أغلى ما نملُك...!

في بحث قام به مايكل فورتينو –الخبير الأمريكي في إدارة الوقت– استغرق منه عشرين عاماً، وجد أنّ الإنسان العادي ينفق وقته في أمور عديدة منها: (7) سنوات في الحمام، (6) سنوات على مائدة الطعام، (6) أشهر في الانتظار على إشارة المرور، (120) ساعة في غسل الأسنان. (4) دقائق يومياً في التحدث مع شريك حياته، ونصف دقيقة فقط في اليوم للتحدث مع الأبناء. وإذا أجرينا بعض الحسابات بناءً على هذه الإحصائية سنجد أنّ الشخص الذي يصل عمره إلى (80) عاماً سيكون قد قضى فقط (10) أيام في الحديث مع أبنائه؟!.



إنّ أغلى ما نملك في رحلة حياتنا هو الوقت، تلك الأنفاس التي يحدّد عددها مقدار حياتنا على هذه الأرض، لذا علينا ألا نُضيعها أبداً إلا بما هو مفيد وبنّاء. وأن ندير وقتنا بالشكل الصحيح والأمثل.

ماهو المقصود بإدارة الوقت؟

المقصود بإدارة الوقت هو أن تُنجز المهام بالطريقة المخطّط لها وفي الوقت المخطّط له، قد يظنّ البعض أنه بإدارة وقته والتخطيط له ستصبح حياته حياةً كلاسيكية مملّة. أي أن كل شيء سيمشي وفق نظام محددّ وفي ساعة معيّنة. طبعاً لا!

إنّ الوقت هو المورد الوحيد الذي لايمكن شراؤه، ولا يمكن تعويضه إذا ضاع، لذا فإن إدارة الوقت تُعلّمنا كيف نجعل حياتنا مرحة بنّاءة حتى نهايتها وأن نعيشها بكل حذافيرها ولحظاتها بشكل مُخطّط ومُنظّم وأن نبتعد من مضيعات الوقت.

ماهي أهم أسباب ضياع الوقت؟

إنّ كنت تتساءل عزيزي القارئ هل هناك أسباب لضياع وقتك دون سبب ودون فائدة، فبكل تأكيد الجواب هو نعم، هناك لصوص للوقت، ومضيعات للدقائق والثواني وأهمها:

  1. المماطلة والتأجيل: معظم الناس تعشق التأجيل والمُماطلة، واختلاق الأعذار لتأجيل عمل اليوم إلى الغد.
  2. الخلط بين أهمية الأمور وعدم تحديد الأولويات بشكل صحيح.
  3. عدم التركيز: فقد تبدأ عملاً ما ثم تتوقف للقيام بمكالمة، أو لعمل أي شيء آخر، كل ذلك من شأنه أن يُشتّت انتباهك وتركيزك، ويضيع الوقت عليك.
  4. عدم القدرة على قول "لا": الشخص الذي يستحي من رفض الزيارات المفاجئة، والمحادثات التافهة، وغير ذلك من أمور ثانوية، سيجد نفسه ضائعاً، غير قادر على امتلاك وقته.
  5. التخطيط غير الواقعي: بأن نخطط وننظم أمورنا بشكل غير منضبط، فالأمر الذي يستهلك منا (5) أيام نعطيه يوماً أو يومين، والمهمة التي تتطلب يوماً نعطيها أسبوعاً. هذا كله من شأنه أن يشيع الفوضى في حياتنا ويأكل أوقاتنا.

ماهي فوائد تنظيم الوقت؟

تتجلى أهمية إدارة الوقت بمايلي:

  • تحسين أداء الفرد في مهامه وانجازها على أكمل وجه.
  • إنّ عدم تنظيم الوقت يؤدّي إلى تشتت الإنسان وعدم قدرته على إنجاز مهامه.
  • زيادة الإنتاج في العمل والتي تؤدّي إلى زيادة في الدخل.
  • تقليل الضغوط على الفرد من خلال عمل جدول للمهام المطلوب انجازها يومياً مع تحديد الوقت اللازم لكل مهمة.
  • تحقيق النجاح في كل عمل يؤدّيه الفرد وهذا لايعني بالضرورة القيام بالمهام بسرعة بقدر ما يعني تنفيذ العمل بشكل صحيح.
  • شعور الفرد بالراحة نتيجة لقيامه بإعماله دون الشعور بالضغط.
  • تحقيق السعادة: أكدت الدراسات أن الشخص الذي ينظم وقته ويستغله بما هو مفيد أكثر سعادة من الأشخاص الذين يضيعون وقتهم بلا منفعة.
إقرأ أيضاً: 4 فوائد تكتسبها بتنظيم وقتك

