أشهر الأمراض النادرة في العالم

يزورُ عائلتك ضيفٌ مزعجٌ ثقيل الدّم غير آبهٍ بأصول الزيارة، فيهتكُ راحة العائلة ويَهزُّ ثقتكم بأنفسكم وبالحياة، ويُخفِّف من حيويّتكم وحماسكم وشغفكم، وينقضُّ على تفاؤلكم ليمزّقه إرباً، وينشر عوضاً عنه غصّاتٍ في الرّوح والكثير من الكآبة والسّوداويّة. نعم، إنّه يختبر صبركم وقوّة تحمّلكم وقوة إيمانكم، لكن بالرّغم من معرفتكم لذلك إلّا أنّه يصعب عليكم الحفاظ على تماسككم أمامه؛ فتختارون إمّا تحدّيه وقهره، أو الاستسلام له. والأصعب من ذلك والأكثر سوءاً، أن يكون الزّائر استثنائيّاً ولا يمكن توقُّع مجيئه بتاتاً، مما يستوجب التّعامل معه بطريقةٍ استثنائيّة. هل عرفتم من هو هذا الزّائر؟ إنّه المرض النّادر. فما هو المرض النّادر؟ وما هي أشهر الأمراض النّادرة؟ وما الهدف من اليوم العالمي للمرض النادر؟ هذا ما سنتعرف إليه في هذا المقال.



تعريف الأمراض النّادرة:

الأمراض النّادرة هي تلك التي تصيب عدداً قليلاً من الأشخاص بالمقارنة مع عامة السكّان، وتُثار قضايا محدّدة فيما يتعلّق بندرتها. ففي أوروبا، يعدّ المرض نادراً عندما يصيب شخصاً واحداً من أصل 2000 شخص، أمّا في الولايات المتحدة فيعدّ نادراً عندما يصيب أقلّ من 200 ألفٍ من السكّان. وقد يكون المرض نادراً في منطقةٍ ما، ولكنّه شائعٌ في منطقةٍ أخرى، مثل حال مرض التلاسيميا (فقر الدّم ذو الأصل الجينيّ)، وهو مرضٌ نادر الحدوث في شمال أوروبا، ولكنّه شائعٌ في منطقة البحر الأبيض المتّوسط.

تمّ اكتشاف ستة إلى سبعة آلافٍ من الأمراض النّادرة حتّى الآن، ويعتمد عددها على درجة الخصوصيّة المستخدمة عند تصنيف الاضطرابات. ويُعرَّف المرض بأنّه: تغييرٌ في الحالة الصحيّة، ويُمثِّل نمطاً فريداً من الأعراض الذي يعتمد كليّاً على مستوى تحليلنا. فكلّما كان تحليلنا أكثر دقّة، لاحظنا بعض الفروقات الدّقيقة.

وفي حين أنّ جميع الأمراض الوراثيّة تقريباً هي أمراضٌ نادرة، إلا أنّها ليست جميعها أمراضاً وراثيّة. حتّى الآن، لا يزال السّبب الكامن وراء الكثير منها غير معروف.

الأمراض النادرة خطيرة، وغالباً ما تكون مزمنةً وتدريجيّةً. وبالنسبة للعديد منها يمكن ملاحظة العلامات عند الولادة أو في مرحلة الطفولة، كما هو الحال في ضمور العضلات الشوكي القريب، أو الورم العصبي الليفي، أو خلل تكوّن العظم. ومع ذلك، فإنَّ أكثر من 50٪ من الأمراض النادرة تظهر في أثناء مرحلة البلوغ، مثل أمراض هنتنغتون والتصلّب الجانبي الضموري وسرطان الغدّة الدرقية.

إقرأ أيضاً: أشهر الأمراض الوراثية وطرق الوقاية منها

أشهر الأمراض النادرة:

فيما يلي قائمة باثني عشر مرضاً من الأمراض النادرة حول العالم يجب أن تكون على درايةٍ بها:

1. بروجيريا:

الشيخوخة المبكرة

الشيخوخة المبكرة، المعروفة أيضاً باسم متلازمة (هاتشينسون-جيلفورد-بروجيريا)، اضطرابٌ وراثيٌّ نادرٌ جداً يتسبّب في تقدّم عمر الأطفال بسرعة، بدءاً من السنين الأولى من حياتهم. وعادةً ما يظهر الأطفال المصابون به طبيعيّين عند الولادة، إلّا أنّه خلال السنة الأولى تبدأ العلامات والأعراض بالظهور، مثل: النمو البطيء وفقدان الشعر.

تعدّ مشكلات القلب أو السكتات الدماغيّة السبب النهائيّ للوفاة لدى معظم الأطفال المصابين بهذا المرض، ويبلغ متوسط العمر المتوقع للطفل المصاب حوالي 13 عاماً. ولا يوجد علاجٌ له، ولكن تظهر الأبحاث الجارية بعض الأمل في العلاج.

