إسلام صنع في أمريكا

تبدو المقولة القادمة غير متوقعة, ولكنها بلا شك منطقية, ألا وهي :إذا كان مقدراً للإسلام أن يحقق في المستقبل المرئي نجاحاً في الغرب, فإنه سيحققه في الولايات المتحدة الأمريكية.


 وهناك اسباب كثيرة تؤيد هذا الرأي, بينما لاينفيه إلا القليل جداً من المعطيات.

أهم الأسباب التي تؤيد هذه المقولة, هو في المقام الأول التعدد والتنوع الديني الهائل في الولايات المتحدة الأمريكية.
فلا يوجد بلد في العالم – اللهم إلا البلاد المنخفضة (هولندا) – يتيح لمختلف الديانات والطوائف والفرق المختلفة حرية الحركة والعيش والشعور بالراحة, كما هو الحال في الولايات الأمريكية.
ولايعود السبب في هذا الى فتور ديني عند الأمريكيين, بل على النقيض ,فالانتماء الى كنيسة لايعد – كما يعد في بلدان الغرب – احد مظاهر الفكر المحدود, بل هو امر محمود.
ولكن السبب الحقيقي في رأيي أن الولايات المتحدة منذ نشأتها ,تمثل الملاذ وبلد المهجر لأناس فروا من بلادهم بسبب الاضطهاد الديني.
ومن هذا المنطلق ,خبر الجميع من البداية ,أن حالة التعايش السلمي الداخلي لن تتأتى إلا بالحرية الدينية المكفولة لكل فرد.
فالتعدد والتنوع الديني في أمريكا يستند الى العقل, لا الى اللامبالاة أو اللاإرادية.
ولكن يمكن القول إن أمريكا لم تولد كبلد يقبل التنوع والتعدد بسهولة, بل استطاع ان يكتسب هذه الصفة وهذا التسامح بصعوبة.
هناك عامل آخر يعزز من فرص الإسلام في أمريكا, فالإسلام لايمثل في العقل الجمعي أي خطر أو تهديد.
فبعد طرد الإنجليز, اهتم الأمريكيون – على وجه الخصوص – بما يجري في كل من أمريكا الوسطى والجنوبية.
أما العامل الآخر الذي يظهر في صالح الإسلام, فهو عدم ظهور المسلمين كجماعة إثنية عرقية واحدة, فهم ينتمون الى كافة بلدان العالم وكافة الأعراق المختلفة, وهذا لايعني بطبيعة الحال أن لاتجد مساجد ذات صبغة هندية وباكتسانية وأخرى عربية وثالثة أفروأمريكانية, ولكن يبقى في نهاية الأمر حقيقة أن المشهد الإسلامي في أمريكا متعدد الأعراق.
الاستثناء الوحيد تلقاه في مدينة ديربورن بالقرب من ديترويت, حيث لاتكاد تلقى سوى شيعة لبنانيين, كما تمثل الدوائر الصوفية استثناء آخر, فمعظم المتصوفة الأمريكيين من ذوي البشرة البيضاء, يفضلون الانغلاق على أنفسهم وعدم الأختلاط بغيرهم!
إذا كانت هناك مجموعة متماسكة ومترابطة من المسلمين, فهم الفروأمريكيين. ولكن هؤلاء ليسوا مهاجرين يمكن ترحيلهم الى بلادهم, ويعتقد الكثيرمن المسلمين السود أن أسلافهم الذين وقعوا في رق العبودية كانوا مسلمين, كما أنهم على يقين ان أسلافهم حملوا على سفن يملكها يهود الى أمريكا, حيث أصبحوا : "بضاعة" لتجار رقيق مسيحيين.
وهناك قوائم تحمل اسماء سفن العبيد ومالكيها اليهود تتداولها أوساط السود.
ويحمل أعتناق الأمريكيين السود للإسلام اليوم احتجاجاً ثقافياً سياسياً وحنين الى الماضي.
أما العامل المميز للإسلام ولفرص انتشاره في أمريكا, فهو أن غالبية المهاجرين المسلمين أتوا – ويأتون الى يومنا هذا – كطلبة علم الى الولايات المتحدة, وبالتالي فإن الجزء الأعظم من أمة المسلمين في أمريكا يتألف من مسلمين على درجة عالية من التعليم والثقافة.
وأن تكون مسلماً في أمريكا يعني أن تكون أكاديمياً, وتدفع هذه الحقيقةعن الإسلام شبهة ان يكون دين اميين وجهلة.
بل على النقيض, هذه الحقيقة تمنح الإسلام وضعاً اجتماعياً متميزاً وموقفاً مالياً قوياً.
فعندما يجتمع المسلمون على عشاء بهدف جع تبرعات, سرعان مايجتمع مبلغ الـ 100 الف دولاء وذلك من عدد محدود جداً من الحضور.
ولقد رأيت بنفسي تبرعات تصل الى ربع مليون دولار.

المصدر: شباب عا نت