أنت قدوة لابنك

 

إن من يقرأ هذا العنوان قد يتبادر إلى ذهنه كلمة (لعلك) أو (كن) قدوة لابنك، وأنا في الحقيقة أرى أن الأب والأم هما العينان التي يبصر بهما هذا الطفل هذا العالم المليء بالمعلومات والمتناقضات وهو أمي بطبعه واستاذه الأول في هذه المدرسة الكبيرة إنما هما الأب والأم.



 

فتجد الطفل دون أن يشعر يرمي بنفسه أمام والدته وهى تصلي سجوداً لله عز وجل وهو لا يدري ما معنى السجود ويجلس مبصراً بعينيه التلفاز مع والده وهما ينظران إلى محاضرة دينية أو برنامج وثائقي أو مسلسل فاضح ولا يجد استنكاراً بل يجد الإعجاب بهذا المسلسل ويصفه وصفاً جميلاً، فلا تجد من الابن إلا أنه بدأ يبصر ويعيش ويقلد هذه المشاهد التي يراها في عيني في والده وهذا دليل على ما ذكرناه في البداية أن نحذف كلمة (لعلك قدوة) فأنت قدوة رضيت ذلك أم لم ترضى.

 

وأيضاً نجد ذلك ينعكس على ابنك في ألفاظه في حالة استقبال الضيوف والترحيب بهم فإن ابنك يقلدك حتى في النبرات ناهيك عن الكلمـات، بل يتجاوز ذلك إلى أن يتخلق بأخلاق الكريم والبخل أحياناً من خلال ما يراه وما يسمعه من والديه وهذه مسئولية كبيرة وحساسة في نفس الوقت.. كبيرة لأنك تغرس أساسيات البناء الكبير والطويل، وحساسة لأن هناك كاميرات أدق من كاميرات المصورين يصورون ويتحسسون الحركات والأحاسيس من الآبـاء والأمهات في البيوت، وفي هذا المقام لا أعمم ولا أتهم بعض أبناء الدعاة الذين تجدهم منحرفين أحياناً قد يكون ذلك سبباً في أنهم يرون من آبائهم صورتين متناقضتين، إننا في الخارج نعيش مع الناس بوجه خاص بهم وقد نتصنع كثيراً من المشاهد والمواقف تجاه الآخرين ولكننا في البيوت لا نستطيع أن نعيش بهذا النفس لأنه قصير والحياة في البيت غالباً ما تكون صحيحة وصادقة وليس فيها كثير من التجمـل، وإن كان هناك تجمل فإنه سرعان ما ينكشف..

 

إذن الخلاصة هى: اعلم أنك أمام مراقبه مستمره لا تقدر أوقاتاً ولا ظروفاً  وأحياناً قد لا تسامحك ولا في لفظة أو سبقة لسان، فاتق الله في نفسك وأبنائك.. وتذكر قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا قو أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة).