إعداد الدعاة بين تحديات الواقع وتطلعات المستقبل

 

            إن الحمد لله نحمده , ونستعينه ونستغفره , ونعوذ بالله من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا , من يهده الله فلا مضل له , ومن يضلل فلا هادي له ,وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له , وأشهد أن محمداً عبده ورسوله , المبعوث رحمة للعالمين , صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين , ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين .



 

         وبعد فيسرني أن أقدم موضوعي لندوة ( مقتضيات الدعوة في ضوء المعطيات المعاصرة ) بعنوان :

 إعداد الدعاة بين تحديات الواقع وتطلعات المستقبل

وقد بنيته على مقدمة وأربعة مباحث وخاتمة  .

1-    المقدمة : عرضت فيها لثلاثة تحديات معاصرة خطيرة .

2-    إعداد الدعاة إيمانياً .

3-    إعداد الدعاة نفسياً .

4-    إعداد الدعاة علمياً وثقافياً .

5-    الإعداد البدني .

6-    الإعداد المسلكي . ( التدريب ) .

7-    الخاتمة : ضمنتها خلاصة ما انتهيت إليه , مع بعض التوصيات .

سائلاً الله عز وجل أن أكون قد وفقت إلى ما قصدت , بيده الخير , وهو ولي السداد والتوفيق .

 أ.د محمد عجاج الخطيب

 

بسم الله الرحمن الرحيم

بين يدي البحث : وبعد فإن رسالة أمتنا جميعها الدعوة إلى الله , مصداقاً لقوله سبحانه وتعالى : كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله [1], وقوله سبحانه : ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون [2] . ومن مقتضيات فقه الدعوة ؛ معرفة أحوال المدعوين ؛ الاجتماعية والثقافية والنفسية , وما يحيط بهم من حيث الزمان والمكان , بما ييسر حسن الدعوة , وأداء الواجب .

وإن الاهتمام بالتحديات التي تواجه الأمة الإسلامية عامة , ومعرفة أسبابها وسبل الوقاية منها وعلاجها , أمر حتمي واجب , على كل من بوسعه أن يدلي بدلوه في هذا الميدان , ولعل العلماء والخبراء والباحثين  هم الذين يتحملون العبء الأكبر من هذا الواجب ، العظيم الأثر , الكبير الخطر ؛ فهم الذين ينيرون السبيل أمام الأمة وعامتها ورعيتها , ويسهمون في صيانتها من الأخطار المحدقة بها . وما أكثر التحديات التي تواجه أمتنا , فلن أعرض للفقر والمرض والتخلف التقني , ولكثير من القضايا الاجتماعية والتربوية والاقتصادية ... ولا لمخططات الغزو الفكري , ولمؤتمرات التنصير وغزو العالم الإسلامي [3] .

         ولكن يهمني أن أسترعي الانتباه إلى استهداف الأمة في عقيدتها وشخصيتها الإسلامية , وعلى وجه الخصوص استهداف الطاقة الفاعلة فيها ؛ ألا وهم الشباب . وقد تحول الغزو الفكري إلى ميدان الواقع متستراً بالتقنيات المعاصرة , والتقدم والتحضر والترويح والاستمتاع . ويتجلى ذلك في ثلاثة أمور على الأقل :

الأول :  إشغال المسلمين بما لا يعود عليهم بالنفع , وإبعادهم ما أمكن عن عقيدتهم وإسلامهم , الذي هو سر قوتهم وبقائهم , بجميع الوسائل السمعية والبصرية , والمغريات المادية , باسم الترويح , وإغراقهم بالنشرات والمجلات والدعايات , والكاتولوكات الرذيل والساقط . وإغرائهم بمزيد العمل , وطلب المال وإنفاقه , وتفتيت الأسرة , وعدم إتاحة الفرصة أمام الوالدين لرعاية أولادهما ... وغير ذلك مما هو واضح في الرسالة المرفقة [4] .

الثاني : الفتك بشباب الأمة قوتها العاملة , وأملها لقادمات أيامها ؛ من خلال ترويج جميع أنواع المسكرات والمخدرات ... وإشاعة التحلل الأخلاقي وتسهيل سبله , وتيسير وسائله ؛ مما ينتهي بالمجتمع إلى مهاوي الردى والضياع .

واسمحوا لي بذكر بعض الإحصائيات في هذا الموضوع :

إن الأمة العربية تنفق على الخمور والمخدرات (64) ألف مليون دولار سنوياً [5] .

