أكبر 8 مخاوف تواجهها في الحياة وطرق التغلب عليها (الجزء الثاني)

الخوف أمر طبيعي، لكن يجب ألا تدعه يعوق طريقك نحو النجاح، فقد تمنعك أعظم مخاوفك من تحقيق أكبر أحلامك، وقد لا يتمكن الأشخاص الذين يلتزمون بمعايير عالية من النجاح بسبب الخوف من أمور مثل الفشل أو الرفض أو الضعف، لكن مع بعض الممارسات اليومية والتغييرات الفكرية، يمكنك تحويل أكبر مخاوفك إلى واحدة من الفوائد الكبرى لديك.



لقد تحدَّثنا في الجزء الأول من المقال عن 3 أنواع من المخاوف؛ وهي الخوف من الفشل، والخوف من الرفض، والخوف من التغيير، وسنتابع الحديث في هذا الجزء الثاني والأخير عن الأنواع الخمسة الأخرى، فتابعوا معنا.

أولاً: الخوف من التحدُّث أمام الناس

تقريباً 30% من الأمريكيين لديهم رهاب التكلم (الخوف من التحدُّث أمام الناس)؛ إذ يعدُّ أحد أكبر مخاوفهم، وقد يؤدي الوقوف أمام حشد من الناس إلى تصور أفكار غريبة لأشخاص يرمونك بالطماطم، أو يطلقون صيحات الاستهجان على كل كلمة تقولها.

مع أنَّه قد يبدو من السهل على الشخص الذي لديه رهاب التكلم تجنب التحدُّث أمام الحشود، إلا أنَّ هذا الخوف يمكن أن يعوق نجاحه في مكان العمل والحياة الاجتماعية بصورة كبيرة.

سواء كنت طالباً ذا إنجازات عالية أم مديراً تنفيذياً عالي المستوى أم صاحب شركة صغيرة، فإنَّ التحدُّث جزء لا يتجزأ من كل شيء، من الاجتماعات إلى العروض التقديمية للأعمال، إلى الجلوس على المائدة لتناول الطعام، ويمكن أن يساعدك العثور على الراحة عند التحدُّث أمام مجموعة من الأشخاص على أن تصبح أكثر شعبيةً وقائداً أفضل.

طريقة التغلب على الخوف من التحدُّث أمام الناس:

إنَّ الخوف من التحدُّث أمام الناس مرتبط بالخوف من النقد، فلا أحد يريد أن يشعر بأنَّ كلماته أو قصصه أو وجهات نظره محط انتقاد الناس (سواء كانوا من شخصين أم 2000 شخص)، ومع ذلك في معظم الأحيان، يكون ناقدك الداخلي الأكثر قسوةً على الإطلاق، وللتغلب على الخوف من التحدُّث أمام الناس، يجب مواجهة الأمر.

ثانياً: الخوف من النقص أو عدم كونك جيداً بما فيه الكفاية

المثالية مجرد قناع جميل للخوف، وقد يبدو أنَّ الأشخاص المثاليين يبحثون عن المثالية؛ لأنَّهم يحملون مثل هذه المعايير العالية في عملهم، لكن عندما تمعن النظر في وضعهم، ستجد أنَّ الأشخاص الذين يزعمون أنَّ المثالية قوة، يعانون:

1. التسويف:

المشكلة الرئيسة في السعي إلى المثالية هي في تأخرنا عن إظهار أعمالنا، فقد يستمر الفنان في رسم تفاصيل صغيرة إلى ما لا نهاية، إذا كان يبحث عن إنتاج لوحة لا تشوبها شائبة، ويمكن أن تفعل الشيء نفسه في مشاريع عملك أو هواياتك أو علاقاتك.

2. سوء إدارة الوقت:

إذا استغرق الأمر ساعة لكتابة بريد إلكتروني بسيط وتحريره وإعادة قراءته، فقد تواجه مشكلة في المثالية؛ لأنَّك تريد بشدة أن يكون كل شيء تفعله خالياً من العيوب، فإنَّك تُضيِّع وقتاً كثيراً في أمور قد لا تكون هامة على الأمد الطويل.

3. معايير عالية بصورة غير معقولة:

يميل المثاليون إلى إلزام أنفسهم بمعايير عالية للغاية، ويلومون أنفسهم على العقبات البسيطة، ويمكن أن يضر هذا الأمر بفكرة تقديرك لذاتك، ويمنعك من الاحتفاء بنجاحاتك.

