آيات قرآنية وأحاديث نبوية عن الأمانة

من أَجَمل القِيَم الخُلُقيّة التي بُنِيَت عليها الشريعة الإسلاميّة هي الأمانة، وهي قيمة عظيمة تُصان بها حقوق الله عزَّ وجلّ وحقوق عباده، وهي من أشهر ما اتّصف به رسولنا الحبيب صلّى الله عليه وسلّم حتّى قبل نزول الرسالة عليه فقد كان لقبه بين قومه قبل بعثته "الأمين". وقد ألزم الإسلام المسلمين بالأمانة وحثَّ عليها وأوجبها عليهم وجوباً، ودعا إلى أدائها في كلّ الأمور التي تتصل بالفرد والمجتمع.



فيما يلي سنتحدَّث عن موضوع الأمانة وسنستعرض مجموعةً من أهم الآيات التي وردت في القرآن الكريم عن الأمانة والأحاديث النبويّة الشريفة التي تحدَّث فيها الرسول الكريم عن الأمانة وأهميتها.

ما هي الأمانة؟

1. الأمانة لُغةً:

مشتقة من مادة (أ م ن) الهمزة والميم والنون، يُقَال أَمِنَ يَأمَنُ أَمَانَة أي صار أميناً.

والأمانة: هي ضدَّ الخيانة ومعناها سُكون القلب.

وتُطْلَق الأمانة على الصِفَة التي يتَّصف بها الإنسان، قال تعالى: {فإنْ أَمِنَ بعضُكُم بعضاً فليؤدِ الذي اؤتُمِنَ أمانته}، (سورة البقرة)، فيُقَال فلان أمينٌ، والعرب تقول: (رجلٌ أُمَّانٌ) إذا كان أميناً، كما يُطْلَق الأمين على المُؤتَمَن والمُؤْتَمِن، وكل حق سواء كان ماديّاً أم معنويّاً يجب عليك حفظه فهو أمانة.

2. الأمانة اصطلاحاً:

عرَّف الطبري الأمانة تعريفاً جامعاً إذ هي: "جميع معاني الأمانات في الدين والفرائض وأمانات الناس"، وقد أخذ به جمهور المفسِّرين.

والأمانة: "كل شيء يؤتَمَن عليه الإنسان من أمر ونهي، وشأن دين ودنيا، فالشرع كلّه أمانة.

أنواع الأمانة:

تدخل الأمانة في كثير من المجالات؛ أو بمعنى آخر إنَّ الإسلام حثنا على الأمانة في كل أمر وعمل، وأنواع الأمانة هي:

  • الأمانة مع الله: وتكون بالإيمان بالله تعالى وطاعته واجتناب ما نهى عنه
  • الأمانة في الأموال والأعراض: والتي تكون بإعطاء كل إنسان حقه، كأن تعطي العامل أجره والوارث حقه والزوجة مهرها، والأمانة في الأعراض تكون بعدم تتبع العورات وكف النظر إلى محارم البيوت وتجنُّب الغيبة والنميمة والشتم والذم وقذف المحصنات.
  • الأمانة في الجهاد: وتتعلق بالحروب والشدائد فيجب على المجاهد الالتزام بالرسالة التي يقاتل من أجل تحقيقها.
  • الأمانة في النصيحة: فالمسلم عليه أن ينصح الآخرين بغرض إصلاح حالهم، فلا ينصح أحداً بما يضره حتى إن تعارض ذلك مع رغباته أو مصالحه.
  • الأمانة في كتم الأسرار: وهي حفظ أسرار الآخرين والستر على عيوبهم ونقاط ضعفهم.
  • الأمانة في الأجسام والأرواح: وتكون بحفظ النفس مما يضرها وتجنُّب التعرض لها بسوء كالقتل أو الجرح والأذى.
  • الأمانة في العلوم والمعارف: فمن الأمانة نسب كل قول لصاحبه ونقل العلوم بالشكل الصحيح دون تحريف.
  • الأمانة في الولاية: وتكون بحفظ أسرار الدولة وتأدية الحقوق إلى أهلها وحفظ أموال الناس وأرواحهم.
  • الأمانة في الشهادة: وتكون بعدم تحريف الواقع أو تغييره ونقله دون زيادة أو نقصان عندما يُطلَب من الإنسان أمر نقله.
  • الأمانة في القضاء: وتكون بإصدار الأحكام بعدل.

آيات عن الأمانة:

  • قال تعالى: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: 283].
  • قال تعالى: ﴿وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ [آل عمران: 75].
  • قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا﴾ [النساء: 58].
  • قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [الأنفال: 2].
  • قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [المؤمنون: 8 - 11].
  • قال تعالى: (وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاء مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَن يَهْدِيَنِي سَوَاء السَّبِيلِ وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ فَجَاءتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ) [القصص: 23-26].
  • قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ﴾ [المعارج: 32 - 35].
  • قال تعالى: ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً﴾ [الأحزاب: 72].

آيات قرآنية عن الأمانة في العمل:

قال الله - عزّ وجلّ - في قصة النبي موسى - عليه السلام - ما يدل على تخلّقه بالأمانة في عمله: (فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ* فَجَاءتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ* قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ) (القصص/ 23 - 25).