      وذكرت منظمة الصحة العالمية [6] , أن حجم تجارة المخدرات بلغ أكثر من ثلاثمائة مليون دولار , ويجب أن ننتبه أن المشكلة ليست اقتصادية فحسب , ولكنها تستهدف شباب الأمة , وتعطيلهم عن دورهم الفاعل في المجتمع , والانتقال بهم من الدور الإيجابي , إلى الدور السلبي , إذ يصيرون عالة على المجتمع , يحتاجون إلى مؤسسات ترعاهم , وتعالجهم وتشرف عليهم , هذا إلى جانب ما يترتب على الإدمان من حوادث مرورية , وجرائم قتل , واغتصاب , وجرائم سرقة , وعنف وعدوان [7] . ويرى النائب العام في مصر  [  أن هذه المعركة - معركة المخدرات – معركة حياة أو موت , نواجه مخططاً دولياً يستهدف تخريب مصر , اجتماعياً وأخلاقياً واقتصادياً , وهذه المخدرات تدفع قيمتها بالعملة الصعبة , بما يصل إلى مليار دولار  ][8] .

       وقد اتهم مجلس الشعب المصري دولاً أجنبية في مقدمتها إسرائيل , بأنها تسعى إلى ترويج السموم البيضاء – الهروين والكوكايين – في مصر  , وأن هذه الظاهرة قد بدأت مع ازدياد السياحة الإسرائيلية إلى مصر في بداية الثمانينات [9] . وصرح بعض المسؤولين عن مكافحة المخدرات في مصر : [ مائة بالمائة هناك مخطط خارجي ضد مصر , ودول المنطقة , يستهدف الشباب لإضعاف القوى الإنتاجية ][10] . وصرح بعضهم بدور اليهود والبنوك الأمريكية في نشر تجارة المخدرات , ليكسبوا من ورائها آلاف الملايين , وليسيطروا على مقدرات الشعوب , ويحطموا الأمم , حتى يسهل عليهم إقامة الدولة العالمية التي يحكمون بها العالم من (أورشليم )[11] . ومما يؤكد استهداف العالم العربي بالمخدرات وإضعاف شبابه وإتلافه , ما قاله الدكتور حمد المرزوقي مدير عام مكافحة الجريمة بالمملكة العربية السعودية في ندوة المخدرات بجامعة الملك عبد العزيز :  ]إن ما تم ضبطه من الحبوب المخدرة والمنبهة بلغ (276) مليون حبة , وذلك في الفترة ما بين ( 1399 – 1406 هـ ) ( 1979 – 1986م) وذلك في المملكة العربية السعودية...[ وقال : [ لقد تأكد لدى وزارة الداخلية في المملكة , أن هناك أطرافاً دولية تعمل بشكل مكثف , على غزو المملكة العربية السعودية بالمخدرات , وبالأحرى (إسرائيل) , إن هذه البلاد كغيرها من البلاد العربية والإسلامية مقصودة في عملية إغراق السوق بالمخدرات , وتدمير هذا المجتمع , وتفكيك مقوماته , ولا يجب أن ننظر إلى عملية انتشار المخدرات , على أنها عملية تجارية بحتة ] [12] . وهناك أدلة قطعية ؛ أن هناك أبعاداً سياسية , أكثر من أنها كسب مادي , من ورائها عصابات يهودية في دول غربية , تعمل وتشجع وتسهل عمليات التهريب إلى دول الخليج , وبخاصة إلى المملكة العربية السعودية [13] . وقد قبض على (17) سبع عشرة شبكة إسرائيلية لتهريب المخدرات إلى مصر عام 1986م , وعلى ثلاثة شبان يهود وفي حوزتهم طنان من الحشيش يحاولون تهريبه إلى مصر ودول الخليج , وبلغ عدد اليهود المقبوض عليهم أثناء تهريب المخدرات عام 1986م (83 ) ثلاثة وثمانين يهودياً إسرائيلياً.علماً بأن الإسرائيليين يتحاشون التهريب بأنفسهم , ويجندون غيرهم لهذا !![14] . كما اتسعت مناطق زراعة المواد المخدرة في بعض البلاد العربية والإسلامية وتضاعف إنتاجها ,  وغير ذلك مما يحدق بهذه الأمة ويستهدف وجودها [15] .