شاهد بالفيديو: 4 سبل لتعزيز التفاؤل والتغلب على الخوف الذي يخيم على حياتنا

كيفية التغلب على الخوف من النقص؟

إذا كنت تؤجل مشروعاً معيناً لأنَّه ليس مثالياً بعد، فهذه هي الطريقة المناسبة لك، سواء كان الأمر يتعلق بتطوير منتج، أم تعلُّم الرسم، أم إنشاء محتوى على وسائل التواصل الاجتماعي، جرِّب طريقة القيام بعدد كبير من المحاولات أو التخمينات، على أمل أن تنجح إحداها، وانظر ماذا سيحدث:

1. التوقف عن التفكير الزائد واتخاذ إجراء غير مثالي:

يمكنك دائماً العودة والتعديل لاحقاً، إذا كنت ترغب في بدء قناة على يوتيوب (YouTube)، فحدِّد هدفاً يتمثل في إخراج مقطع فيديو أو مقطعين غير مثاليين في الأسبوع، وانظر إلى مقاطع الفيديو الأولى التي نُشِرَت بواسطة مستخدمي يوتيوب البارزين، واعرف إلى أيِّ مدى تطوروا أيضاً، بينما ما يزال بإمكانك العمل على إنجاز أفضل أعمالك، حاول تجنب السعي وراء المثالية في كل خطوة على الطريق.

تقول سيدة الأعمال الأمريكية "شيريل ساندبرج" (Sheryl Sandberg): "الإنجاز أفضل من المثالية".

2. تحديد مواعيد نهائية صارمة:

أحد مفاتيح التغلب على المثالية (خاصة في المساعي الإبداعية) بدءُ كل مشروع بتحديد موعد نهائي صارم لإنجازه؛ إذ سيساعدك هذا على التركيز على أكبر المهام وأهمها، بدلاً من الوقوع في فخ التفاصيل.

3. طرح الأفكار وتنفيذها، بدلاً من اجترار الأفكار:

احصل على مجموعة بطاقات الفهرسة وفرِّغ عليها أفكارك، واكتب في كل بطاقة فكرة كنت تفكر فيها؛ لكنَّك لم تتخذ أي إجراء بشأنها، ثم اخلط البطاقات، واختر واحدة، واتخذ الإجراء دون تردد.

4. سؤال الأشخاص الذين تحبهم عن أخطائهم:

عند تجربة أمر جديد، غالباً ما يبدو أنَّ الأشخاص الناجحين جميعهم في مجالك قد اكتشفوا كل شيء، ربما كان عليهم أن يخضعوا للتجارب والأخطاء الكثيرة للوصول إلى ما هم عليه، وتواصل مع شخص تحبه، واسأله عن أكبر دروسه من الإخفاقات في أعماله أو هوايته أو حياته المهنية.

ثالثاً: الخوف من الضعف

تُعرِّف خبيرة إظهار الضعف "برينيه براون" (Brene Brown) في كتابها "الجرأة بعظمة" (Daring Greatly)، الضعف بأنَّه "عدم اليقين والمخاطر وكشف العواطف"، ولا يوجد من ينكر أنَّ كشف مشاعرك العميقة للأصدقاء، أو زملاء العمل، أو شخص آخر هام يمكن أن يكون أمراً مرعباً للغاية.

لكنَّ التحذير هو أنَّ هذا الخوف يمكن أن يعوقك عن الفرص الشخصية والمهنية الرئيسة، ويخبرنا العلم:

  1. يعمل إظهار الضعف على تحسين تحفيز الموظفين، والتواصل مع المديرين.
  2. يعمل إظهار الضعف على تحسين الثقة في القادة (خاصةً عندما يكون القادة ضعفاء، بما يكفي للاعتراف بنقاط ضعفهم أو أخطائهم).
  3. قد يؤدي الإفصاح عن الذات إلى زيادة احتمالية انفتاح الآخرين عليك.
  4. يقوي إظهار الضعف العلاقات الشخصية.

مع ذلك، فإنَّ الانفتاح على مشاعرك أو أعمق مخاوفك أمر صعب للغاية، إذا تعرضت للخيانة أو الخجل أو الإحراج العلني في الماضي، فمن المحتمل أنَّك وضعت بعض الحواجز لحماية نفسك عاطفياً.

