إدارة المشاريع: مهارات وممارسات (1)

نسعى بكم ومعكم في هذا المقال إلى تسليط الضوء على الأهمية الكبرى لمهارات وممارسات إدارة المشاريع الاحترافية، والتميز فيها وفق أحدث الإصدارات لمعهد إدارة المشاريع.



سنوضِّح الممارسات والمنهجيات والأدوات اللازمة لإدارة احترافية وفاعلة للمشاريع، بصرف النظر عن نوعها، سواء تنموية كانت أم تجارية أم إنشائية أم مجتمعية؛ فالممارسات واحدة، ولكنَّ الأهداف تختلف، وطريقة التطبيق تتنوع من مجال لآخر.

إنَّ ممارسات إدارة المشاريع الاحترافية من أهم الممارسات للمنظمات التي تطمح للوصول بالأفراد إلى احتراف الأدوات العلمية والمهنية لتحقيق أهداف مشاريعها بتكلفة قليلة، وفاعلية كبرى، وهذا يساعد على تحقيق الخطط الاستراتيجية للمؤسسة. فالعالم قائم على المشاريع، سواء مشاريع تنموية أم خاصة؛ ومن ثم، إنَّ تطوير وبناء قدرات ومهارات مسؤولي ومديري المشاريع، هو الاستثمار الأمثل نحو الارتقاء بالمؤسسات، وذلك من خلال رفع كفاءة العاملين لديها، لضمان تحقيق النتائج المخطط لها.

التخطيط الجيد للمشاريع هو الطريق السريع واليسير لكسب ثقة العملاء، وزيادة الحضور المجتمعي، ولا يتحقق هذا إلا بالتخطيط الجيد، والاستفادة من الخطط الإجرائية والتنفيذية والأدوات الاحترافية ضمن الدليل المرجعي لإدارة المشاريع (PMP).

وللوصول إلى هذه الفاعلية والكفاءة المطلوبة هناك أدوات ومهارات ووسائل لازمة من شأنها رفع مستوى القائمين على إدارة المشاريع التنموية والمجتمعية والخاصة؛ وذلك لتمكِّن مديري المشاريع من الانتقال من الإدارة الروتينية إلى القيادة التشاركية والتمكينية، المبنية على المعرفة والمهارات صلبة كانت أم ناعمة، باتباع منهجية علمية محكمة. فالمنهجية منظومة من الممارسات والأساليب والإجراءات والقواعد التي يستعملها مجموعة العاملين ضمن مجال مهني ما.

لقد استندنا في هذا المقال على الكتاب المعتمَد من "معهد إدارة المشاريع" (Project Management Institute)، وهو "الدليل المعرفي لإدارة المشاريع" (PMBOK)، الإصدار السادس لعام 2017، والإصدار السابع لعام 2021، من خلال مجموعة من السياسات، والإجراءات، والقواعد، والأدوات، والأساليب، ومراحل دورة الحياة اللازمة لممارسة إدارة المشاريع.

ولكن قبل أن نبدأ ببيان أهم الأدوات اللازمة في إدارة المشاريع، دعونا نسلط الضوء على أهم الإصدارات الخاصة بمعهد إدارة المشاريع، وتحديداً الإصدار السادس والإصدار السابع، وأهم الفروقات بينهما.

يعتمد الإصدار السادس، الذي أُصدِر عام 2017، على المعايير القائمة على العمليات، بينما الإصدار السابع الذي أُصدِر عام 2021، يعتمد في ممارساته على المعايير القائمة على العميل والمنتج النهائي.

ولمزيدٍ من تسهيل الأمر لغير المتخصصين في إدارة المشاريع دعونا نلخِّص أهم الأدوات والممارسات القائمة في إدارة المشاريع، التي لا يستغني عنها أحد في إدارة أي مشروع؛ إذ سُهِّلَت إدارة المشاريع من خلال قانون 566 في إدارة المشاريع، الذي يعتمد في مفهومه على:

قانون 566 في إدارة المشاريع

القانون الأول، وهو المبادئ الخمسة لإدارة المشاريع:

المبادئ الخمسة لإدارة المشاريع

القانون الثاني، المراحل الست لإدارة المشاريع:

المراحل الست لإدارة المشاريع

  1. تحديد وتصميم المشروع.
  2. إعداد المشروع.
  3. تخطيط المشروع.
  4. تنفيذ المشروع.
  5. الرقابة على المشروع، وتقييمه، والسيطرة عليه.
  6. انتقال المشروع/ انتهاء المشروع.