الثالث :  تجنيد عدد كبير من الموالين لأعدائنا في مجتمعاتنا العربية والإسلامية من مختلف الجنسيات , يروجون لأفكارهم , ووسائلهم ؛ بوسائل مختلفة متعددة ؛ مادية ومعنوية , وقد نشط في الآونة الأخيرة الترويج لزيارة فلسطين عامة وبيت المقدس خاصة[16]  , وتيسير ذلك للمسلمين وغيرهم ؛ فتمنح تأشيرة الزيارة لمن يرغب بها على ورقة منفصلة , تمكن الزائر من التجول في جميع فلسطين المحتلة , ولا يوصم الجواز بما يدل على تلك الزيارة , وتزور مجموعات السائحين ديارنا المغتصبة ، ويرحب بهم ، ويغدق عليهم ، فيرون وجه الثعلب الوديع لإسرائيل , لا وجهه الماكر , ويطاف بهم في القدس وبيت لحم , ويصور لهم المستضعَـفون من المجاهدين المدافعين عن حياتهم وأعراضهم وبيوتهم , بأنهم المجرمون الإرهابيون الذين يَقُضّون مضاجع الإسرائيليين الذين ينشدون السلام ... وتعود أفواج السائحين إلى البلاد الغربية , كما يعود من غرر به من أبناء المسلمين إلى بلاده , دعاة لإسرائيل وأفكارها , وإن مطارات قبرص وتركيا وإيطاليا وشمال أفريقيا لتؤكد ذلك .

       نحن اليوم أمام تحديات عنيفة , خارجية وداخلية , تستهدف وجودنا , حاضره ومستقبله , فلا بد من استنفار جميع طاقات الأمة من أجل إنقاذ وجودها , ووقاية مستقبلها , واسترداد هويتها , وإثبات شخصيتها , وولائها المطلق لله عز وجل , ويتحمل هذه المسؤولية علماء الأمة عامة , والدعاة خاصة , ولذا لابد من إعداد الدعاة إعداداً أقوى من التحديات, بما يكفل للأمة تماسكها ووقوفها قوية شامخة ؛ لتستعيد دورها في الحياة , بإعداد الدعاة إعداداً علمياً متميزاً , شاملاً لكل جوانب الدعوة ..

أولاً : إعداد الدعاة إيمانياً :  وذلك بالتلقي عن العلماء الربانيين العاملين , ومجالستهم والأخذ عنهم , مجالسة تعلم وتأدب وتخلق , ونصب أعينهم كمال التأسي بالرسول صلى الله عليه وسلم في جميع أحواله , مصداقاً لقول الله تعالى : لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً , يعتني بالدعاة منذ نعومة أظفارهم ٍبما يناسب مستوياتهم , فيتلقون عن العلماء العقيدة من خلال القرآن الكريم والسنة الشريفة , بحيث يتفاعل الداعية مع عقيدته , وينبثق سلوكه عنها , بإيمان عميق لا تنال منه   الخطو ب والنوازل , في السر والعلن والمنشط والمكره , والعسر واليسر , ليكون بحق كما قال رب العالمين : إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً وعلى ربهم يتوكلون [17], يتقلبون في طاعة الله في جميع أحوالهم , ليصدق فيهم قوله سبحانه وتعالى : في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله والله يرزق من يشاء بغير حساب [18]. والسبيل إلى تحقيق هذا أن يعيش الداعية الإسلام حقيقة , لا فكراً أو تنظيراً , أن يعيشه بعقيدته وعبادته ومعاملاته , وقيمه وآدابه وأخلاقه , أن يعيش خلال إعداده وتعلمه , فيحب لله ويبغض لله , ويعطي لله ويمنع لله ... [19] , والسبيل إلى هذا :

1-                طلب العلم على العلماء الربانيين العاملين؛لما فيه من فوائد علمية وأدبية وخلقية وسلوكية. فيجب أن يكون الداعية تلميذ أئمة لا تلميذ كتب , وأن يتبع ولا يبتدع , وواضح هذا في منهج الرسول صلى الله عليه وسلم في تربية أصحابه , ودعوة أمته , وهو منهج الصحابة والتابعين ومن جاء بعدهم من السلف الصالح مع شيوخهم وعلمائهم , حياة علمية عملية يحفها الحب في الله , والمودة والإيثار والخلق الكريم [20] .