يخلق هذا الأمر مفارقة:

  1. من ناحية نخاف من الشعور بالوحدة، أو أن نكون دون علاقات ذات معنى.
  2. من ناحية أخرى، نخاف أيضاً من الانفتاح والضعف لأنَّنا قد نتأذى.

تسمي المؤلفة "فانيسا فان إدواردز" (Vanessa Van Edwards) هذا بـ "المفارقة العلائقية" التي يمكن أن تؤدي إلى حلقة مفرغة من العلاقات غير المستقرة.

طريقة التغلب على الخوف من الضعف:

كانت معظم الجهود السائدة تهدف إلى "إعادة تسمية" الضعف على أنَّه شجاعة؛ لكنَّ الثقافة السائدة ما تزال تعتمد فكرة أنَّ الضعف هو ضعف، ويتطلب التغلب على هذه العقلية تغيير طريقة تفكيرك، وممارسة أشكال صغيرة من الإفصاح عن الذات مع الأشخاص الذين تثق بهم بالفعل.

رابعاً: الخوف من الوقت

قلق الوقت هو الشعور بأنَّه "لا يوجد وقت كافٍ"، ربما تشعر بالاندفاع في الحياة، أو أنَّك لا تستطيع إنجاز ما يكفي في يوم واحد، ويقول الفيلسوف "وليام بن" (William Penn): "الوقت هو أكثر ما نريده؛ لكنَّنا نستخدمه بطريقة سيئة".

لكن في الوقت تتجلى أعظم صور العدل، فكل شخص لديه القدر نفسه من الساعات في اليوم، بصرف النظر عن الفصول الدراسية أو العمل أو الموقع، فالوقت هو الشيء الأكثر قيمةً من أيِّ مبلغ من المال أو جوهرة ثمينة نادرة، إنَّه يحمل هذه القيمة؛ لأنَّه بمجرد زواله، لا يمكنك استعادته أبداً.

مع ذلك، فإنَّ الخوف من عدم وجود وقت كافٍ يمكن أن يسبب قلقاً وتوتراً لا داعي لهما، وجدت دراسة في جامعة هارفارد (Harvard) أنَّ الأشخاص الذين يتقدمون في العمر يندمون على العمل كثيراً؛ فالتسرع في الحياة ليس وسيلة للعيش؛ إذ يجب عليك أن تتوقف وتستمتع بالحياة حولك، إضافة إلى ذلك، يجب أن تتأكد أنَّك تستخدم وقتك بأفضل طريقة.

طريقة التغلب على الخوف من الوقت:

مع أنَّ الشعور بالإلحاح يمكن أن يكون رائعاً للطموحين للغاية، إلا أنَّه قد يصرف انتباهك عن الاستمتاع بالحياة في الوقت الحاضر، ويمر الوقت بسرعة، لكن يمكنك أن تجد العزاء في معرفة أنَّ الحياة طويلة، وأنَّك لست مضطراً لإنجاز كل شيء في هذه اللحظة بالذات، بدلاً من ذلك:

1. تمهَّل وتمرَّن على اليقظة الذهنية:

اليقظة تعني أن تكون أكثر حضوراً ووعياً بنفسك في أثناء أداء المهام اليومية، ويمكن أن تساعدك على التمهل وإدراك أنَّ لديك وقتاً كبيراً تحتاج إليه، تُظهِر الأبحاث أنَّ تأمل اليقظة يمكن أن يقلِّل بصورة كبيرة من القلق ويحسِّن الإنتاجية؛ لذا جرِّب ممارسة التأمل يومياً، أو المشي في الطبيعة دون استخدام الهاتف.

2. راقب الوقت الذي تقضيه أمام الشاشة:

يمكن أن يؤدي التحقق من البريد الإلكتروني، أو وسائل التواصل الاجتماعي كل 15 دقيقةً دون تفكير إلى القضاء على أهم ساعات اليوم؛ لذا ابدأ بمراقبة الوقت الذي تقضيه أمام الشاشة، أو جرِّب التخلص من السموم الرقمية حتى تتمكن من التركيز على الإنتاجية في حياتك، وسيساعدك هذا وحده على الشعور بأنَّك قد وفرت مزيداً من الوقت بطريقة سحرية.