القانون الثالث، المعارف الست لإدارة المشاريع الاحترافية:

المعارف الست لإدارة المشاريع الاحترافية

 

المبادئ الخمسة لإدارة المشاريع الاحترافية:

نظراً لأهمية القوانين المذكورة آنفاً، نتناول في هذا المقال القانون الأول وهو المبادئ الخمسة لإدارة المشاريع الاحترافية، وتتمثل في:

1. التكامل في إدارة المشاريع:

يُعَدُّ التكامل بين جميع أصحاب المصلحة والمعنيين في المشروع من أهم المبادئ التي من شأنها الحفاظ على تنسيق الجهود بين الفريق، والحفاظ على المشروع من الانحراف، وهذا يضمن تكاملية العمل وتنسيق إدارة المشروع كافة، لضمان عمل عناصر تصميم، وتخطيط، وتنفيذ ومراقبة المشروع كافة.

2. التوازن في إدارة المشاريع:

بمعنى أنَّ المشاريع ينبغي أن تُدار بتوازن كامل في أثناء مراحل المشروع كافة، ومراعاة أن تكون الجهود كافة متساوية ومتوازنة.

3. الشمولية في إدارة المشاريع:

تُعَدُّ شمولية العمل داخل المشروع ركيزةً أساسيةً من شأنها تطبيق المعارف الست التي سنذكرها في هذا المقال ومقال قادم - بمشيئة الله - وإن كان الكتاب المعني بإدارة المشاريع ذكر 10 معارف لإدارة المشاريع، فمن الممكن الرجوع إليها، إلا أنَّنا سنقتصر على أهمها فقط، ومن ثم تُعَدُّ الشمولية أساساً لتطبيق الفروع المعرفية لإدارة المشاريع في أثناء دورة حياة المشروع.

4. التكرار في إدارة المشاريع:

إعادة النظر وتكرار عمليات إدارة المشروع خلال حياته؛ وذلك للتأكد من أنَّ تصاميم المشروع وخططه ونتائجه المرجوة ما تزال ذات صلة. توفِّر هذه الممارسة فرصة لتحسين دقة تقديرات المشروع الحالية والتخطيط للخطوات التالية.

5. التشاركية في إدارة المشاريع:

وتشمل مجموعة متنوعة من أصحاب المصلحة في تحديد، وتصميم، وتخطيط، وتنفيذ، ومراقبة المشروع بما يساعد على ضمان الشفافية، وتحسين الجودة، ورفع مستوى القدرات البشرية، وتعزيز تأييد المشروع على المستويات كافة.

وهنا تظهر مجموعة من الأسئلة الهامة جداً:

  • هل إدارة المشاريع هامة؟
  • لماذا إدارة المشاريع هامة؟
  • ما هي أهم التحديات التي تواجه إدارة المشاريع؟
  • ما هي أهم المفاهيم والأدوات الخاصة بإدارة المشاريع؟

مما لا شك فيه أنَّ إدارة المشاريع هامة جداً ولا يستطيع أحد إنكار ذلك، فأسهل أمور الإنسان هي مشروع يجب إدارته وفقاً لهذه القوانين؛ فشربة الماء تحتاج إلى خطة، ابتداءً من وجود حاجة، واستشعارها إلى شرب الماء، واتخاذ القرار بالشرب، وتحديد الآلية لتلبية هذه الحاجة.

