أسماء سورة الفاتحة

قال تعالى في كتابه الكريم: {وَإنَّهُ لَتنزيلُ العَالَمينَ * نزلَ به الرُّوحُ الأمينُ} (الشعراء: 192-193)، فالقرآن الكريم نزل من الله عز وجل وحده لا من غيره، وهو أفضل الكتب السماوية، ونزل على أفضل الرسل وأفضل الخلق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وبأفضل الألسنة وأكثرها فصاحة، وهو اللسان العربي، وأيضاً نزل إلى أفضل أمة أُخرِجَت للبشر.



فضلاً عن ذلك فإنَّ القرآن الكريم صادق وكامل عظيم لا اعوجاج فيه ولا عبث؛ بل إنَّه مستقيم في ذاته يملأ قلب المسلم بالمعرفة والإيمان، وينير عقله ويهدي نفسه ويطهرها، فلشدة عظمة القرآن الكريم قال تعالى: {لَو أنزَلنَا هذا القرآن عَلَى جبل لَرأَيتَهُ خَاشعاً مُتَصدِّعاً من خَشية الله} (الحشر: 21)، فتمثل هذه الآية الكريمة شدة تأثير القرآن في النفوس، وهو ذلك الكتاب الذي تحدى الله تعالى به الجن والإنس على أن يأتوا بمثله، فعجزوا.
كل ما سبق جعل المسلم يرتبط بالقرآن الكريم ارتباطاً وثيقاً، فهو مصدر الراحة والسكينة والأمان والاطمئنان بالنسبة إليه، وجعله يبحث أكثر ليفهم كل ما يتعلق بالقرآن الكريم وسوره جميعها، واليوم مقالنا سيحدثك عن السورة التي يفتتح بها القرآن الكريم وهي "سورة الفاتحة"، والتي يطلق عليها أيضاً عدة أسماء أخرى؛ لذلك تابع القراءة لتتعرف إلى أسماء سورة الفاتحة وأهم المعلومات المتعلقة بها.

لماذا سميت سورة الفاتحة بهذا الاسم؟

لقد سميت سورة الفاتحة بهذا الاسم لأنَّ القرآن الكريم يُفتتح بها، فتبدأ السورة بالبسملة {بسم الله الرَّحمن الرَّحيم}؛ أي إنَّ القرآن الكريم يبدأ مستعيناً باسم الله عز وجل المستحق للعبادة وحده لا شريك له "الرحمن الرحيم" ذي الرحمة العامة الذي وسعت رحمته كل شيء وكل مخلوق، وهما اسمان من أسماء الله الحسنى، ولكن اختص الله تعالى برحمته الكاملة الأنبياء والأولياء المتقين، وتم الاستعانة بالله عز وجل ليبتعد الشيطان، وتنزل بركة الرحمن الرحيم.
وردت عدة أحاديث تؤكد عظمة وفضل سورة الفاتحة، ومنها ما يؤكد أنَّه لا صلاة لمن لا يقرأ سورة الفاتحة في صلاته بحسب قول الرسول صلى الله عليه وسلم : "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب"؛ لذلك شرع الله عز وجل أن يقرأ المسلم الفاتحة في كل ركعة، وورد أيضاً أنَّ سورة الفاتحة لم يرد مثلها في الكتب السماوية الأخرى، فقد قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في قوله: "والذي نفسي بيده، ما أُنزلَ في التوراة، ولا في الإنجيل، ولا في الزَّبور، ولا في الفُرقان مثلها، إنَّها السبع المثاني، والقرآن العظيم الَّذي أعطيته".