2. صغر الرأس:

صغر الرأس هو حالةٌ نادرةٌ جداً تظهر فور الولادة، وأحياناً قبلها، بحيث يصبح الرأس أصغر من رأس الطفل العادي عند الولادة. ويعتقد الكثيرون أنّ هذا المرض ينجم إمّا عن التّعرض لمواد خطرة أثناء وجود الطفل في الرحم مثل الإشعاع، أو عن المشكلات الوراثية. وعادةً ما يقترن هذا المرض بمتلازمة داون.

إنّ مَن يعاني من صغر الرأس عادةً ما يكون متخّلفاً عقليّاً، ويواجه مشكلات في فرط النّشاط والقزامة، ومشكلاتٍ في التوازن، ومشكلاتٍ في النطق والحركة، بالإضافة إلى مشكلاتٍ أخرى.

3. الفقاع:

يعدّ الفقاع مرضاً جلديّاً نادراً يؤدي إلى ظهور بثورٍ على شكل فقاعاتٍ وتقرّحاتٍ على الجلد، أو على الأغشية المخاطيّة في الفم أو الأنف أو العينين أو الحلق أو الأعضاء التناسليّة، ولكن تُعدُّ بثور الجلد والفم من أكثرها ظهوراً.

توجد أنواعٌ كثيرة من هذا المرض لكن الفقاع الشائع (Pemphigus Vulgaris) من أهمّ الأنواع. يختلف الفقاع الشائع عن الأنواع الأخرى، بأنّه يبدأ في الفم ويؤدي إلى الألم الذي يكون عادةً أخفّ من الألم والحكة اللّذين يسببهما الفقاع من نوع (Fosiaceus) مثلاً. وبغضّ النظر عن نوع الفقاع فإنّ البثور التي تنشأ تكون ناعمةً وضعيفة، وتنفتح بسهولةٍ مؤدّيةً إلى تشكّل التّقرحات التي يتم شفاؤها ببطء. ويحدث المرض لأسبابٍ مجهولة، ويعدّ أحد أمراض المناعة الذاتيّة، فهو لا يسبب العدوى، ويصاب به الإنسان في أيّ عمر، ولكن غالباً ما يُصيب متوسطي وكبار السن.

4. الورم العضلي الأملس الوعائي اللمفي:

مرضٌ نادرٌ يصيب النساء بين سن العشرين والأربعين حصراً، ويتمثّل في تداخل ونمو خلايا العضلات في الرئتين والدم الرئوي والأوعية اللمفاويّة وغشاء الجّنب، وهذا الخلل يتطوّر بشكلٍ بطيءٍ ولكن مستمر. ومن أعراضه: السّعال وآلام الصدر وضيق التنفس ونفث الدم من المجرى التنفسي، وعادةً ما تنتهي حياة المريض بسبب فشل الجهاز التنفسي.

5. التصلّب الجانبي الضموري:

مرضٌ عصبيٌّ يتّطور بشكلٍ تدريجي، ويؤثر على خلايا الأعصاب في الدماغ والحبل الشوكي. وقد يؤدي هذا الضمور في الخلايا العصبيّة الحركيّة في الجسم إلى الموت. وعندما يصاب به الإنسان، يفقد الدماغ القدرة على تحريك العضلات والسيطرة عليها. وينتهي الأمر بالمصابين به إلى الشّلل، ومن أشهر مَن أصيب به العالم الشهير ستيفن هوكينغ.

6. مرض هنتنغتون:

حالةٌ وراثيّة تؤدي إلى تلف بعض الخلايا العصبيّة في الدماغ، والمصابون به يولدون بخللٍ جيني، إلّا أن أعراضه لا تظهر إلّا بعد سن الثّلاثين أو الأربعين. وأولى الأعراض تتضمن الحركات اللاإرادية، وفقدان التوازن، وفقدان السيطرة على اليدين. وفي مراحل متقدمة يؤدي هذا المرض إلى التوقف عن المشي والحديث والبلع، وبعض المصابين يصل بهم الأمر إلى عدم التّعرف على أقاربهم أو التعبير عن مشاعرهم.

إقرأ أيضاً: 6 أمراض خطيرة تحدث نتيجة زواج الأقارب

7. انعدام القزحيّة:

مشكلةٌ صحيّةٌ لم تُجرَ عليها إلّا دراساتٌ قليلة حتّى الآن، وذلك بسبب ندرتها؛ حيث يصيب انعدام القزحيّة واحداً من بين 60 إلى 100 ألف مولودٍ جديد. يعاني المصابون بهذا المرض من طفرةٍ في الجين "باكس 6". ولم يعرف حتّى الآن سبب هذه الطفرة، إلا أنّ المصابين بها يعانون من الغياب التام لقزحيّة العين.