2-                العيش مع كتاب الله تعالى , تلاوة وفهماً وتفسيراً , والسعي إلى حفظه , ما استطاع الداعية إلى هذا سبيلاً , واستظهاره ومراجعته , والعمل به , فهو المعين الأول للإسلام , وزاد الداعية الأول في جميع أحواله [21] . جاء رجل أبا سعيد الخدري رضي الله عنه فقال : أوصني , فقال : سألت عما سألت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم من قبلك ." أوصيك بتقوى الله , فإنه رأس كل شيء , وعليك بالجهاد فإنه رهبانية الإسلام , وعليك بذكر الله وتلاوة القرآن فإنه روحك في السماء , وذكرك في الأرض "[22].

3-                تقوية صلة الداعية بالله عز وجل , بالتقرب إليه بمزيد الطاعات والقربات ؛ ليندرج في كمال الولاية لله , فيستحق ما جاء في قوله عز وجل : ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون [23] , ويسعى إلى تطبيق قول الرسول صلى الله عليه وسلم , فيما يرويه عن الله عز وجل : ( من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب , وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه , وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه , فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به , وبصره الذي يبصر به , ويده التي يبطش بها , ورجله التي يمشي بها , ولئن سألني لأعطينه , ولئن استعاذني لأعيذنه... ) .

4-                ذكر الله عز وجل , فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يذكر الله في كل أحيانه , وقال تعالى : فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون [24],  وقال : يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكراً كثيراً[25],وقال عز وجل:الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم[26],وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يقول الله تبارك وتعالى : إذا ذكرني عبدي في نفسه ذكرته في نفسي , وإذا ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير من ملئه , وإذا تقرب مني شبراً تقربت منه ذراعاً , وإذا تقرب مني ذراعاً تقربت منه باعاً , وإن أتاني يمشي أتيته هرولة )[27] , ففي ذكر الله حياة القلوب[28]  .

5-                توحيد الله وتسبيحه وتحميده وتكبيره ودعاؤه واستغفاره : إن دوام ذكر الله يقوي صلة العبد بربه , ويزيد من اطمئنان قلبه , مصداقاً لقول الله تعالى : الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب [29] , وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :   ( أفضل ما قلته أنا والنبيون من قبلي , لا إله إلا الله وحده لا شريك له ) [30], وقد ورد في التسبيح والتحميد والتكبير , أحاديث صحيحة كثيرة [31] , تشرح صدر المؤمن , وتقوي صلته بالله عز وجل , وتشحذ عزيمته وتزيد من إيمانه ويقينه , وتحمله على العمل , وحسن مراقبة الله عز وجل . ولا بد أن ينشأ الدعاة على الالتزام بأذكار الصباح والمساء , والأذكار الموقوتة, وبالدعاء في المناسبات التي بينها الرسول صلى الله عليه وسلم , سمواً بنفوسهم , وتأسياً بالرسول عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم .

6-                تقوى الله عز وجل : كل ما سبق يقوي صلة الداعية بالله عز وجل , ويزيده من تقوى الله سبحانه , ودوام مراقبته , وتقلبه بين الخوف والرجاء , في جميع أحواله , وبهذا يحقق أمر الله عز وجل : يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون 0 واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون [32], كما يحقق ما بينه الرسول صلى الله عليه وسلم في :                      ( الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك )[33] .

         ولعله من نافلة القول أن نذكر بما لقيام الليل من أثر كبير وعميق في صقل النفوس , والسمو بالعباد , والتقرب من الله عز وجل , وكان قيام الليل ديدن الرسول صلى الله عليه وسلم , وديدن أصحابه والسلف الصالح من بعدهم .

