أوقفوا السخرية من زيادة الوزن في فترة انتشار وباء كورونا

تزامناً مع مكوث النَّاس حول العالم في بيوتهم، آملين تفادي تفشِّي الفيروس، يزداد استخدامهم لـِ "الميمز" -شعار أو فكرة تنتشر بسرعة من شخص إلى آخر من خلال الإنترنت- والمزاح فيما يخصُّ الوضع الراهن؛ فمن الواضح أنَّ الجميع يلجؤون إلى الضحك والأمور المسلية، وذلك بغية تخفيف وطأة ما نمرُّ به من توترٍ.



بينما يفشل التخطيط في تسيير التعليم عن بعد، ويزداد إلقاء النكات حول ارتداء ملابس الرياضة على مدار اليوم؛ نلحظ وابلاً من "الميمز" التي تتمحور حول زيادة الوزن والإفراط في تناول الطعام، والتي تصوِّر من يعانون فقدان الشهية وكأنَّهم مُهيَّؤون لهذا الوقت من ندرة الغذاء منذ زمن، كما أنَّ كميّة التعليقات الساخرة التي تتداولها مواقع التواصل الاجتماعي بخصوص النَّهم، تماثل التعليقات عن الإرشادات التي تتعلَّق بكيفية غسل اليدين.

إليكَ أبرز الأسباب التي تدفعك إلى التفكير كثيراً قبل نشر أيِّ شيءٍ يرتبط بالسمنة وشكل الجسم وما إلى ذلك، لكن في بادئ الأمر، دعنا نتحدَّث عن السخرية من السمنة، فعندما تذكر في تعليقٍ أنَّ أسوأ ما قد يحدث على الإطلاق خلال فترة الحجر الصحي هو أن تكسب بعض الوزن، فإنَّك توجِّه بذلك رسالةً مزعجةً -حتَّى وإن لم تقصد- إلى كلِّ من هو أكثر منك وزناً؛ وهذا أمرٌ مؤذٍ، إذ تجعل منهم بفعلك هذا موضوعاً للتهكم، إنَّنا جميعاً نعاني في هذه الأيام، وعلى اختلاف أشكال أجسامنا وأحجامنا.

أدلى بعض الباحثين بحفنةٍ من الأدلة حول أنَّ الاستهزاء والاستخفاف بموضوع البدانة قد يترافق مع نتائج وخيمةٍ وسلبية، فعندما تتحدَّث بسلبيَّةٍ عن وزنك الزائد الذي اكتسبته، تكون بذلك قد استهزأت بمشاعر الآخرين ممَّن يتابعون ما تقول؛ أو إن عبَّرت عن مخاوفك واشمئزازك عن مقدار ما اكتسبته من زيادة وزنٍ خلال فترة الحجر الصحي، فما هو موقف الشخص الذي يزيد وزنه أيضاً ممَّا تقول؟

إقرأ أيضاً: في ظل كورونا: نصائح للعائلات التي يعاني أحد أفرادها من التوحد

ملاحظة جانبيَّة: إن كان رأيك بأنَّ السخرية ممَّن يعانون السمنة واجبة، مدَّعياً أنَّك بذلك تدفعهم إلى عاداتٍ غذائيةٍ جيدة، فأنت لست على حقٍّ بكلِّ تأكيد، فمن يعاني مشاكل لها علاقةٌ بالوزن مهيَّأٌ دائماً لاكتسابه، ويكون أكثر عرضةً إلى فقدان السيطرة على الوزن، كما ولا تُجْدِ السخرية من شكل الجسم نفعاً في خسارة الوزن.

وهذا سببٌ آخر يدفعك إلى التفكير ملياً قبل كتابة أيِّ منشورٍ يتعلَّق بالبدانة والسخرية منها، أو إلقاء الدعابات حول تناول الكثير من الطعام، إذ يتضاعف عناء الكثيرين ممَّن يعانون اضطراباتٍ في الشهية في هذه الأوقات. إنَّ شحَّ الغذاء -سواءً كان واقعياً أم محض خيال- يحفِّز التصرفات والتفكير المضطَّربين ويضاعفهما، ناهيك عن أنَّه يدفع إلى الشراهة في الأكل، فالذين لديهم نهمٌ واضطراباتٌ في شهيَّتهم، لابدَّ وأنَّهم يعانون في التعامل مع وضعهم والتغلب عليه. تذكَّر أنَّ المنشوارت التي تتعامل مع ما يعانون منه بسخرية، تترك أثراً سيِّئاً لديهم، وتُفاقم من حالتهم، في الوقت الذي يعملون فيه بجدٍّ على التحكم بزمام الأمور.

وفي النهاية، إنَّ الاستخفاف بجسمك ونشر تعليقاتٍ سلبية حول ذلك قد يؤذيك؛ ولو كان هذا من باب الدعابة وخفَّة الظلِّ لا أكثر، إذ يبعث الخوض في أحاديثٍ من هذا النوع شعوراً سلبياً في نفوس الآخرين حول أجسادهم. إن كنت تعاني من زيادة الوزن في هذه الفترة، فاصرف تركيزك عن ذلك الأمر، وحاول أن تبقى إيجابياً عوضاً عن ذمِّ شكل جسمك بين الفينة والأخرى، وخصِّص بعض الوقت للتواصل مع من تحب، أو شاهد صوراً لحيواناتٍ لطيفة، أو ابحث عن طرائق تساعدك في دعم الأفراد المستضعفين في المجتمع ومدِّ يد العون لهم.

ضع في عين الاعتبار دوماً أنَّ الأوقات العصيبة هذه قد تفتح المجال لبعض المشاكل النفسية للعودة من جديد؛ لذلك، انثر لطفك أينما حللت، وعلى كلِّ من حولك؛ في الواقع، وفي العالم الافتراضي. وبدلاً من كسب بعضٍ من الوزن، انتهز هذا الوقت في التعاطف مع جسدك ومُداراته، وبهذا تغدو حتماً أكثر دماثةً مع الآخرين أيضاً. ولا تنسَ أنَّ الكثير من الأطباء النفسيين يُقدِّمون جلسات معالجةٍ عبر الإنترنت إبَّان هذه الفترة؛ لذا إن كنت بحاجةٍ إلى أيِّ مساعدة، فلا تتردَّد، إذ لا ريب أنَّ العلاج من خلف الشاشة أفضل بكثيرٍ من عدمه.

إقرأ أيضاً: 13 نصيحة هامة كي تحافظ على اتزانك في العزل الذاتي

إنَّ استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لتبقى على اتّصالٍ بالآخرين هو مسار الحياة في هذه الأيام، لكن احرص على ألَّا يكون ذلك على حساب جسدك أو الآخرين. أنت أكثر من مجرَّد وجودٍ فيزيائي، وكذلك مَن هم حولك؛ لذا اجعل من استخدامك للدعابة مبعثاً للأمل والتفاؤل والسعادة، وحتَّى مشاركة المعلومات المفيدة؛ وذلك بدلاً من السخرية من جسمك.

 

المصدر




مقالات مرتبطة