أسماء سورة الفاتحة:

أسماء سورة الفاتحة كثيرة، فقد أُطلِقَت عليها مجموعة من الأسماء لغايات وأسباب مختلفة، وأهم وأبرز أسماء سورة الفاتحة هي الآتية:

1. فاتحة الكتاب:

ذكرنا آنفاً حديثاً عن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يطلق فيه على سورة الفاتحة اسم فاتحة الكتاب، ووردت عدة أحاديث منها حديث عن أبي قتادة رضي الله عنه قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الركعتين الأوليين من صلاة الظهر بفاتحة الكتاب وسورتين"، ووردت رواية أخرى قوله: "ويقرأ في الركعتين الأخريين بفاتحة الكتاب"، وأيضاً ورد عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنَّه قال: "أمرنا أن نقرأ بفاتحة الكتاب وما تيسر".
يوجد أيضاً حديث ابن عباس رضي الله عنهما أنَّه قال: "أبشر بنورين أوتيتهما لم يؤتهما نبيٌّ قبلك: فاتحة الكتاب، وخواتيم سورة البقرة"، وورد عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنَّه قال: "كنا نقرأ في الظهر والعصر خلف الإمام في الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وسورة، وفي الأخريين بفاتحة الكتاب"، وعن عمرو بن شعيب عن أبيه وعن جده أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "كل صلاة لا يُقرَأ فيها بفاتحة الكتاب، فهي خداجٌ".

2. السبع المثاني والقرآن العظيم:

قال تعالى في كتابه الكريم: {ولَقد آتينَاكَ سَبعاً من المَثَاني والقرآن العظيمَ} (الحجر: 87)، وقد فسر الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم قول الله تعالى "سبع المثاني والقرآن العظيم" بسورة الفاتحة من خلال الأحاديث التي وردت عن الرسول منها ما ذكرناه فيما سبق في حديث عمرو بن شعيب، وكذلك ورد وصف الرسول لسورة الفاتحة بالسبع المثاني والقرآن العظيم في حديث أبي هريرة وأبي سعيد بن المعلَّى وأُبي بن كعب رضي الله عنهم، والسبب في تسمية سورة الفاتحة بالسبع المثاني هو الثناء على الله تعالى وحمده الكثير والتمجيد له الذي ورد فيها، ومن خلالها يتم حمد الله والثناء عليه في كل ركعة من كل صلاة للمسلمين.
أما سبب تسميتها بالقرآن العظيم فغالباً السبب في ذلك أنَّها تشمل على جميع المعاني التي يشملها القرآن العظيم، وورد أيضاً أنَّ السبب وراء تسمية سورة الفاتحة بالسبع المثاني أنَّ الله عز وجل استثناها وخصها لهذه الأمة، وذكرنا آنفاً عدم وجود شبيه لها في الديانات والكتب السماوية الأخرى.

3. أم القرآن:

سميت سورة الفاتحة بهذا الاسم لكونها أصل القرآن الكريم بها يبتدئ، وتشتمل على معانيه كلها، والعرب كانت تسمي كل جامع أمر وله توابع "أماً"، وورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: "لا تُجزى صلاة لا يقرأ فيها بأم القرآن"، وفي حديث آخر قال عليه الصلاة والسلام: "أم القرآن هي السبع المثاني، والقرآن العظيم".

شاهد بالفديو: فضل قراءة القرآن الكريم

4. أم الكتاب:

قال تعالى في كتابه الكريم: {وعندَهُ أُم الكتاب} (الرعد: 39)، وأيضاً قال تعالى: {منهُ آياتٌ مُحكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الكتاب وأخَرُ مُتَشَابهَاتٌ} (آل عمران: 7)، وفي قوله تعالى: {وإنَّه في أمِّ الكتاب لَدينَا لَعليٌ حَكيمٌ} (الزخرف: 4)، وسمي مختلف الآيات المحكمات التي تشتمل الحلال والحرام باسم "أم الكتاب"، فورد ذلك في قوله تعالى: {هُوَ الَّذي أنزَلَ عَلَيكَ الكتابَ منهُ آياتٌ مُحكَمَاتٌ هُنَّ أمُّ الكتَاب وَأُخَرُ مُتَشَابهاتٌ} (آل عمران: 7).

