أمهات الدم داخل القحف

أشكال أمهات الدم داخل القحف :

لأمهات الدم داخل القحف ثلاثة أشكال متميزة هما : المغزلية ، والفطرية ( الجرثومية ) و( التوتية ) الخلقية .



أمهات الدم المغزلية :

هي توسعات في أجزاء من الشريان القاعدي أو السباتي داخل القحف تأخذ شكل ( المقانق ) أو شكل البصلة ، ويصل قطرها في بعض الأحيان 5 - 10 سم ولا تحدث عادة أعراضاً ، ولكن كبر حجمها قد يضغط أحياناً النسج أو الأعصاب القحفية تحتها فتحدث خللاً عصبياً موضعياً .

وتتميز أمهات دم الشريان القاعدي بإحداثها خللاً غير متناظر في وظائف عدة أعصاب قحفية في الجانبين ، يمتد من العصب الثالث حتى العصب العاشر . بينما تحدث أمهات دم الشريان السباتي عمى في العين الموافقة أو عمى نصفياً في الجهة المقابلة عاكسة موضعها جانب النخامى . وأمهات الدم المتوسعة هذه نادراً ما تتمزق كما أنها قلما تعنو للجراحة .

أمهات الدم الفطرية :

الخمجية تحدث في سياق التهاب الشغاف الجرثومي عندما تسكن صمة خمجية في وعاء دماغي محيطي محدثة قفاراً في بطانة الوعاء في مكان الصمة ، وبالتالي تغزو الجراثيم المخمجة جدار الشريان فتضعفه مما يسبب انتفاخاً بشكل أم دم .

وتكون أمهات الدم الفطرية متعددة وتتوضع في محيط الشجرة الشريانية الدماغية . وبعض أمهات الدم هذه يزول بمعالجته بالصادات ولكن تلك التي تبقى بعد شفلء الخمج الجهازي تستوجب معالجة جراحية .

أمهات الدم التوتية الخلقية:

وتنشأ عن نقاط التفرع على طول مجمع ويليس في قاعدة الدماغ وتتشكل في الدوران الأمامي ولا سيما عند اتصال الشريان المخي الأمامي بشريان الوصل الأمامي . واتصال الشريان المخي المتوسط بالسباتي أو اتصال المخي المتوسط بشريان الوصل الخلفي.

وهناك أمهات دم مماثلة أقل مصادفة تظهر على أحد الفروع الكبيرة للشريان القاعدي - الفقري . ويختلف حجم أمهات الدم التوتية كثيراً ، فيتراوح قطرها بين بضع ميليمترات و 1 - 2 سم أو أكثر . وتلك التي يزيد قطرها عن 1.5 - 2 سم تدعى عادة ( بالعملاقة ) وخطر تمزقها أكبر .

ويظن أن أمهات الدم التوتية تنجم عن عيب خلقي في النسيج المرن والعضلي عند نقاط تفرع الشراينن على طول قاعدة الدماغ. فالنقطة الضعيفة تسمح بتكون أمهات الدم كما يؤدي عامل الاهتزاز إلى تمزقها . وأمهات الدم الخلقية أكثر مصادفة في المصابين بارتفاع التوتر الطويل الأمد ولا سيما أولئك المصابين بتضيق .الأبهر وبالكلية عديدة الكيسات : وقد تشاهد في بعض الأشخاص عدة أمهات دم داخل القحف . وقد ذكرت بعض الحالات الأسرية لأمهات الدم ولكنها قليلة الحدوث.

ولا تكشف معظم أمهات الدم داخل القحف إلا عند تمزقها الذي يمكن حدوثه في كل الأعمار ولكن أكثر حدوثاً بين 40 - 65 من العمر . وتحدث معظم التمزقات في ساعات اليقظة وكثير منها يحدث أثناء الفاعلية الفيزيائية النشيطة الرافعة للضغط الشرياني.

التظاهرات السريرية لتمزق أم الدم والنزف تحت العنكبوتية :

تقسم هذه التظاهرات لخمس مراحل :

·         البدء .

·         أعراض الأسبوع الأول الحادة.

·         خطر الاحتشاء القفاري الثانوي .