3. حسِّن إدارة الوقت:

بعض عادات إضاعة الوقت يمكن أن تقضي بسرعة على ساعات يقظتك، فهل تجد نفسك تنجز مهاماً متعددةً، وتستغرق ضعف الوقت اللازم لإكمال مشروع؟ ضع مخططاً وابدأ بالتخطيط ليومك لتحقيق أكبر إنتاجية ممكنة.

4. استخدم حيلاً للإنتاجية:

إنَّ مراقبة إيقاع جسدك، أو تعلُّم القراءة السريعة من الحيل غير المعروفة للاستفادة من الوقت.

شاهد بالفيديو: 10 طرق لزيادة الإنتاجية في العمل

خامساً: الخوف من الوحدة

البشر بطبيعتهم اجتماعيون؛ لذلك هم بحاجة إلى الرفقة؛ فالخوف من الشعور بالوحدة جزء من علم وظائف الأعضاء لدينا.

مع ذلك، إنَّ قضاء الوقت وحدك في العصر الحديث ثَبُتَ علمياً أنَّه يحسِّن صحتك وسلامتك؛ إذ تشير الدراسات إلى أنَّ قضاء الوقت وحيداً يرتبط بما يأتي:

  1. زيادة الثقة.
  2. المزيد من الإبداع.
  3. ذكاء عاطفي أعلى.
  4. المزيد من الاستقرار العاطفي في المواقف الصعبة.

هذا على الأرجح لأنَّ الوقت وحده يسمح بالتفكير العميق في نفسك وحياتك، ويمكنك تغيير طريقة تفكيرك لترى نفسك كما أنت، بدلاً من رؤية الآخرين لك، وإذا كنت تخشى الوحدة، فقد تصبح عن غير قصد متواكلاً، أو تشكك بهويتك في حال غياب الآخرين.

طريقة التغلب على الخوف من الوحدة:

أفضل طريقة لبدء تقييم وقتك وحدك هي العثورُ على شيء تستمتع به حقاً، وتخصِّص وقتاً للقيام به؛ لذا ارتدِ ملابسك المفضلة، وتوجَّه إلى مطعم تحبه أو مكان يمكنك فيه ممارسة هوايتك المفضلة، وردِّد عبارات التشجيع الإيجابية، واحتفِ ببعض الأمور التي تحبها في نفسك.

تحذير: إذا كنت تشعر بالوحدة المزمنة، فقد يكون الوقت قد حان لممارسة هواية اجتماعية، أو إجراء جرد لعلاقاتك لتطوير طرائق لتقليل الشعور بالوحدة.

كيف تتغلب على أكبر مخاوفك؟

العامل الرئيس الذي تشترك فيه كل هذه المخاوف هو ميلُها المخادع لتخريب نجاحنا؛ إذ تتحدث "روث سوكوب" (Ruth Soukup)، الكاتبة وصاحبة الكتب الأكثر مبيعاً وفقاً لصحيفة نيويورك تايمز (New York Times) في منصة تيد (TED) عن التغلب على أكبر مخاوفك، وتصف أهمية تحديد مخاوفك الداخلية وفهمها؛ إذ تؤكد أنَّ كل خوف له مكونان:

  1. ما الذي يخدمك؟
  2. ما الذي يؤخرك؟
إقرأ أيضاً: 6 طرق تساعدك على التغلب على مخاوفك

يمكن للخوف من الضعف على سبيل المثال أن يخدمك بحماية قلبك من التعرض للخيانة، أو الأذى مرةً أخرى بعد طلاق رهيب، لكن يمكن أن يعوقك أيضاً عن طريق منعك من الانفتاح والعثور على الحب مرة أخرى.

بالمثل، قد يحميك الخوف من النقص من القيام بعمل دون المستوى؛ لكنَّه قد يعوقك أيضاً عن اتخاذ الإجراءات اللازمة للوصول إلى أهدافك، وتساعدنا هذه الأفكار على تذكُّر أنَّ الخوف يجب ألا يكون مُحرجاً أو مُخزياً؛ وإنَّما جزء من نفسيتك لسبب ما.

إقرأ أيضاً: كيف تتغلّب على مخاوفك عندما تفكر في البدء بعمل جديد

في الختام:

يمكن أن يساعدك تحليل مخاوفك بهذا المنظور، واستخدام النصائح المذكورة آنفاً على بناء الشجاعة لمواجهة مخاوف الحياة مباشرةً.




مقالات مرتبطة