ، لكننا لانعرف إن كانت هذه التغييرات هي من يسبب الصداع أم من ضمن أعراضه.

ويتفق الأطباء على وجود أنواع متعددة للصداع، وينصحون كل من يعاني الصداع بالاحتفاظ بنوتة مذكرات ليدون فيها نوبة الألم والأحداث المرتبطة به بالإضافة إلى موعد قدومه، لأنه من خلال هذه المعلومات يمكن للطبيب أن يشخّص حالة الصداع وبالتالي يصف الدواء المناسب.هنا نقدم عرضاً لأكثر أنواع الصداع شيوعاً وأسبابها وطرق علاجها المتاحة:

الصداع التوتري

تشير البحوث الطبية إلى أن 75% من البشر يعانون من الصداع التوتري، ولا تزال أسباب الإصابة به غير معروفة على وجه الدقة، إلا أن كافة الترجيحات تشير إلى ارتباطه بعامل القلق. ويتمثل هذا الصداع في صورة ألم ثقيل يصيب العنق العنق والكتفين ثم يشق طريقه إلى عضلات الرأس ، حيث يؤدي انكماش العضلات إلى الإحساس بالصداع.

وقد يشعر المريض وكأنه يحمل شيئاً ثقيلاً فوق رأسه، أو كأنه يرتدي عصابة ضيقة حول رأسه، ويحدث هذا الصداع بسبب التعرض للتوتر أو نتيجة لطرقة جلوس غير صحيحة على المكتب لفترة طويلة، كما يصيب الأشخاص الذين يصكون على أسنانهم أثناء النوم، وهو يدوم لساعة أو اثنتين أو لعدة أيام وتصاحبه تغييرات في مستوى هرموني السيروتينين ( الممر الرئيسي للألم) والأندورفين (المسكن الطبيعي للألم) في الدماغ، ومازال االخبراء عاجزين عن فهم أسباب حدوث هذه التغيرات الكيميائية وقت الإصابة بالصداع التوتري.

ويساعد على تخفيف آلام هذا الصداع تناول أحد أنواع مسكنات الألم المعدّة خصيصاً مثل سينيدول Syndol وينصح الأطباء بتناوله في بداية الشعور بالألم، كما يفيد أيضاً تدليك الجبين بزيت النعناع الفلفلي الذي يحتوي على مسكنات ألم طبيعية تساعدك على إرخاء العضلات، حيث ذكرت الدراسة أن 95%  ممن طبقوا هذه النصيحة شعروا بالتحسن خلال 30 دقيقة، واتفق تسعة من عشرة أشخاص على أنه أقوى تأثير من مسكنات الألم التقليدية.

وهناك من ينصح بوضع زجاجة من الماء الساخن على العنق من الخلف لإرخاء العضلات المتيبسة التي تسبب الألم، في كل الأحوال يحتاج الأشخاص المعتادون على الإصابة بالصداع التوتري إلى الابتعاد عن كل ما يسبب لهم القلق والتوتر، وممارسة الرياضة بانتظام مثل السباحة أو المشي والمواظبة على ممارسة تمارين الرقبة لأنها تساعد على إرخاء العضلات وتخليصها من الإجهاد.

الصداع العنقودي

هو مرض عصبي سببه لا يزال غير معروف، وأهم ما يميزه أن الألم يأتي بشكلٍ متسلسل حيث يتركز الألم في البداية حول إحدى العينين، ثم ينتقل إلى الصدغ وقد يضيق بؤبؤ العين الذي يتركز فيه الألم ويدوم لفترة تتراوح بين 30 دقيقة إلى ثلاث ساعات، ويصفه الذين يعانونه بأنهم يشعرون وكأن أحداً يحفر في جماجمهم. وهذا النوع يصيب الرجال أكثر من النساء وتحدث نوبة الصداع العنقودي مرة أو مرتين في السنة وفي كل مرة تستمر النوبة لمدة شهرين أو ثلاثة أشهر.

وللأسف الشديد لا يستجيب الصداع العنقودي لمسكنات الألم العادية مما يجبر الأطباء على اللجوء لأدوية الشقيقة لكونها تساعد على تمدد الأوعية في الدماغ، حيث يعتقد أن انقباض هذه الأوعية هو السبب الرئيسي للشعور بالصداع، وتثبط أدوية الشقيقة أيضاً حركة المواد الكيميائية التي تنقل إشارات الألم في الدماغ وبالتالي تحد من طول فترة الألم، وتعطى الأدوية بصورة حقن بجرعات عالية ليكون تأثيرها أسرع.

وفي حالات كثيرة يوضع المريض على جهاز استنشاق الأوكسجين لمدة عشر دقائق عند بداية قدوم النوبة، حيث يساعد على إيقاف النوبة أو تقليل حدة الألم. ويحتاج من يصيبهم هذا الصداع إلى التوقف عن التدخين، لأنه في حالات كثيرة تؤدي الإصابة بقرحة المعدة إلى صعوبة استخدام الأدوية المتاحة.

صداع المسكّنات

تقول البحوث أن 2% من البشر يعانون من الصداع الناجم من الإفراط في تناول المسكنات، ويأتي هذا النوع عادة عند التوقف المفاجئ عن تناول الدواء.

ويقول الأطباء أن هذه المسكنات تحتوي على الباراساتيمول مع الكواديين أو الإيبوبروفين، وأن اعتياد تناول هذه التركيبة لفترة طويلة ( بصورة يومية لمدة أسابيع طويلة ) يؤدي إلى الإصابة بالصداع.