ثانياً : إعداد الدعاة نفسياً : وخير سبيل لهذا ؛ الوقوف على حياة الرسول صلى الله عليه وسلم من خلال سيرته العطرة , ودراستها دراسة متأنية متعمقة , ومعرفة جميع مراحل سيرته صلى الله عليه وسلم , والتأمل في دقائقها , والانتفاع بها , ودراسة شمائله , للتخلق بأخلاقه الكريمة , والتأدب بآدابه . وإذا أتيحت دراسة السيرة على العلماء العاملين الربانيين , وبينوا فقهها ودلالاتها وما يستفاد منها , كان هذا أعظم أثراً , وأعمق بعداً , وأوسع مدى في نفوس طلاب العلم عامة ؛ والدعاة خاصة . وفي هذا تتحقق مجاهدة النفس التي دعا إليها بعض السلف الصالح . وبعبارة أخرى يتحقق سمو الروح والنفس على الميول والأهواء , ويقوى وازع الإيمان على الغرائز , ويتحقق الإخلاص لله عز وجل ؛ الذي لا يصح أيما عمل إلا به , ويتم حسن التأسي بالرسول صلى الله عليه وسلم في جميع الأحوال , والتخلق بخلقه الكريم ؛ الصبر والحلم والأناة , والبذل والسخاء , الإيثار والتعاون , تربية روح الفريق , الإقدام والشجاعة , التواضع والعفو , العزة والكرامة , الحب لله والبغض لله , الرفق والرأفة والرحمة , الزهد بالدنيا والقناعة , الحمد والشكر , والصدق والأمانة , العدل , حسن المعاملة , والنصح , والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ... طاعة الله وحسن الالتزام , والوفاء والنظام , وغير هذا من الخصال الحميدة , والقيم الرفيعة التي تفرد بها الإسلام [34] .

ثالثاً : الإعداد العلمي والثقافي : لابد من إعداد الدعاة إعداداً علمياً متميزاً , يحقق لهم التبصر فيما يدعون إليه , بكل ما له صلة بالعقيدة والعبادة والمعاملات , والقيم والآداب والأخلاق فيزودون بما يكفيهم من تفسير كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم , ومعرفة أحكام العبادات جملة وتفصيلاً, وأهم أحكام المعاملات ,وآداب الإسلام وأخلاقه , وسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، وسير أكابر الصحابة والتابعين , ومعرفة معالم الخلافة الراشدة , وما يلحق بهذا من معالم التاريخ الإسلامي ، ولا بد من أن ينال الداعية حظاً وافراً من اللغة العربية وآدابها ..  وأن يعرف أهم المصادر والمراجع في علوم الإسلام ؛ ليفيد منها عند الحاجة إليها .

         ولابد من أن يلم الداعية بالعلوم المساعدة , والاستعانة بالتقنيات الحديثة , فحسن جداً أن يحسن استعمال الحاسوب والانترنت , وأن يلم بحاضر العالم الإسلامي , وكل هذا من مهام المؤسسات الدعوية التي تتولى وضع برامج ومناهج تفي بعلم الداعية وثقافته [35].

         ومن الضرورة بمكان أن يلم بلغة أجنبية , وإن كان يدعو في البلاد العربية والإسلامية . ويتعين عليه أن يتقن لغة البلاد التي يتصدى فيها للدعوة  إذا لم يكن لسانها عربياً , فقد أرسل الرسول صلى الله عليه وسلم في يوم واحد ستة رسل إلى جهات متعددة , كل رسول يتقن لغة القوم الذين أرسل إليهم .

         ومن الأهمية بمكان أن يعرف الداعية في غير البلاد العربية أحوال المدعوين الاجتماعية والثقافية والاقتصادية , وأهم قضاياها ودياناتها وعاداتها وتقاليدها , وموجزاً عن تاريخها وحاضرها ؛ ليحسن القيام بواجبه .

إلى جانب كل ما سبق لابد للداعية من أن يعرف أصول الدعوة من خلال معرفة منهج القرآن الكريم في الدعوة , ومنهج الرسول صلى الله عليه وسلم , معرفة عامة شاملة متعمقة , كما يعرف أسس الدعوة وقواعدها , وأنواعها ومناهجها وأساليبها , معرفة ممتازة تمكنه من حسن أداء الأمانة , وتبليغ الرسالة .

رابعاً : الإعداد البدني : اعتنى الإسلام بالإنسان عناية فائقة, من جميع جوانبه, العقلية والروحية والنفسية والبدنية ؛ ليكون إنساناً سوياً متكامل الشخصية , يحسن القيام برسالة الاستخلاف , فالمسلم يخوض غمار الحياة المادية والأدبية , فهو في جهاد دائم ؛ لأنه يدعو إلى الهدى مقابل الضلال , وإلى الحق تجاه الباطل , وإلى العدل مكان الظلم , وإلى الأمانة في صراعها مع الخيانة , وإلى النور مقابل الظلام ... وكل هذا يتطلب من الدعاة التحمل والصبر , وبذل الطاقة والجهد , فلا بد من العناية بصحة البدن وسلامته , وتقويته والمحافظة عليه , وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( إن لجسدك عليك حقاً , وإن لعينيك عليك حقاً , وإن لزورك عليك حقاً , وإن لزوجك عليك حقاً[36]  , فأعط كل ذي حق حقه )[37] .

