أفكارنا تحدد مصيرنا : الإيمان والكفر

وصف الله جل جلاله الإنسان  في كتابه الكريم بصفات الجهل والضعف والشح ......إلى غير ذلك من صفات النقص في الإنسان  ، والإنسان  لا محالة يسيء ويظلم ويفسد ويهمل..وبالتالي يواجه التحديات ، ووهبه في المقابل استعدادا للخير ولدفع كل الصفات التي سبق ذكرها ، ووهبه بالإضافة العديد  من الأسلحة لمساعدته،  وأكبر سلاح هو القرآن يستقي ويستمد منه أعظم المناهج لإتباعها  لقيادة نفسه  على كل المستويات  قيادة سليمة نحو الفوز و النجاح .

 



إذا تأملنا حال الإنسان فسنجد أن المشكلة ليست في الضعف والشح والجهل والظلم ،و ليست المشكلة في وجود المشاكل والتحديات ولنسمها بمسميات ديننا  " الفتن والابتلاءات " لأن هذه سنة الله في عبده في الحياة الدنيا ، المشكل الحقيقي يكمن  في قدرة الإنسان على مواجهة نفسه ، ومجاهدتها، ودفع  نزعات الشر بكل أشكالها وبكل درجاتها ، وعلينا التركيز وبشكل مستمر على هذه النقطة الجوهرية ، ألم يقل ربي جل جلاله : " ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها قد أفلح  من زكاها وقد خاب من دساها " الشمس أية7-8-9-10 ،هذه الآية الكريمة تشكل تعريفا  للنفس الإنسانية  ، وتشير إلى مسؤولية الإنسان في نفسه ،في اختيار ما يصلح له وما لا يصلح .

يقول الله عز وجل : "إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم و أما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مثلا يضل به كثيرا و يهدي به كثيرا و ما يضل به الا الفاسقين الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه و يقطعون ما أمر الله به أن يوصل و يفسدون في الأرض أولئك هم الخاسرون" ( 26سورة البقرة آية) ،هذه الأية تشير للبعد الجوهري الذي أشرت إليه سابقا وهو قرار الإنسان واختياره في رسم مصيره ، فالأمثلة التي يضربها الله للإنسان في الدنيا عديدة  ومتنوعة ، مثل البعوضة مثل عظيم للإنسان : حشرة يتهيأ لنا أنها لا قدرة لها أمام الإنسان ولكن هي غالبة له وتتحداه ،وأكثر من ذلك أنها  لم تحمل الأمانة كما حملها الإنسان وهو لا يدرك ثقلها :"إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا "(72)  سورة الأحزاب.

فالمنطلق إذن هو من" أفكارنا التي حتما تعكس مشاعرنا وبالتالي تنتج سلوكياتنا"  إن شئنا أن نستعمل مسميات علم النفس المعرفي ، أما إن شئنا أن نستعمل مسميات ديننا الحنيف فسنقول أن المنطلق  هو من" الإيمان أو الكفر"  و هما –في تقديري –عبارة عن أفكار( إعمال التفكير والتدبر في وجود خالق لهذا الكون ) تعكس أيضا مشاعر : مشاعر الإيمان والقرب وحب الله "فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم"  أو العكس :" وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مثلا "، وأفكارنا إذن هي التي تؤدي بنا إلى الهداية أو الضلال: " يضل به كثيرا و يهدي به كثيرا و ما يضل به الا الفاسقين"،وكل ذلك بالطبع بمشيئة الله جل جلاله. فكيف نتدبر أحداث الدنيا ؟ كيف نتدبر الخلق والكون ؟ ما هي الكلمات التي نعطيها لكل ذلك ؟وما هي الأفكار التي نبلورها لذلك ؟ الجواب هو الذي يحدد مصيرك أيها الإنسان .

أتخيل الإنسان في سفينة تبحر في أعالي البحار ، وهويواجه الأمواج العاتية وعليه  على الدوام أن ينتبه إلى  كيفية  قيادته لهذه السفينة  ،التي حتما لها هدف وهو الوصول إلى لقاء الله خالق الكون  ، "يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه ، فأما من أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابا يسيرا وينقلب إلى أهله مسرورا وأما من أوتي كتابه وراء ظهره فسوف يدعو ثبورا ويصلى سعيرا "( سورة الانشقاق 6-7-8-9-10-11-12) فكيف سيشغل تفكيره وكيف سيدير مشاعره ليعمل على الوصول بنفسه إلى النجاة أو إلى  الهلاك وهنا مسؤولية كل منا .

كانت مشاركة مني في منتدى :"المدربون المحترفون "بتصرف :

http://forum.illaftrain.co.uk/t17931/