وعادة ما يشعر المريض بالصداع في الفترة الصباحية عندما يبدأ تأثير جرعة اليوم السابق في التراجع. ويبدو الألم غامضاً وغير محدد ويمكن أن يزداد سوءاً خلال اليوم، مما يشجع المريض على الإسراع لتناول مسكن الألم وهكذا تستمر دورة الألم.

ويساعد تغيير نوع المسكن أو تخفيف الجرعة بشكلٍ تدريجي على التخلص من الصداع، ولكن الأمر ينبغي أن يكون تحت إشراف الطبيب، لأن بعض مسكنات الألم وخاصة التي تحتوي على الكودايين لا يجوز التوقف عنها بصورة مفاجئة، لأن التوقف الفجائي قد يسبب شعوراً بالقلق والأرق وربما يعاني المريض عدم التوازن. وإلى جانب التوقف التدريجي عن تناول مسكنات الألم يوصي الأطباء بالخضوع لجلسات ماساج أو تدليك تساعد على إرخاء عضلات الرأس.

صداع الدورة الشهرية

العديد من النساء يصيبهن الصداع قبل قدوم الدورة الشهرية بيومين أو ثلاثة أيام. ويكون الصداع في العادة متواصلاً وتصاحبه أعراض الدورة الأخرى مثل المغص والانتفاخ. وينصح الأطباء السيدات اللاتي يعرفن أن الدورة تأتيهن بالصداع بتناول أقراص الأيبوبروفين لمدة 3 أيام قبل قدوم الدورة.

كما ينصح خبراء الأعشاب بتناول زيت "الزهرة  النجمية" ليوم واحد خلال الشهر، لأنه على حد قولهم، يساعد على توازن الهرمونات ويقلل من حدة أعراض الدورة الشهرية.

الصداع النصفي أو الشقيقة

إذا كنت تعانين الشقيقة سوف تعرفينها لأنها تسبب ألماً شديداً ولها أعراض أخرى تحدث مسبقاً تعرف باسم "الهالة" وهي التي تحذر المريض عادة من قدوم النوبة. وتشتمل الهالة على أعراض مثل الزغللة أو اهتزاز الرؤية، حيث يرى المريض خيوطاً متعرجة أمامه أو يعاني زغللة ويشعر بوخز وخدر في جسمه، وتأتي الشقيقة عادة خلال 10-30 دقيقة من ظهور هذه الأعراض التحذيرية.

ويكون الألم في جانب واحد من الرأس، وقد يشعر المصاب بنفور من الأضواء الساطعة ويصيبه القيء والغثيان.

وتقول لادراسات أن واحداً من بين ثمانية أشخاص يعاني الشقيقة وأنها تصيب النساء أكثر من الرجال بنسبة قد تصل إلى الضعف لأسباب تتعلق بتأثير إفراز الهرمونات الأنثوية على الجهاز العصبي للمرأة.

وفي الوقت الحالي تتوافر عدة أدوية لعلاج الشقيقة، أعدّت معظمها لكي يتناولها المريض بمجرد أن تداهمه الهالة لتمنع وصول الألم، حيث تعمل هذه الأدوية على تثبيط الأوعية الدموية داخل الجمجمة لمنع نقل الألم.

صداع الكافيين

هذا النوع من الصداع يأتي في نهاية الأسبوع نتيجة افتقاد فنجان القهوة اليومي، ولكنه قد يأتي أيضاً بعد تناول الكافيين مباشرة فيشعر المريض بالألم في محيط الرأس بأكمله ويكون الكافيين هو السبب.

وقد أظهرت الدراسات أن الكافيين يثبط الناقلات العصبية في الدماغ ويجعل الانسان متيقظاً، وعندما يتوقف فجأة عن تناوله يتحسس المخ من التمدد المفاجئ لشرايين الدم فيحدث الصداع. كما أن زيادة مادة الكافيين تسبب صداعاً حيث يؤدي تناول جرعات كثيرة إلى زيادة انقباض الأوعية الدموية عن معدل تدفق الالدم فيها مما يرفع ضغط الدم وبالتالي يشعر الإنسان بالصداع.

ويكمن الحل في تقليل تناول الكافيين بصورة تدريجية، وتجربة تناول مشروباتت قليلة الكافيين قبل التحول إلى الأنواع الخالية تماماً منه، والحذر عند تناول مسكنات الألم لأن البعض نمنها يحتوي على الكافيين وهذه قد تزيد الأمر سوءاً.

صداع الجيوب الأنفية

صداع الجيوب الأنفية من الأنواع الشائعة، ويتم الاستدلال عليه من خلال حني الرأس إلى الأمام فإذا ماشعر المريض بثقل يحيط بعينيه،ينبغي عليه زيارة الطبيب لإجراء فحص الجيوب الأنفية، كما ينصح بمرجعة الطبيب في حال صاحب الألم تورّم في الوجه وارتفاع في درجة الحرارة.

ولكن في الحالات المعتدلة ربما يخفف من حدّة الصداع التعرض لبخار ماء ساخن أضيفت إليه قطرات من زيت olbas, حيث يؤدي استنشاق البخار المتصاعد لمدة 10 دقائق إلى تحسين حالة الجيوب وبالتالي تخفيف الصداع.

 

المصدر: بوابة المرأة