5. الرُّقية:

ورد عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنَّه قال: "كنا في مسير لنا، فنزلنا فجاءت جارية، فقالت: إنَّ سيد الحي سليم، وإنَّ نفرنا غيَّب، فهل منكم راق؟ فقام معها رجل ما كنا نأبنه برُقية، فرقاه فبرأ، فأمر لنا بثلاثين شاة وسقانا لبناً، فلما رجع قلنا له: أكنت تُحسن رقية، أو كنت ترقي؟ قال: لا ما رقيت إلا بأم الكتاب، فقلنا: لا تُحدثوا شيئاً حتى نأتي أو نسأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "وما يدريه أنَّها رقية؟ اقسموا، واضربوا لي بسهم".
ورد أيضاً عن خارجة بن الصلت عن عمه أنَّه مرَّ بقوم فأتوه، فقالوا: إنَّك جئت من عند هذا الرجل بخير، فارقِ هذا الرجل، فأتوه برجل معتوه في القيود، فرقاه بأم القرآن، ثلاثة أيام غُدوةً وعشيةً، كلما ختمها جمع بُزاقه ثم تفل، فكأنَّما أنشط من عقال، فأعطوه شيئاً، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "كل، فلعمري لمن أكل برقية باطل، لقد أكلتَ برقية حقٍّ".

إقرأ أيضاً: دعاء قبل وبعد قراءة القرآن

6. الصلاة:

ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "قال الله تعالى: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي شطرين، فنصفها لي ونصفها لعبدي، ولعبدي ما سأل"، قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقرؤوا يقولُ العبدُ: {الحَمدُ لله ربِّ العَالَمينَ}، فيقول الله عز وجل حمدني عبدي ولعبدي ما سأل فيقولُ: {الرَّحمن الرَّحيم}، فيقول أثنى عليَّ عبدي ولعبدي ما سألَ يقولُ: {مَالك يوم الدِّين}، فيقولُ الله مجَّدني عبدي فهذا لي وهذه الآية بيني وبين عبدي نصفين يقولُ العبد: {إيَّاكَ نعبُدُ وإيَّاكَ نَستعينُ} ولعبدي ما سأل وآخر السورة لعبدي فيقول العبدُ: {اهدنا الصِّرَاطَ المُستقيمَ صراطَ الَّذينَ أنعَمتَ عليهم غَير المغضُوب عَلَيهم ولا الضَّالَينَ}، فهذا لعبدي ولعبدي ما سألَ.

7. الحمد:

سميت سورة الفاتحة باسم "الحمد"؛ لأنَّها تبدأ بعد البسملة بالحمد لله، وورد حديث عن أبي هريرة رضي الله عنه عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "الحمد لله أم القرآن، وأم الكتاب، والسبع المثاني".

8. الأساس:

لأنَّها أساس القرآن الكريم.

9. الشافية:

لأنَّ قراءتها تشفي من كل داء.

10. الوافية:

لأنَّها تستوفي معاني القرآن الكريم كلها.

11. الكافية:

لأنَّها قراءتها تكفي عن سواها.

12. الكنز:

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "إنَّ الله عز وجل أعطاني فيما منَّ به علي إنِّي أعطيتك فاتحة الكتاب وهي من كنوز عرشي، ثم قسمتها بيني وبينك نصفين".

إقرأ أيضاً: 6 آداب لقراءة وتلاوة القرآن الكريم

في الختام:

سورة الفاتحة هي السورة التي بدأ فيها القرآن الكريم، وهذا سبب تسميتها بالفاتحة، ولكن أُطلِقَت عليها أيضاً عدة أسماء، وقد ذكرنا في مقالنا أبرز أسماء سورة الفاتحة ومعانيها مثل اسم "أم المثاني" و"القرآن العظيم" و"أم الكتاب" واسم "أم القرآن"، وقد وردت عدة أحاديث تؤكد تسمية سورة الفاتحة بتلك الأسماء، وأيضاً سميت باسم "الصلاة" وباسم "الحمد" لكونها تبدأ بحمد الله عز وجل وشكره، وأيضاً سميت بالكنز والأساس والكافية لأنَّ قراءتها تكفي، وجميع الأسماء تعود لفضل سورة الفاتحة وما تشمله من معاني عظيمة.




مقالات مرتبطة