أهمية الثقافة التنظيمية في التحكم بزمام العمل
"لديهم هدفٌ مُشترك وعليهم أن يتعاونوا لتحقيقه". كان هذا تعليقاً حديثاً أدلى به "تشيب كيلي" (Chip Kelly) كوتش فريق "فيلادلفيا إيجلز" (Philadelphia Eagles) في دوري كرة القدم الأمريكية (NFL)، وكان قد علَّق أيضاً أنَّ "الثقافة تغلب الخطط"، وذلك حين عمل على تبديل أحد لاعبيه المميزين، الذي عُرِفَ عنه التزامه العالي وقيادته للفريق.
ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن المُدوِّن "رون توماس" (Ron Thomas)، يُحدِّثنا فيه عن أهمية الثقافات التنظيمية في بناء علاقات عملٍ متينةٍ بين الموظفين بهدف تحقيق أفضل النتائج.
يقول "ديفيد كارتر" (David Carter)، المدير التنفيذي لـ "معهد الأعمال الرياضية في جامعة جنوب كاليفورنيا" (University of Southern California Sports Business Institute): "عندما تحدَّث "كيلي" عن الثقافة، كان يتحدَّث عن نهجٍ شامل، أمَّا الخطة، فتقتصر على تحقيق الكمال في الميدان، و"كيلي" قائد الفريق، وعليه أن يفهم كل جانبٍ من جوانب العمل، وعليه أن يوضِّح أهدافه لكل لاعبٍ دائماً، مثلما يجب أن يتصرف رجال الأعمال مع كل موظف".
لقد عملنا جميعاً مع أشخاصٍ يصعب التفاهم معهم في بعض الأحيان؛ أي الناس الذين ينجحون في مختلف مراحل حياتهم المهنية لكن يصعب التعامل معهم عموماً، وفي الكثير من المؤسسات، كنا نتجاهلهم، بينما ننتقدهم في قرارة أنفسنا، ومع ذلك، فقد أرسل كوتش كرة القدم الأمريكية هذا رسالةً قوية؛ إمَّا أن تؤمن بالثقافة العامة التي يحاول إنشاءها، أو أن تغادر.
وبالنسبة إلى أيِّ قائدٍ يحاول صياغة رسالة وبناء ثقافة تؤدي به إلى النجاح، عليك أحياناً اتخاذ قراراتٍ جريئة.
عملتُ ذات مرة في مؤسسةٍ؛ وكانت معنا إحدى "الشخصيات الهامة"، التي اعتادت تغيير مساعديها الإداريين على الدوام، وكانت دائماً تختلق المشكلات، لتتحمل مُساعِدتها الإدارية المسكينة اللوم الأكبر بعد ذلك.
وقد حدث أحد المواقف؛ إذ خرجت مُساعِدتها الشابة لتناول الغداء ولم تَعُد، فكانت هذه أول مرة أشهد بها هذا الموقف، لكنَّني تفاجأت عند سماع رد فعل القائد عليه؛ إذ علَّقت ضاحكة عن كيفية استقالة هذه الشابة المتخرِّجة حديثاً من الجامعة، ولا يوجد شيء من الحديث عما تسبَّبت به تلك المرأة من مجموعة ظروف مؤسفة، ففي عقل القائد، كان اللوم يقع على عاتق الشخص الذي غادر.
اختلاق أعذار أقبح من ذنب:
"أنت تعرف طبعها؛ هي تنزعج في بعض الأحيان فحسب، لكنَّها شخصٌ طيبٌ في أعماقها"، و"إنَّها أفضل مسؤولٍ عن تطوير الأعمال لدينا؛ إذ إنَّها تجلب الكثير من العمل".
عندما سمعت كل تلك الأعذار عن هذه المشرفة، علمت بأنَّني لن أبقى طويلاً في تلك المؤسسة؛ فكيف يمكن لهؤلاء السماح لهذه التصرفات المتمردة بالانتشار، وعلى أيِّ حال، انتهت كل هذه المصيبة حينما وصلت مديرة تنفيذية جديدة أوقفتها عن حدِّها أخيراً.
شاهد: 6 أسباب وراء فشل فريق العمل
ضرب الحديد وهو حامٍ:
أُطلعت المديرة التنفيذية على وضع تلك المشرفة، لكنَّها لم تتعامل مع الأمر فور وصولها؛ بل أخذت وقتها إلى أن حصلت مشكلة أخرى، والحقيقة أنَّ الأشخاص مثل هذه المشرفة لا يستطيعون مساعدة أنفسهم إلا عبر طلب المساعدة المختصة، والعلاج الذاتي لن يجعل منهم شخصاً أفضل؛ لذا سرعان ما اندلعت مشكلة أخرى.
عندما حدث ذلك، استدعتها المديرة التنفيذية الجديدة على الفور وتناقشتا في الوضع، وأخبرتها أنَّها لن تتسامح مع هذا النوع من السلوك من أيِّ شخص، فكان ينبغي أن ينتهي الأمر هنا، لكنَّ شأنها شأن معظم المتكبرين، لا يمكنهم الكف عن سلوكاتهم.
لذا بعد بضعة أسابيع، حدثت مشادة كلامية أخرى، وفي غضون ساعة، اصطُحبت المشرفة المزاجية المغترَّة بنفسها إلى خارج المبنى، وكانت توجد "موجة" من المشاعر بين القوى العاملة المنتشرة في الطوابق المختلفة؛ إذ قابلت المتنمِّرة مَن يوقفها عند حدِّها أخيراً، وأصبحت الآن من الماضي.
ينتشر الأمر كالنار في الهشيم:
أرسل ما حدث رسالةً قوية تردَّد صداها وقتاً طويلاً، وكان مفادها بكل بساطة: إنَّ سلوكاً مثل هذا لن يُتهاون معه أبداً.
أثارت هذه الرسالة صدمة للكثير من المتنمِّرين الذين كانوا قد بدؤوا للتو محاكاة السلوك الفظيع لتلك المشرفة؛ فعندما يتجلى هذا النوع من السلوك الغريب، فسيلاحظ الناس ويشعرون بأنَّهم يستطيعون الإفلات من العقاب؛ لذا كان من الهام القضاء عليه على الفور، فإن كانت مؤسستك تقوم بصياغة وتبديل ثقافتك، فعليك العمل بجد والتأكد من أنَّك لا تبذل كامل جهدك في جميع الأوقات.
لذا مهما كانت "خطتك"، دع ثقافتك تتولى القيادة؛ لأنَّها ما ستقودك نحو وجهتك، ثم إنَّ من الهام أن يتحمَّل كلٌّ منَّا مسؤولية الآخر؛ لأنَّه بالنهاية سيستغرق الأمر كل جهودنا، فضلاً عن العمل بسلاسةٍ بصفتنا فريقاً لتحقيق ذلك، فامنح موظفيك مفاتيح ثقافتك، ثم استرخِ واستمتع بالنتائج.