8. رنح فريدريخ:

مرضٌ يتمثّل بصعوبة تنسيق الحركات، وهو من الحالات النادرة التي تصيب الجهاز العصبي. ومن أعراضه صعوبة المشي وضعف العضلات وصعوبة الكلام والحركات اللاإراديّة للعينين وانحناء الجسم. وعادةً ما يترافق مع مشاكلٍ في القلب. وتظهر أولى أعراضه بين سن 5 و15 عام، ثم يحتاج الإنسان إلى كرسيّ متحرك.

9. متلازمة أرنولد كياري:

هي في الواقع عيوبٌ في بنية الدماغ، وهناك عدّة أنواعٍ من هذا المرض الذي يحدث في الجمجمة غالباً، حيث تكون أصغر من المعتاد، وبالتالي تجبر غشاء المخ على التمدد نحو الأسفل في القناة الشوكيّة، وهو ما يسبّب ألام الرقبة ومشاكل التّوازن وتنسيق الحركات وصعوبات الرؤيّة، وخدراً غير طبيعيّ في اليدين والساقين.

10. متلازمة منيار:

متلازمة منيار

يظهر هذا المرض في جهاز السّمع من خلال الإصابة المستمرة بالدوار والغثيان، وذلك بسبب عيبٍ في الوعاء الذي يحتوي السائل داخل الأذن، حيث أنّ زيادة هذا السائل عن الكميّة المُفترضة يؤدي إلى فقدان السمع مؤقتاً، والإصابة بالدوار وحتى طنين الأذن.

11. مرض الزرق الذي يصيب العينين منذ الولادة:

يؤثّر على واحدٍ من بين كلّ عشرة آلاف مولودٍ في الدّول الصناعيّة. ويضمّ الغلوكوما أو مرض الزرق مجموعةً من المشاكل الصحيّة التي يمكن أن تؤدي إلى تلفٍ في الأعصاب البصريّة المسؤولة عن نقل الصورة من شبكيّة العين إلى الدماغ ليتمّ تحليلها، إذ يفقد هذا العصب أليافه، وبالتالي يتناقص حقل الرؤية لدى المريض، ويعاني من ذرف الدّموع، ويضطر إلى إبقاء عينيه مغمضتين.

12. كيس تارلوف: 

مرضٌ نادر يتمثّل في تَشَكُّل أكياسٍ صغيرة من السوائل حول الممرات العصبيّة في الحبل الشوكي، مما يسبب ألماً حاداً وعدم القدرة على التّحكم في التبول.

إقرأ أيضاً: 8 حالات تحتاج فيها إلى مراجعة طبيب العيون فوراً

اليوم العالمي للأمراض النادرة:

قد لا يكون الكثير منكم على درايةٍ بحقيقة أنّ اليوم الأخير من شهر شباط من كلّ عام يتمّ تمييزه باعتباره يوماً نادراً للمرض. ويتمّ الاحتفال به في جميع أنحاء العالم للفت الانتباه إلى أنواع مختلفةٍ من الأمراض التي تصيب عدداً محدداً من الأشخاص ولا يوجد علاجٌ محدّدٌ لها. ويهدف إلى تسليط الضّوء على أهميّة البحث من أجل تحديد أسباب هذه الأمراض والمحفزات والوصول إلى علاجٍ لها.

أُطلِق اليوم العالمي للأمراض النادرة منذ عام 2008 مِن قِبل يورورديس (EURORDIS)، المنظمّة الأوروبيّة للأمراض النادرة، وهي تحالفٌ غير حكوميّ يحرّكه منظمات المرضى والأفراد النشطين في مجال الأمراض النادرة، وهو يشجّع الأبحاث على الأمراض النادرة والتّطوير التجاري للأدويّة اليتيمة.

الهدف الرئيسيّ لهذا اليوم هو رفع مستوى الوعي بالأمراض النادرة من أجل بدء البحث للعثور على العلاجات. يتمّ تنظيم الآلاف من الأحداث في جميع أنحاء العالم كلّ عام خلال شهر فبراير (شباط) للاحتفال بمناسبة يوم الأمراض النادرة. وتنظِّم منظمات المرضى وأخصائيو الرعاية الصحيّة والباحثون وواضعو السياسات وأعضاء آخرون في مجتمع الأمراض النادرة، أحداث هذا اليوم.

الخلاصة:

يبقى إحساس الألم والمعاناة الذي يقضُّ مضجع مريض الأمراض النادرة وأهله، وما يختبره من أعراض غريبة ومؤلمة وغامضة المنشأ؛ الدّافع الأساس للباحثين والعلماء على البحث المتواصل والجدّي من أجل إيجاد علاجٍ لهذه الأمراض والتّخفيف من المرارة التي يشعر بها أصحابها وذويهم.




مقالات مرتبطة