         ودعا الإسلام إلى القوة, عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف , وفي كل خير , احرص على ما ينفعك , واستعن بالله ولا تعجز , وإن أصابك شيء فلا تقل : لو أني فعلت كان كذا وكذا , ولكن قل : قدر الله وما شاء فعل , فإن لو تفتح عمل الشيطان )[38] .

         والقوة عامة ؛ البدنية وغيرها , وإن رأى بعضهم أنها هنا عزيمة النفس , والقريحة في أمور الآخرة، فيكون صاحب هذا الوصف أكثر إقداماً على العدو في الجهاد , وأسرع خروجاً إليه ...  وأشد عزيمة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , والصبر على الأذى في كل ذلك , واحتمال المشاق في ذات الله تعالى , وأرغب في الصلاة والصوم والأذكار وسائر العبادات , وأنشط طلباً لها , ومحافظة عليها , ونحو ذلك . والخيرية في القوي والضعيف لاشتراكهما في الإيمان , مع ما يأتي به الضعيف من الواجبات . والمقصود بـ ( الحرص على ما ينفعك ) ؛ الحرص على طاعة الله تعالى والرغبة فيما عنده , وطلب العون منه على ذلك , ولا تعجز ولا تكسل عن طلب الطاعة , ولا عن طلب العون , وقد دعا الرسول صلى الله عليه وسلم إلى القوة , وشجع على اكتسابها , قال صلى الله عليه وسلم : ( ألا إن القوة الرمي , ألا إن القوة الرمي ) [39] .

         وعن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال : ( مر النبي صلى الله عليه وسلم على نفر من أسلم ينتضلون , فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ارموا بني إسماعيل فإن أباكم كان رامياً , ارموا وأنا مع بني فلان , قال : فأمسك أحد الفريقين بأيديهم , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مالكم لا ترمون ؟ قالوا : كيف نرمي وأنت معهم ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ارموا فأنا معكم كلكم )[40] .   وقد ثبت أن الرسول صلى الله عليه وسلم  ( سابق بالخيل التي أضمرت ..  وسابق بين الخيل التي لم تضمر ) [41] .

         كما ثبت أنه صارع ركانة وتغلب عليه , وسابق عائشة رضي الله عنها مرتين ، سبقته في الأولى , وسبقها في الثانية [42] . كل هذا يدل على اهتمام الرسول صلى الله عليه وسلم بكل ما يقوي البدن وينشطه , وعلى جواز التدرب على كل ما يكسب البدن قوة ونشاطاً ورشاقة , ويدفع عنه الخمول , ويمكنه من تحمل المسؤوليات المادية والأدبية . فعلى الجهات المعنية بإعداد الدعاة , أن تأخذ هذا بعين الاعتبار . مع ملاحظة أن الميادين الرياضية , أرض خصبة جداً للدعوة , ويمكن خوض غمارها مع مراعاة الأحكام الشرعية , والآداب والأخلاق الإسلامية . هذا إلى جانب ميادين مؤسسات الأشبال والكشافة والجوالة , بما يحفظ على ناشئتنا وشبابنا دينهم , ويمتعهم بقوة العقيدة , واستقامة السلوك , وسلامة الأبدان .

خامساً : الإعداد المسلكي التطبيقي : من المعلوم أن جميع التخصصات في الجامعات والمعاهد ينال فيها الطالب قسطاً وافراً من التطبيق والتدريب في تخصصه ؛ ليخرج من النطاق النظري إلى الميدان العملي , والإسلام يدعو إلى هذا في كل شيء , والدعاة من أحوج أهل العلم لهذا الجانب , فقد أخرج البخاري عن مالك بن الحويرث رضي الله عنه قال : أتينا النبي صلى الله عليه وسلم ونحن شببة متقاربون , فأقمنا عنده عشرين ليلة ,فظن أنا اشتقنا أهلنا ,وسألنا عمن تركنا في أهلنا، فأخبرناه - وكان رفيقاً رحيماً - فقال : ارجعوا إلى أهليكم , فعلموهم ومروهم , وصلوا كما رأيتموني أصلي , وإذا حضرت الصلاة , فليؤذن لكم أحدكم , ثم ليؤمكم أكبركم )[43] .

