أهم 10 أسئلة يمكن أن تطرحها على نفسك

عندما تدير مدونة تطوير شخصية ناجحة وتقدِّم تدريباً عن الحياة طوال عقد من الزمان سيصبح لديك شيء واحد واضح تماماً، وهو: كل الأشخاص لديهم الرغبات والاحتياجات الأساسية نفسها.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن المدون "مارك كرنوف" (Marc Chernoff)، ويُقدِّم لنا فيه أهم 10 أسئلة يمكن أن نطرحها على أنفسنا.

على مَرِّ السنين تعرفت أنا وزوجتي إلى آلاف الأشخاص من خلفيات عرقية مختلفة، ومن مدن ودول مختلفة، ويعيشون في مستويات اجتماعية واقتصادية مختلفة، وصدِّقني أنَّ كل واحد منَّا يريد الأشياء نفسها على نحو أساسي، إنَّنا نريد التأييد والحب والسعادة والرضى والمال والأمل في مستقبل أفضل، والطريقة التي نسعى بها إلى تأمين هذه الاحتياجات هي التي تختلف، ولكن تبقى الأساسيات هي ذاتها.

فكر في الأمر؛ إذا سألتك: "أجِبْنِي بسرعة، وفي جملة واحدة، ما الذي تريده من الحياة؟"، أراهن أنَّ إجابتك المتسرعة ستكون شيئاً مثل: "أريد أن أكون سعيداً، وأن يكون لدي أسرة رائعة، وأن أعمل في مهنة أحبها ذات دخل جيد"، ستكون إجابتك شائعة جداً وواسعة الانتشار لدرجة أنَّها لا تعني شيئاً، وهذا هو بالضبط السبب في أنَّ الأسئلة التي لا معنى لها مثل هذا السؤال غير مفيدة، ومع ذلك هذا هو بالضبط نوع الأسئلة التي كثيراً ما نطرحها على أنفسنا.

إذاً ما هو نوع الأسئلة التي قد تطرحها بدلاً من ذلك؟ الأسئلة التي تضعك في موقف صعب، وتساعدك على تقبُّل التضحيات التي يتطلب القيام بها للوصول إلى حيثما تريد أن تذهب، الأسئلة التي تحفزك على التركيز على الخطوة التالية التي يجب اتخاذها؛ بعبارة أخرى أسئلة مثل العشرة أسئلة الآتية:

1. ما هو الأمر الذي يستحق المعاناة من أجله؟

إذا كنت تريد الحصول على فوائد من شيء ما في الحياة فيجب أن تتحمل الثمن أيضاً؛ على سبيل المثال إذا كنت تريد الحصول على عضلات البطن الست فعليك أن تتعب وتذهب إلى صالة الألعاب الرياضية، وأن تتناول وجبات منخفضة الكربوهيدرات، وإذا كنت تريد الحصول على عمل تجاري ناجح فعليك أن تسهر الليالي، وتقوم بصفقات، وتتخذ قرارات تجارية حاسمة، وأن تتوقع الإخفاق خمسين مرة لتتعلم ما تحتاج إلى معرفته لتحقيق النجاح.

إذا وجدت نفسك تريد شيئاً ما شهراً بعد شهر، وعاماً بعد عام، ومع ذلك لم يحدث أي شيء ولم تقترب منه أبداً فربما يكون ما تريده حقاً هو مجرد المثالية، والخيال، والوعود الكاذبة، وربَّما لا تريده على الإطلاق؛ لأنَّك لا ترغب في تكبد العناء اللازم لتحقيق ما تريده.

2. بناءً على روتيني وأفعالي اليومية، أين يمكن أن أكون بعد خمس سنوات؟

هذا السؤال يدعم السؤال الأول، إذا كانت لديك فكرة عمَّا تريد أن تبدو عليه حياتك في الفترة القادمة فعليك القيام بأشياء تدعم هذه الفكرة كل يوم، بالتأكيد لن تستفيد من الفكرة بأي شيء إلى أن تفعل شيئاً مثمراً بها، في الواقع طالما أنَّ هذه الفكرة العظيمة تكمن في رأسك؛ فإنَّها تضر أكثر ممَّا تنفع.

يعرف عقلك الباطن أنَّك تسوِّف في شيء هام بالنسبة إليك، يسبب العمل الضروري الذي تستمر في تأجيله التوتر والقلق والخوف وعادةً ما يؤدي إلى المزيد من التسويف؛ أي إنَّك تعلق في حلقة مفرغة تزداد سوءاً حتى تقطعها باتخاذ إجراء.

شاهد بالفيديو: 10 عبارات مُلهمة عن الحياة

3. ما الذي يجب أن أقضي عليه وقتاً أطول أو أقل في المستقبل؟

يقضي معظمنا كثيراً من الوقت فيما هو عاجل ولا نقضي وقتاً كافياً فيما هو هام؛ بمعنى آخر لا تتعلق الإنتاجية بإنجاز الأشياء فقط؛ بل تتعلق بإنجاز الأشياء الصحيحة؛ لذا في نهاية كل يوم انظر كيف قضيت وقتك، وأجرِ التعديلات اللازمة ليوم غد، وابذل قصارى جهدك للتخلص من تعقيدات جدولك الزمني؛ حتى تتمكن من قضاء المزيد من الوقت على الأمور الهامة.

هذا يعني ضبط جميع المهام وإلغاؤها باستثناء المهام الضرورية، بحيث يتبقى لك فقط المهام التي تضيف قيمة إلى حياتك، وقبل كل شيء اعرف متى يجب أن تستبعد الأشياء الهامة من أجل الأشياء الضرورية، مثل الأسرة.

4. ما هي الخدمة التي أقدِّمها؟

كما قال الطبيب النفسي النمساوي فيكتور فرانكل (Viktor Frankl) ببلاغة: "لا تسعَ إلى النجاح؛ فكلما سعيت إليه وجعلته هدفاً ستفوِّته أكثر؛ فالنجاح مثل السعادة لا يمكن السعي إليه؛ بل يتحقق كأثر جانبي عابر لالتزام الفرد الشخصي بقضيةٍ كبرى"؛ لذا فكر بطموح، وكن جزءاً من شيء أكبر منك.

على سبيل المثال يؤدي بعض الأشخاص دوراً نشطاً في مجلس مدينتهم المحلي، ويجد بعضهم الآخر ملاذاً في عقيدتهم أو عائلاتهم، وينضم بعضهم إلى النوادي الاجتماعية التي تدعم بعض القضايا، ويجد آخرون شغفاً في حياتهم المهنية، في كل حالة تكون النتيجة النفسية هي ذاتها؛ فهم يقومون بشيء يؤمنون به بشدة، وهذا يجلب لهم السعادة والنجاح والمعنى لحياتهم.

5. ما الذي أتظاهر بأنَّني لا أعرفه؟

دائماً ما يعود إنكار الواقع ليطاردك، لديك طريقتان يمكن أن يخدعك بهما عقلك الباطن؛ الطريقة الأولى هي تصديق ما هو غير صحيح، والأخرى هي رفض تصديق ما هو حقيقي، وكلاهما شكل مأساوي من خداع الذات؛ لأنَّ الشخص الذي يكذب على نفسه ويصغي إلى أكاذيبه يصل إلى درجة أنَّه لا يمكنه تمييز الحقيقة التي بداخله أو من حوله، ومن ثمَّ يفقد احترامه لنفسه وللآخرين الذين يهتم لأمرهم؛ لذلك لا تكن هذا الشخص، فقد تتاح لنا الاحتمالات كلها عندما نتوقف عن خداع أنفسنا.

6. ما هو الرفض الذي تلقيته سابقاً وما يزال يعوقني اليوم؟

في كثير من الأحيان نسمح لشيء حصل معنا في الماضي بإملاء كل خطوة نقوم بها، نحن نصدق ما قاله لنا شخص معتد بآرائه أو ما فرضته علينا ظروف معينة سابقة، بالطبع لا يعني الرفض الذي تلقيناه سابقاً في حياتنا أنَّنا لسنا جيدين بما فيه الكفاية؛ بل هذا يعني أنَّ شخصاً أو ظرفاً ما من ماضينا لم يوافق ما قدمناه في ذلك الوقت؛ وهذا يعني أنَّنا ظفرنا بمزيد من الوقت للتحسن، ولاعتماد أفكارنا، وإتقان حرفتنا، والانغماس في عملنا انغماساً أعمق، لا تدع الرفض الذي تلقيته سابقاً يتغلغل في رأسك؛ بل حاول أن تتخلص منه.