كيف تدير وقتك ليكون أكثر فعالية؟

بعد أن عرفنا، ولو بشكل عام، أين يذهب وقتنا تأتي الخطوة التالية وهي معرفة كيفية إدارة وقتنا ليكون أكثر فعالية وانتاجاً، نتشارك الرأي جميعاً أن كل واحد منّا ينفّذ العديد من المهام التي قد تكون هامة بالفعل بالنسبة له أو مستعجلة أو حتى قد تكون غير مهمة له على الإطلاق، ولعل مصفوفة إدارة الأولويات للدكتور ستيفن كوفي أفضل نموذج يساعدنا على التمييز بين الأنشطة العاجلة والمهمة وبين المهام الغير مهمة. 

1. أمور هامة ومستعجلة: أي مهمة جداً بالنسبة لك، وواجب عليك تنفيذها عند موعد محدد (مثل حضور محاضرات الجامعة في كل يوم، أو حضور اجتماع هام).
2. أمور غير هامة ومستعجلة: أمور ثانوية لا توصلنا إلى الهدف الذي نرجوه، وقد تكون مملة في كثير من الأحيان، (مثل الرد على المكالمات الهاتفية، أو زيارات الأصدقاء المفاجئة، أو التخطيط لرحلة).
3. أمور هامة وغير مستعجلة: مطلوبة منا بعد مدة من الزمن، ولكنها مهمة جداً وغالباً ما تكون صعبة وضخمة، (كامتحان نهاية العام مثلاً).
4. أمور غير هامة وغير مستعجلة: كالجلوس أمام التلفاز أو حضور فيلم سينمائي أو تصفح الانترنت.

كيف نتعامل مع الأعمال الهامة والمستعجلة؟

لا تنتظر أبداً، نفذ العمل في وقته ولاتجعله يفلت منك وإلا سيتراكم هذا العمل عليك، وستخسر النتائج الجيدة.

كيف نتعامل مع الأعمال غير الهامة والمستعجلة؟

إذا قمت أنت بتنفيذها دائماً فستأخذ من وقت إنجاز الأمور الأهم، لذا ننصحك بأن تفوّض من هو قادر على عملها. مع ضرورة الالتزام بمبادئ وشروط التفويض، وإلا لن تحصل على النتائج المرجوة أبداً.

كيف نتعامل مع الأعمال الهامة وغير المستعجلة؟

علينا أن نخطط جيداً لتلك الأمور بفعالية وواقعية بحيث نجهز لها وننفذها على عدة دفعات حتى لا نُتعب أنفسنا في تنفيذها دفعةً واحدةً في نهاية المدة.

كيف نتعامل مع الأعمال غير الهامة وغير المستعجلة؟

عليك أن تتفنن في إهمال تلك الأمور، من الممكن أن تجد صعوبة في بداية الأمر، لكن صدقني ستجد لذة لم تشعر بها بعد زمن وجيز.

 

بعد تعرفك على مربعات مصفوفة ادارة الأولويات فكِر قليلاً في إدارة وقتك وتوقف عن إنجاز ماهو غير مهم وغير عاجل، ويجدر بك إنفاق معظم طاقتك حيث يلتقي المهم مع غير العاجل، أي المربع الثاني من المصفوفة، بذلك لن يتبدّد وقتك وستتمكّن من إنجاز جميع المهام دون الإحساس بضغط الوقت.

في نهاية هذا المقال علينا أن نتذكّر دائماً أن الوقت بالنسبة لنا ثروة كبيرة وُزعت بين كل الناس بالتّساوي، والإدارة الناجحة للوقت هي أولى خطوات النجاح في أي من مجال من مجالات الحياة.




مقالات مرتبطة