·         حدوث موه الدماغ المتصل .

·         دواعي الجراحة ونتائجها .

العرض الأول عادة صداع مفاجئ شديد يعقبه أحياناً غشي قصير أو نوبة صرعية . ويعزى العرضان الأخيران :

إما لّلانظمية المثارة أو للارتجاج القصير الذي يرافق ارتفاع الضغط المفاجئ داخل القحف . وتتعلق النتائج التالية بمكان النزف وسعته . وقد يحدث أحياناً رشح دموي صغير محدد يقتصر على صداع شديد يتراجع خلال أيام قليلة . أما النزف الأكبر المقتصر على الحيز تحت العنكبوتية فيسبب صداعاً مستمراً أشد تتلوه بعد 12 - 24 ساعة علامات التهاب سحائي عندما تنحل الكريات الحمر وتطلق أصبغة صفراوية مخرشة في ال س د ش . يمكن للنزف الشديد أن يحدث سباتاً آنياً ناجماً أحياناً عن ارتفاع التوتر داخل القحف ، ولكنه ينجم على الأغلب عن تسليخ النزف لبنى الدماغ أو عن انفتاح النزف على الجملة البطينية . وقد يعني السبات المستمر فتقاً عبر الخيمة وإنذاراً سيئاً .

وتدل صلابة النقرة في البدء على نزف واسع مع احتمال هبوط اللوزتين المخيخيتن . ويمكن لنزف الشبكية تحت الزجاجي أن يظهر خلال دقائق من النزف تحت العنكبوتية . وإذا ظهرت علامات عصبية بؤرية أو تغيم في الوعي فذلك يعني أن الدم قد سلك طريقه داخل الدماغ مما يسيء للإنذار . وحدوث شذوذات بؤرية حركية أو عصبية جديدة يعكس إما تجدد النزف أو احتشاءً دماغياً ثانوياً مسبباً عن تشنج وعائي شرياني تالٍ لوجود الدم داخل الحيز العنكبوتي.

وبعد الساعات القليلة الأولى من النزف تظهر مضاعفات جهازية مختلفة وتغيرات ثانوية . فعاصفة ( الجملة المستقلة ) ، التي ترافق الصداع الأولي تحرر الكاتيكولامينات الجهازية فتحدث نخراً صغيراً منتشراً في العضلة القلبية وشذوذات في تخطيط كهربائية القلب تشبه الاحتشاء وقد يرتفع سكر الدم وتزداد الكريات البيض وتظهر الحمى ، وكلها من نفس الآلية .

وقد تدوم الحمى وازدياد الكريات البيض وتظهر أسبوعاً أو أكثر بسبب استمرار التهاب السحايا النزفي الكيماوي . ومعظم المصابين بنزف شديد تحت العنكبوتية يفرزون مستوى عالياً غير متناسب من الهرمون المضاد للابالة . وقد تظهر أعراض متأخرة من الوسن والهتر والذهول أو شذوذات في العصبون الحركي العلوي ناجمة عن حدوث موه دماغي متصل .

التشخيص:

العرض الأساسي المشخص هو الصداع الشديد المفاجئ في شخص بالغ سليم . وقد يكون التمييز صعباً عند من عرفوا بداء المراق . ولكن في حالة الشك وحتى في غياب الموجودات العصبية فمن الحكمة إجراء بزل قطني لتحري الدم في الـ س د ش ، كما يجب تثفيل السائل المدمى ورؤية ما إذا كان السائل بعد التثفيل متغير اللون أم لا ؟.

أما المرضى الذين تبدو عليهم مظاهر المرض الواضحة وأعراضه الوصفية ، فالاختبار المخبري الأولي هو إجراء تصوير طبقي محوري محسب . فإذا كان النزف تحت العنكبوتية كافياً للتهديد بإحداث فتق عبر الخيمة يظهر بالكات . وإذا لم ير دم بالكات يمكن عندئذ إجراء بزل قطني للتفتيش عن خمج سحائي أو عن سبب آخر محتمل للصداع الحاد المفاجئ .