شاهد بالفيديو: 7 حقائق عليك أن تفهمها عن الحياة

7. ما الذي لا أريد أن يعرفه الآخرون عني؟

يصب هذا السؤال في قلب مخاوفك؛ لذا دعه يذكرك أنَّ المشكلات والعيوب هي جزء من حياة الجميع، وإذا حاولت إخفاءها فأنت لا تمنح الأشخاص في حياتك فرصة للتعرف إليك حقاً، وتسمح للمشكلات الصغيرة بالتصاعد والسيطرة على ثقتك بنفسك.

قد يكون الأمر مزعجاً عندما ترتكب خطأ ما، ولكن لا تتكتَّم على الأمر؛ بل كن منفتحاً حياله وعالجه وامضِ قدماً، في الحقيقة إنَّ مشكلاتنا هي نِعمٌ بالنسبة إلينا إذا استخدمناها لنزداد قوةً، وفي النهاية سيرى الأشخاص الموجودين في حياتك مشكلاتك وعيوبك على أنَّها علامات تدل على أنَّك إنسان مثلهم.

8. هل يساعدني الناس من حولي أم يؤذونني؟

جزء كبير من شخصيتك في الحياة له علاقة بمن تختار أن تحيط نفسك به، وكما تعلم من الأفضل أن تكون وحيداً على أن تكون مع رفقة سيئة، ولا يمكنك أن تتوقع أن تعيش حياة إيجابية ومُرضية إذا كنت تحيط نفسك بأشخاص سلبيين، فإنَّ إبعاد نفسك عن هؤلاء الأشخاص ليس بالأمر السهل؛ لكنَّه يكون أكثر صعوبة عندما يكون هؤلاء الأشخاص أصدقاء مقربين لك أو أفراد من العائلة.

مهما كان الأمر صعباً فهو شيء تحتاج إلى معالجته، بالطبع يتحكم الحظ بمن يدخل حياتك إلى حد ما، خاصةً فيما يتعلق بالعائلة وأصدقاء الطفولة؛ لكنَّك أنت الذي يقرر من الذي تقضي معظم وقتك معه.

9. كيف أوازن بين المشاعر والرغبات؟

غالباً ما تعارض رغباتُنا مشاعرَنا؛ لذا ابحث عن التوازن بين التخطيط والحضور بين السعي والتقدير، واعمل بجد، ولكن لا تبحث عن شيء أفضل كل ثانية، ويجب أن تكون على استعداد لتقليل تمسُّكك بالحياة التي خططت لها حتى تتمكن من الاستمتاع بالحياة التي تنتظرك في هذه اللحظة.

10. ما الذي يستحق الابتسام الآن؟

كما يصف المؤلف الأمريكي شون أكور (Shawn Achor) في كتابه الذي يحمل عنوان "ميزة السعادة" (The Happiness Advantage) أظهرت دراسة علمية حديثة أنَّ الأطباء الذين يوضعون في حالة مزاجية إيجابية قبل إجراء أيِّ تشخيص تتعزز قدراتهم الفكرية أكثر من الأطباء الذين يكونون في حالة محايدة؛ ممَّا يتيح لهم القيام بتشخيص دقيق أسرع بنسبة 20% تقريباً.

إقرأ أيضاً: 7 أسئلة تطرحها على نفسك عندما تشعر بأنَّك عاجز عن تغيير ظروفك

انتقلت الدراسة نفسها إلى مهن أخرى ووجدت أنَّ مندوبي المبيعات المتفائلين يتفوقون على نظرائهم المتشائمين بالبيع بنسبة أكثر من 50%، وكذلك يتفوق الطلاب المستعدون للشعور بالسعادة قبل إجراء اختبارات الرياضيات على نحو كبير على أقرانهم المحايدين؛ لذلك اتضح أنَّ عقولنا مجبولة على الأداء بصورة أفضل عندما تكون إيجابية، وليس عندما تكون سلبية، أو حتى محايدة.

إقرأ أيضاً: 10 أسئلة سريعة ستغير طريقة تفكيرك اليوم

في الختام:

في كلِّ لحظة تمتلئ الحياة بالأسئلة التي لم يُجاب عنها؛ لكنَّ الشجاعة للبحث عن هذه الإجابات هي التي تعطي معنى لحياتنا؛ بصراحة يمكنك أن تقضي حياتك منغمساً في حالة من اليأس، وتتساءل لماذا كنت الشخص الذي قِيد إلى طريق مليء بالمتاعب والارتباك، أو يمكنك أن تكون ممتناً؛ لأنَّك قوي بما يكفي للصمود في وجه محن الحياة والتقدم إلى الأمام.




مقالات مرتبطة