إقرأ أيضاً: انفوغرافيك: 16 طريقة لتعزيز مهارة إدارة المشاريع

وتكمن أهمية إدارة المشاريع في أمور عدة:

إدارة المشاريع هي تطبيق المعرفة والمهارات والأدوات والتقنيات على نشاطات المشروع لتلبية متطلباته. وتُنجَز إدارة المشاريع من خلال التطبيق والدمج المناسبين لعمليات إدارة المشاريع المحددة للمشروع. وتمكن إدارة مشاريع المؤسسات من تنفيذ المشاريع بفاعلية وكفاءة؛ إذ تساعد الإدارة الفعالة للمشاريع الأفراد والمجموعات والمؤسسات العامة والخاصة على ما يأتي:

  1.  تحقيق أهداف الأعمال.
  2.  تحقيق توقعات المعنيين.
  3.  زيادة فرص النجاح.
  4.  تسليم المنتجات الصحيحة في الوقت المناسب.
  5.  حل المشكلات والإشكالات.
  6.  الاستجابة للمخاطر في حينها.
  7.  تحسين استعمال موارد المؤسسة.
  8.  إدارة القيود على سبيل المثال: النطاق، والجودة، والجدول الزمني، والتكاليف، والموارد.
  9.  موازنة تأثير القيود في المشروع.
  10.  إدارة التغيير إدارةً أفضل.
إقرأ أيضاً: 14 مبدأ لإدارة فرق العمل بطريقة فعالة

لماذا تُعَدُّ إدارة المشاريع هامة؟

إدارة المشاريع تتمتع بأهمية قصوى؛ وذلك لأنَّها تقود إلى التغيير. مما لا شك فيه أنَّ القائمين على المشاريع في القطاعات المختلفة كافة يعملون على تغيير العالم نحو الأفضل، من خلال الإسهامات التي يقومون بها ويعملون على تحقيقها.

يبدأ الأمر من بداية التفكير في مقترح المشروع، والإعداد له، مروراً بالتصميم وكتابة المقترح والميثاق الخاص به، وصياغة الوثيقة التي من شأنها تحقيق الأهداف الاستراتيجية الخاصة به، ووصولاً إلى مراحل التخطيط والتنفيذ والمتابعة، وختاماً بالإغلاق والانتهاء منه.

كما يجب متابعة ورصد التقدم في المشروع، وتقييم أثره ونتائجه في الفئة أو المنطقة المستفيدة. والأهم من ذلك، أنَّ المجتمعات المحلية المستفيدة ستستثمر وقتها، وطاقاتها، ومواردها في هذه المشاريع. وتثق بأنَّ هذه المشاريع سوف تعزز وتُبنى على نقاط قوَّتها، وتُعالِج التحديات التي عادةً ما تكون خارجة عن سيطرة تلك المجموعات.

ويتمتع متخصصو البرامج بمهارات كبيرة في تحديد بروتوكولات علاج الأمراض، وتطوير المناهج التعليمية للمدارس، وتصميم نظم زراعية محسَّنة، وتحليل الأسباب الجذرية للفقر. ومع ذلك، ليس من الشائع أن يكون لدى هؤلاء المتخصصين خبرة عريقة ومهارات في مجال إدارة المشاريع.

هل تقديرات المشروع دقيقة؟ وهل تم توقُّع مخاطر المشروع والسيطرة عليها تماماً؟ وهل خطط المشروع شاملة وتفصيلية؟ وهل يُراقَب تقدُّم العمل في المشروع على المستويات كافة؟ وهل تُحدَّد تحديات المشروع، وتُتَّبَع، وتُعالَج؟ وهل تُدار جوانب المشروع كافة إدارة استباقية طوال فترة تنفيذ المشروع؟

تابعونا في الجزء الثاني من هذا المقال لتناول أهم التحديات التي تواجه إدارة المشاريع، ولتتعرَّفوا أهم مفاهيم إدارة المشاريع الاحترافية الحديثة. وغيرها من الأمور التي يحتاج إليها كل مَن له صلة بإدارة المشاريع. بالإضافة إلى تناول بقية القوانين الخاصة بإدارة المشاريع التي ذُكِرَت آنفاً.

كَتَبَه الدكتور إسماعيل بكر.

استشاري التدريب القيادي والتطوير الإداري.




مقالات مرتبطة