كما يمكن للكات أن يظهر وجود جلطات واسعة في الحيز تحت العنبكوتية أو في الدماغ ( والتي تزيد من خطر التشنج الشرياني ) . وتقدم أساساً للمقارنة في المستقبل إذا ساءت حالة المريض دون تفسير . ويمكن لأجهزة الكات الحديثة أن تظهر بعد حقن مادة ظليلة في الوريد ، أمهات الدم التي يزيد قطرها على خمسة مليمترات كما يمكتها أن تظهر الشذوذات الشريانية الوريدية التي سببت النزف .

ولا بد من إجراء تصوير الشرايين لتحديد أمهات الدم وعددها ، ولمعرفة أم الدم التي نزفت .

ويجب إجراء ذلك في المرضى المرشحين للجراحة في أقرب وقت بعد دخولهم إلى المستشقى . وفي المرضى الخطرين أو الذين ينتظر أن تجرى لهم الجراحة في مكان آخر ، لا فائدة من إجراء تصوير الشرايين الدماغية وهم في الأصل في حالة خطرة . ويجب أن يحال أمثال هؤلاء المرضى في أسرع وقت ممكن إلى مركز رعاية مختص .

الإنذار والتدبير :

الإنذار خطر في النزف تحت العنكبوتية الحاد الناجم عن تمزق أم دم . وتشير الدراسات الدقيقة إلى أن ثلثي المرضى يموتون خلال شهر ( كثيرون منهم قبل وصولهم إلى المستشفى ) . وزهاء ربع الباقين يصابون بعجز شديد . ويكون الأسبوعان الأوليان بعد البدء أشدها خطراً إذ يعاود النزف في 30% منهم ، وفي المرضى الذين لا يمكن معالجة أم الدم عندهم بنجاح ، يستمر خطر معاودة النزف في ثلثيهم ويقدر خطر الموت بثلاثة في المائة في السنة .

فالاعتبارات السابقة توجب أن يوضع المصابون بالنزف تحت العنكبوتية بين يدي فريق جراحة أعصاب مجرب للمعالجة النهائية . وبدئياً يوضع المريض بحالة راحة كاملة في السرير ويعطى لتهدئته جرعات خفيفة من البازوديازبين ويعطى مسكنات الألم دون أفيونات . ومن المهم إعطاؤه ( الملينات ) أو الحقن الشرجية لمنعه من الكبس أثناء التغوط .

ويجب أن يتحرك حركة لطيفة في السرير لمنع مضاعفات عدم الحركة . ويجب الاحتفاظ بالضغط الشرياني في المستويات السوية . ولكن حجم الدم يجب أن يصان بإعطاء السوائل المناسبة باستعمال المحاليل الملحية 3% عند الضرورة لتصحيح نقص الصوديوم .

وتجري معظم المراكز المختصة تصوير الشرايين الدماغية الأربعة خلال 24 ساعة من البدء . وتكون المعالجة الجراحية النهائية بعزل أم الدم النازفة جراحياً وشبكها بملقط . وهذه العملية صعبة فنياً ومخاطرها عالية لاحتمال إحداثها أذية دماغية إضافية .

ولا يزال رأي الجراحين مختلفاً من حيث توقيت العملية :

هل يفضل إجراؤها حالاً والمخاطرة باحتمال حدوث مضاعفات أكثر أم تأجيلها 10 - 14 يوماً عندما يقل خطر حدوث التشنج الوعائي وما يشابهه من احتشاء وقد يكون عندهم خطر معاودة النزف قد مضى.

يجب تأجيل الجراحة أو تجنبها في المرضى المضطربين عصبياً المصابين بعجز عصبي والمذهولين والمسبوتين . كما أن معظم الثقات يتجنبون المداخلة الجراحية الآنية في المرضى الذين يظهر تصوير شرايينهم تشنجاً شريانياً .

والميل المستمر للخبل الذي لا يفسر بأذية بؤرية والمترافق بدلائل على موه دماغي مترقِ بالتصوير الطبقى المحوري ، يمكن تفريجهم بمجازة بطينية . ولم يتأكد ما إذا كان للمعالجة الجراحية التي تجرى بعد 30 يوماً من النزف الأول أي تأثير على تاريخ المرض الطبيعي

 

المصدر: البوابة الصحية