إدارة الجودة الشاملة: مدخل إلى تطوير مؤسسات التعليم العالي

تُشكِّل إدارة الجودة الشاملة أحد أبرز الاتجاهات الحديثة في علم الإدارة، والتي ترتكز على مجموعة من المبادئ التي تهدف إلى بلوغ أفضل أداء ممكن للمؤسسة؛ فمن خلال استخدام الأدوات الكمية والنوعية لقياس مدى التحسن في جودة المنتج أو الخدمة، وتحقيق أهداف المؤسسة.



يشير "جوزيف جابلونسكي" في كتابه المعنون "إدارة الجودة الشاملة"، إلى أنَّ المفهوم وتطبيقه أحدث تحولات كبرى في عدد من الاعتقادات الراسخة في الإدارة، والتي من بينها أنَّ النجاح لا يتحقق إلا بزيادة المبيعات؛ حيث أشار إلى التطبيق العملي لأسلوب إدارة الجودة الشاملة، وأثبت إمكانية تحقيق وفورات كبيرة في العمليات تعادل أضعاف ما يمكن تحقيقه من زيادة المبيعات وحدها.

وعلى هذا النحو، تُعرَّف إدارة الجودة الشاملة بأنَّها شكل تعاوني لأداء الأعمال يعتمد على القدرات المشتركة لكلٍّ من الإدارة والعاملين، بهدف تحسين الجودة وزيادة الإنتاجية بصفة مستمرة من خلال فِرق العمل، فلا يقتصر تطبيق إدارة الجودة الشاملة على القطاعات الخاصة؛ بل يُطبَّق بالكفاءة نفسها على قطاعات الأعمال العامة والحكومية، وبحسب الكتاب، تستند إدارة الجودة الشاملة إلى عدد من المبادئ تتمثل في التركيز على العميل، وكذلك التركيز على العمليات والنتائج معاً، بجانب الرقابة المانعة، وتعبئة خبرات القوى العاملة، واتخاذ القرارات استناداً إلى الحقائق، فضلاً عن التغذية العكسية.

ويُعَدُّ قطاع التعليم العالي في المملكة من أبرز القطاعات التي تأثرت بتطبيق إدارة الجودة الشاملة؛ وذلك لكونها أحد المتطلبات الرئيسة لتحقيق معايير الاعتماد الأكاديمي؛ إذ يُسهم مفهوم الجودة الشاملة في تحسين مدخلات العملية التعليمية، ويُنتج مخرجات تساعد على دعم جهود التنمية التي تشهدها المملكة في ظل رؤية 2030.

إقرأ أيضاً: ما هو نظام فارس؟

وقد أظهرت نتائج دراسة بعنوان "أثر تطبيق مفهوم إدارة الجودة الشاملة في جودة الخدمة التعليمية بمؤسسات التعليم العالي في المملكة العربية السعودية" أنَّ لتطبيق مفهوم الجودة الشاملة أثراً إيجابياً في الإصلاح المؤسسي في التعليم العالي، وإلمام القيادات الأكاديمية والإدارية في الجامعات السعودية بضرورة تطبيق مفهوم الجودة الشاملة، الذي يُعَدُّ بدوره أحد المعايير الأساسية للاعتماد الأكاديمي المؤسسي.

ومما لا شك فيه، أنَّ جهود تطبيق معايير الجودة الشاملة تستلزم الاستمرارية؛ ذلك لأنَّها عملية متواصلة، تتطلب تصميم برامج تدريب تخاطب الكوادر والفئات في الجامعة كافةً، سواءً من الموظفين والطواقم الإدارية أم من أعضاء هيئة التدريس، بالإضافة إلى الاستفادة من الخبرة الأجنبية في هذا المجال الحيوي والهام.

وختاماً، يمكن القول: إنَّ تطبيق إدارة الجودة الشاملة يؤدي بالضرورة إلى إدخال العديد من التحسينات الهامة في جميع مجالات العمل في المؤسسات، ويطور ما تقدِّمه من خدمة أو منتج بما يفيد المجتمع.

 

تم كتابة المقال بواسطة الكاتب أ. عبود بن علي ال زاحم




مقالات مرتبطة