أثر قمع الأفكار في التخلِّي عن العادات السيئة

اسمح لي أن أكلِّفك بمهمة، أريدك ألا تفكر في شخص معين؛ أي عليك حجب الأفكار كلَّها المتعلقة به من عقلك.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدون ستيفن أيتشيسون (Steven Aitchison)، ويُحدِّثنا فيه عن قمع الأفكار، والتخلي عن العادات السيئة.

إذا كانت محاولة عدم التفكير فيه قد زادت من أفكارك عنه، فهذا يعني أنَّك اختبرت التأثير المتناقض لما يسميه علماء النفس قمع الأفكار (Thought suppression)؛ إذ يمكن لعملية محاولة عدم التفكير ببعض الأفكار أن تزيد من تكرارها عن غير قصد، وتجعلك تشكُّ في قدرتك على التحكم بها.

بالنظر إلى أنَّ الناس غالباً ما يستخدمون قمع الأفكار لمحاولة التوقف عن العادات السيئة، مثل التدخين أو تناول كثير من الطعام، يمكنك معرفة سبب كون هذا الأمر مشكلة في دراسة عن قمع الأفكار، وتناول المشاركون الذين وُجهوا لعدم التفكير بالشوكولاتة مزيداً من الشوكولاتة، وحتى أكثر من المشاركين الذين قيل لهم أنَّهم بإمكانهم التفكير في أيِّ شيء أو الذين طُلب منهم التفكير في الشوكولاتة تفكيراً خاصاً.

لذلك حذَّر اختصاصيو الحميات ألا تحاول قمع الأفكار المتعلقة بالطعام، فقد ينتهي بك الأمر باستهلاك المزيد، وكذلك يعدُّ التدخين من أكثر العادات التي يَصعُب الإقلاع عنها؛ إذ يصبح الناس مدمنين جسدياً ونفسياً على التبغ؛ لذلك مرةً أخرى، إذا كنت ترغب في الإقلاع عن التدخين، فتوقف عن قمع الأفكار المتعلقة به.

 وجد الباحثون في دراسة أُجريت على أشخاص مدخنين على مدى ثلاثة أسابيع، أنَّ الأشخاص الذين حاولوا ألا يفكروا في التدخين، دخنوا سجائر أكثر من أولئك الذين فكروا في التدخين، وفي الواقع يجد المدخنون الذين لديهم ميل أكبر لقمع الأفكار من أيِّ نوع صعوبةً في الإقلاع عن التدخين.

في دراسة أُجريت في جامعة كاليفورنيا (University of California) في لوس أنجلوس (Los Angeles)، عُرض على المشاركين الذين كانوا في علاقات عاطفية صوراً لأشخاص جذابين، وطُلب منهم تقييمهم وكتابة سبب جاذبيتهم، وبعد ذلك طُلب منهم كتابة مقال قصير عن انجذابهم لشركائهم في أثناء قمع أفكارهم المتعلقة بالشخص الجذاب الذي عُرض عليهم في الصورة، وكما كان متوقعاً أبلغ المشاركون عن زيادة أفكارهم المتعلقة بالشخص الجذاب.

ومن جهة أخرى طُلب من أشخاص آخرين كتابة مقال قصير عن مشاعرهم تجاه شريكهم، ومن المثير للاهتمام أنَّ هؤلاء الأشخاص كانت لديهم أفكار أقل عن الشخص الجذاب في الصورة حتى بعد قمع أفكارهم؛ ولذلك من الممكن أن يخفف الحب من آثار قمع الأفكار.

شاهد بالفيديو: 9 عادات سيئة تدمّر نجاح الإنسان وتحد من قدرته على الإنجاز

لا تستخدم قمع الأفكار:

ما يزال معظم الناس، وعلى الرَّغم من عدم فعالية قمع الأفكار يستخدمون هذه الطريقة عند محاولة الإقلاع عن عادة سيئة، أو على الأقل السيطرة عليها. إذاً ما البديل؟ الجواب البسيط هو عدم استخدام هذه الطريقة إطلاقاً.

تقبَّل أنَّ قمع الأفكار يأتي بنتائج مخالفة، فهو لا يؤدي إلى مزيد من الأفكار حول الشيء الممنوع فحسب؛ بل يجعلك تتوق إليه أكثر ممَّا قد يؤدي إلى المزاج السلبي.

ينبغي من أجل التعامل مع هذا النوع من الأفكار السلبية ألا تتخلص منها؛ بل أن تغيِّر استجابتك لها؛ إذ يستخدم العلاج ما وراء المعرفي (Metacognition Therapy) الذي طوره الطبيب النفسي أدريان ويلز (Adrian Wells) في جامعة مانشستر (University of Manchester) بعض الأساليب العلاجية المحددة لتحقيق ذلك، وأحد هذه الأساليب يسمى "اليقظة المنفصلة" (detached mindfulness).

إقرأ أيضاً: 9 طرق مثبتة علميَّاً للتخلص من العادات السيئة

ختاماً:

ينطوي هذا الأسلوب على إدراك الأفكار دون الاستجابة لها بمزيد من التفكير، أو محاولة السيطرة عليها أو قمعها، أو التصرف بناءً عليها أساساً بترك الأفكار دون التفكير فيها، ومن المرجح أن تختفي بسرعة أكبر ممَّا لو حاولت حجبها.

لذا فإنَّ الكَف عن محاولة حجب الأفكار المتعلقة بالأشياء الضارة أو التي قد ندمن عليها من الممكن أن يساعدنا في إدارة هذه السلوكيات، وتقليلها.

المصدر




مقالات مرتبطة