          عن علي رضي الله عنه قال : ( بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن قاضياً , فقلت : يا رسول الله , ترسلني وأنا حديث السن , ولا علم لي بالقضاء ؟ فقال : إن الله سيهدي قلبك , ويثبت لسانك , فإذا جلس بين يديك الخصمان , فلا تقضين حتى تسمع من الآخر , كما سمعت من الأول , فإنه أحرى أن يتبين لك القضاء . قال : فما زلت قاضياً , أو ما شككت في قضاء بعد )[44] .

         بعث الرسول صلى الله عليه وسلم معاذ إلى اليمن , فقال : كيف تقضي إذا عرض لك قضاء ؟ فقال : أقضي بكتاب الله , قال : فإن لم تجد في كتاب الله ؟ قال : فبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم , قال : فإن لم تجد في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم , ولا في كتاب الله ؟ قال : أجتهد رأيي ولا آلو . فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم صدره وقال : الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي رسول الله ) [45].

          وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يعلم الصحابة آيات من القرآن , فيحفظونها , ويعملون بها , ثم ينتقلون إلى غيرها . عن أبي عبد الرحمن السلمي قال : أخبرنا من علمنا القرآن الكريم ؛ كعثمان بن عفان , وأبي بن كعب , وعبد الله بن مسعود , أنهم كانوا يتعلمون عشر آيات عشرَ آيات , قال : فإذا تعلمناها وعملنا بها , انتقلنا إلى غيرها , وبهذا تعلمنا العلم والعمل جميعاً . وكان أكثر أهل العلم يستعينون على الحفظ بالعمل[46]  .

         وبهذا يتقن المتعلم ما تلقى , ويحسن العمل به , ويكتسب الدعاة مهارة في حسن الدعوة إلى الله عز وجل , كلما ازداد تدريبهم , بإشراف علماء متخصصين , فحبذا لو يتاح التدريب العملي المتنوع في ميادين متعددة , ومستويات مختلفة . والانطلاق من قاعات الدرس , إلى المساجد والمعاهد , والنوادي الثقافية , والجمعيات المتنوعة ومؤسسات رعاية الشباب ، وتتدرب الطالبات في الجمعيات  النسائية , ومدارس الطالبات , ونوادي الفتيات , ويتنقل المدرب بين مختلف المستويات , ويجتهد في تعدد الموضوعات , ويحسن الإبداع , في المناهج والأسلوب والوسائل ؛ لتصبح الدعوة سليقته وأكبر همه , يتفاعل في ميادينها بشغف وحب وسعة صدر , ويزداد سعادة واندفاعاً وراء واجبه , كلما أثمرت جهوده ,  وأينع عطاؤه .

         فإذا ما أعد الداعية هذا الإعداد العام الشامل , والتزم بذلك المنهج الرباني - مخلصاً لله عز وجل – سلك نفسه في عداد من قال فيهم رب العالمين : قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين [47]

الخاتمــة

           الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات , والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين , وبعد فقد انتهينا من هذا البحث إلى ما يلي :

1-      بيان كثرة التحديات التي تواجه الأمة الإسلامية , وخطورتها في هذا العصر .

2-      أهمية الإعداد الإيماني للدعاة وسبله ؛ لاستعادة فاعلياتهم , وتجديد نشاطهم , وشحذ عزائمهم , والعمل بدافع إيماني ذاتي .

3-      أهمية الإعداد النفسي ؛ لتتوفر فيهم شروط الداعية بأعلى الدرجات , وكمال الآداب , وتمام الأخلاق . من إخلاص النية لله عز وجل , إلى حسن الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة .

4-     أهمية الإعداد العلمي والثقافي , وتنوعه ,وأهمية تعلم التقنيات المعاصرة ،وبعض اللغات الأجنبية .

5-     أهمية الإعداد البدني ؛ ليتحمل الداعية مشاق مسؤولية الدعوة , والتحرك بها , وتوسيع نطاقها .

6-     تبين أهمية التدريب العملي , ودور الأداء المسلكي في نجاح الداعي .

7-     كل ما سبق بيانه , أصلته على أدلة من القرآن والسنة , وعمل السلف الصالح .

 

التوصيات – أقترح ما يلي :

1-     إنشاء مدارس ومعاهد وكليات للدعوة , تتعهد الطلبة منذ نعومة أظفارهم .

2-     حسن اختيار طلبة هذه المدارس والمعاهد والكليات , وفق ضوابط أخلاقية واجتماعية وعلمية .

