أصـول الـحوار

من بين الأشياء التي أحس أننا نفقتدها كجمهور مثقفين.. وفي كل المناسبات واللقاءات التي تجمعنا بالآخرين , أننا قد لا نتقبل بعضنا بعضاً وكثيراً ما يكون حوارنا هجومياً نخسر فيه القضية التي ناحور فيها ويتمسك كل منا برأية فضلاً عن ذلك فإننا قد نخرج من هذا الحوار ومسافة التباعد بيننا قد أزدادت وضوحاً  فهل هناك قواعد عملية وأصول ينبغي اتباعها في أثناء الحوار مع الآخرين في أي دائرة من دوائر العمل أو المنزل أو الأجتماعات؟



*الكلمة الطيبة صدقة : والحوار الناجح كان .. وما زال شارة كل فرد متميز واسع الأفق .. محب للرأي الآخر .. ففي الحوار تلتقي الآراء وتتفاعل في جو صحي تحوطه محاولة الوصول إلى الأصوب والنافع , ومن ثم لم تعد القضية رأي من نقف عنده بقدر ما أصبحت أي رأي أمثل تهتدي إليه .

* وإذا أردنا أن ننمي هذه القيمة ونزكي أصولها سواء على مستوانا الفردي والجماعي , فلا بد من وجود قدر من التربيه على بعض المنطلقات التي تزيد من نقاط الاتفاق وتقلل بقدر الإمكان من مساحة الأختلاف

* فعلى من يرغب في إقامة حوار ناجح لا بد وأن يدرك أن الاختلاف بين الناس في رؤيتهم وحكمهم على الأشياء قضية طبيعية , وأن قيمة المرأ في أنه يختلف عن غيره , ويؤدي هذا الاختلاف إلى التكامل بعد ذلك

* كما أن المحاور لا بد وأن يكون هدفه الوصول إلى الرأي الأمثل وليس الأنتصار لرأية , ولذلك قال بعض اسلافنا (( ما ناظرت احداً إلا وودت أن يأتي الحق على لسانه)

* وينبغي أن يحسن المرء وقت الحوار ومكانه .. ولا يحاور في قضية لا يعلم ابعادها , وإلا كان هذا الحوار جدلاً وهوى .

*كما ينبغى في المحاور أن يكون لديه الاستعداد للتنازل عن رأيه فالرجوع للحق فضيلة يحمد عليها .

*كما ينبغي مراعاة أدب الحوار ومنطلقاته من ضرورة توفير كل طرف من أطراف الحوار لصاحبه , وعدم علو صوت احدهما , والإنصات الجيد لما يقوله , وأن يتسم كل منهما بالموضوعية والأتزان في عرض الرأي .

*وضروري أن ينتقد المحاور الفكرة , الفكرة المطروحه لا شخصية قائلها , لأن المحاور إذا تعدى نقد الفكره إلى نقد الشخص جعل محاورة في موقف الدفاع عن نفسة ولو بالباطل , ونقد الفكره مسألة طبيعية فكثير من الأفكار تقوي ويشتد عودها بعد مرحلة من الأخذ والرد وتكامل وجهات النظر من كل طرف.

* أما نقد الشخص فهو مسألة غير أخلاقيه لأنك هنا تحطم خلية النحل في محاولتك ان تجني العسل

* واحرص على تعبيرات وجهك وكلماتك وحركات يديك فلا بد من جلسة متوازنه , لا يجلس فيها المرء على طرف مقعده متحفزاً , بل يستقر في مكانه مشجعاً لو جهات النظره الأخرى .

*ثم لا بد وأن يكسب من يحاوره ولا يتعمد كسب المواقف على حساب أصحابها , وينبغي أن يكون مستقراً في حسه أن كسب القلوب مقدم على كسب المواقف , وإعطاء محدثك قدرة كأن تناديه بكنيته أو أحب الاسماء إليه , وإذا كان صاحب لقب علمياً فلا بد وأن تناديه به وأن تدع للايام والأحداث وقتها في اقتناع محدثك برأيك , فكم من الأراء لم يوافق عليها الآخرون , أو قبلوها بغير قناعة ثم أثبتت الأيام صحتها .

* ولا ينبغي أن يستعمل الإنسان سلطته في إسكات المتكلم والحكم عليه وإرجاع الأثر السيئ لمواقفه السابقه .

* وتذكر أن الناس ليسوا طرازاً واحدا .. فتفاوت عقولهم وأفكارهم ومستويات ثقافتهم وافكارهم ومستويات ثقافتهم , والأدله التي تصلح لـ(زيد) من الناس قد لا تصلح لـ(عمرو) وطريقة المناقشة , والمحاورة التي يتقبلها هذا ربما لا يتقبلها ذلك , والمحاور الفطن يعرف متى يحاول وبالتالي يعرف الطريقة التي ينبغى له ان يناقشه بها ويحاوره.

*كما يجب على المحاور (والمتحدث بصفة عامه) ألا يستأثر بالكلام نفسه , ويحرم الطرف الآخر (أو الحاضرين) من الكلام بالإطاله التي تخرج به عن حدود الذوق واللياقه , فالاستئثار بالكلام , كالاستئثار بالطعام كلاهاما منقصه لصاحبه .

* عليك أن تبدأ حديثك فقط بنقاط الاتفاق , فتبدأ بالمسلمات والبديهيات والحديث على هذا النحو من شأنه أن يطيل أمد الحوار , ويجعل بداياته هادئة من ناحية , منطقيه من ناحية اخرى , وهذا كله مؤشر إيجابي على احتمالات النجاح , ثم إن البدء بنقاط الاتفاق قد يفتح آفاقاً للتلاقي لم تكن وارده في الحسبان .

*احذر إذا فتح الله عليك وأنتصر الحق على لسانك ان يتسرب إليك الغرور والعُجب والرضا بمدح الناس , وأرجع كل نجاح تحصده إلى المنعم عز وجل

الكاتب : محمد أحمد عبدالجواد.