3-     وضع برامج متميزة , تحقق تطلعات الأمة في إثبات شخصيتها واستعادة دورها الفاعل في الحياة , تقوم على الأسس المهمة التي أسلفت بيانها في هذا البحث .

4-     اختيار أعضاء الهيئات التدريسية , والإداريين والمشرفين من المتخصصين , المشهود لهم بالعدالة والاستقامة والغيرة على الإسلام .

5-     الاهتمام بالإناث اهتمامنا بالذكور ؛ لتخريج داعيات مؤهلات فاعلات , تفين بمتطلبات القطاع النسائي .

6-     ضمان حياة كريمة عزيزة للمشتغلين في ميدان الدعوة ,تتيح لهم التفرغ لها،  بعيداً عن أي ضغوط مادية أو أدبية .

7-     الاهتمام بجميع فئات المجتمع , في جميع التخصصات , والسعي إلى إيجاد نخبة ممتازة في كل تخصص , تلم بالدعوة وأصولها , تتولى الدعوة وشؤونها في فئتها .

8-     توسيع نطاق الدعوة في جميع قطاعات المجتمع , في العمال والفنيين وأصحاب الحرف , وفي المثقفين وذوي الاختصاصات المتميزة ,وفي القطاعات الخاصة المتنوعة , والقطاعات العامة ؛ ليستعيد الرعاة والرعية دورهم في الدعوة والأمر بالمعروف , والنهي عن المنكر,والنصح للمسلمين، أئمتهم وعامتهم , بالحكمة والموعظة الحسنة .

9-      توجيه الاهتمام إلى جميع المستويات: الأطفال والفتيان والشباب والكهول،  وإعداد برامج مناسبة لكل مستوى .

10-      الاهتمام بجميع المؤسسات والنوادي الرياضية والثقافية , والجمعيات الاجتماعية والتخصصية , والنقابات , وندب متخصصين للدعوة إليها .

11-      الاستفادة من جميع وسائل الإعلام في بيان التحديات المعاصرة ؛ المادية والثقافية والترويحية ...  وبيان موقف الإسلام منها , وتقديم بدائل مشروعة لها , وبيان حقيقة الإسلام :  عقيدة , وعبادة , ومعاملة , وسلوكاً , وآداباً , وقيماً ... على أن يتولى هذا العلماء الربانيون , الموثوق بدينهم وعلمهم وخلقهم .

12-     أن يتولى مؤسسات الدعوة إدارات مستقلة , كاستقلال القضاء ؛لتبقى دعوتها خالصة لله عز وجل , وإعلاء كلمته , بعيدة عن أي ميل أو هوى , ترتبط بمجلس أعلى من كبار الأئمة والعلماء , يتمتعون بحصانة دستورية معتبرة , تتيح لهم الحرية في ميدان عملهم .

13-     توثيق الصلات والتعاون بين المؤسسات الدعوية في كل إقليم ، والسعي إلى توحيد جهودها ومناهجها .

14-     تأسيس رابطة للمؤسسات الدعوية في البلاد العربية والإسلامية , رابطة مستقلة لا صلة لها بالأمور الخاصة بأية دولة ، تسعى إلى بيان التحديات , وتوحيد الجهود , وتقديم البرامج والخطط الدعوية المناسبة , مع مراعاة خصوصيات كل إقليم .

15-     توحيد جهود المراكز والرابطات الإسلامية , في البلاد غير الإسلامية , وتكوين مجلس أعلى في كل قارة , يسعى إلى توثيق الصلات بين جميع المؤسسات الدعوية , والتعاون بينها ، وتوحيد خططها ومناهجها الدعوية . وإقامة مجلس يضم ممثلين لمجالس القارات , يتولى شؤون الأمور الدعوية في البلاد غير الإسلامية .

16-     وأملنا كبير في تشكيل مجلس أعلى , يضم ممثلين عن رابطة المؤسسات الدعوية في البلاد العربية والإسلامية , وممثلين للمجلس الأعلى في البلاد غير الإسلامية , يتولى التنسيق والتعاون , وتبادل الخبرات , وتوحيد الجهود الدعوية , وكل ما يتعلق بشؤون الدعوة ؛ لتوكيد عالمية الدعوة الإسلامية , وعمومها وشمولها ,

 

والحمد لله رب العالمين  .

 

 

 

أ.د . محمد عجاج الخطيب

جامعة الشارقة كلية الشريعة والقانون