الأمانة في الكتاب والسنة:

الأمانة في القرآن الكريم:

قال الله - تعالى-: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا)، فتأدية الأمانات وإرجاعها لأصحابها واجبٌ من الواجبات على المسلم.

وقال - تعالى - أيضاً: (إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولاً)، فقد عظَّم الله - تعالى - الأمانة وبيّن أنّ حملها ثقيلٌ فبيّن عدم قدرة السماوات والأرض على تحمّلها، فعلى المرء حفظ الأمانات لينال الأجر والثواب، وإلّا فإنّه سيظلم نفسه في الدنيا والآخرة إن قصّر في حفظها أو إن خان من ائتمنه في الأمور المادية أو المعنوية من أحاديث وأسرارٍ، وتكون الأمانة في العديد من تصرفات الإنسان؛ كأن يؤدي عمله بأمانةٍ وألا يفرِّط في الوقت بانشغاله بغير وظيفته أو تأخّره عن عمله، وأن يعطي ما هو مطلوبٌ منه بحقٍّ دون تقصيرٍ، فالأمانة صفةٌ من صفات المؤمنين، وقد وعد الله - تعالى- بالجنة مَن اتّصف بها، قال – سبحانه -: (وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ*وَالَّذِينَ هُم بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ*وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ*أُولَـئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُّكْرَمُونَ).

الأمانة في السنة النبوية:

الأمانة صفةٌ عُرف بها نبيّ الله محمد - صلّى الله عليه وسلّم - بين المشركين فكانوا يثقون به، ويضعون أمانتهم عنده منذ الجاهلية، ثمّ أنكروا عليه أمانته بعد أن جاءهم بصفته نبياً.

وقد وردت العديد من الأحاديث النبوية التي تحثّ على التخلّق بالمنة، والتي تبيّن بعض ما يتعلّق بها من أمورٍ، ومن تلك الأحاديث:

  • (إذا ضُيِّعَتِ الأمانَةُ فانْتَظِرِ السَّاعَةَ)، أخرجه الإمام البخاري في صحيحه عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبيّ - صلّى الله عليه وسلّم.
  • وفي حديثٍ آخرٍ: (آيَةُ المُنافِقِ ثَلاثٌ: إذا حَدَّثَ كَذَبَ، وإذا وعَدَ أخْلَفَ، وإذا اؤْتُمِنَ خانَ)، فالخيانة دليلٌ على النفاق، وهي من مساوئ الأخلاق، فالجدير بالمسلم أن يجعل تصرفاته وأقواله خالصةً لله - تعالى- لا يسعى بها إلّا لرضاه – سبحانه -، مع الحرص على امتثال هدي محمدٍ - صلّى الله عليه وسلّم -.

ومن الأمانة حفظ الأموال وعدم غِش الناس أو أكل أموالهم بالباطل، وتأدية الفرائض من صلاةٍ وصيامٍ وغير ذلك بأمانةٍ ونيةٍ خالصةٍ لله – تعالى -.

خلق الأمانة في القرآن:

ذكر المفسّرون أنّ الأمانة في القرآن الكريم جاءت على ثلاثة أوجه وهي على النحو الآتي:

  • الأمانة بمعنى الفرائض التي فرضها الله - تعالى- على عباده وأمرهم بأدائها والقيام بها، ومنه قول الله – تعالى -: (لا تَخونُوا اللَّـهَ وَالرَّسولَ وَتَخونوا أَماناتِكُم)، وقوله: (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ).
  • الأمانة بمعنى الودائع؛ فقد أوجب الله على عباده المحافظة عليها وأدائها إلى أصحابها، ومنه قول الله - تعالى-: (إِنَّ اللَّـهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلى أَهْلِهَا)، وقوله: (وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ).
  • الأمانة بمعنى عفّة النفس؛ ومنه قول الله -تعالى- في سورة القصص: (إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ).

خيانة الأمانة في القرآن الكريم:

وردت في القرآن الكريم آيات عديدة تتحدث عن خيانة الأمانة والغدر لتحذير المسلمين من الإقدام على ذلك منها ما يأتي:

  • قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّاناً أَثِيماً} (سورة النساء:107).
  • قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} (سورة الأنفال:27).
  • قال تعالى: {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ 55 الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لَا يَتَّقُونَ 56 فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ 57 وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَىٰ سَوَاءٍ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ} (سورة الأنفال:55-58).

أحاديث نبوية عن الأمانة:

وَرَدَت العديد من الأحاديث النبويّة الشريفة التي تدل على أهميّة الأمانة وعظمتها والحَث على حفظها ونذكر منها:

1. ضياع الأمانة ونزعها من قلوب الرجال من علامات الساعة:

  • فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: بينما النبي صلّى الله عليه وسلّم يحدِّث القومَ، جاءه أعرابيٌّ فقال: متى الساعة؟ فمضى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يحدِّث، فقال بعض القوم: سمع ما قال فَكَرِه ما قال، وقال بعضهم: بل لم يسمع، حتّى إذا قضى حديثه، قال: ((أين - أُراهُ - السائل عن الساعة؟))، قال: هأنا يا رسول الله، قال: ((فإذا ضُيِّعَت الأمانة، فانتظر الساعة))، قال: وكيف إضاعتها؟ قال: ((إذا وُسِّد الأمر إلى غير أهله، فانتظر الساعة))، رواه البخاري.
  • رَوَى الشَّيخَانِ عَن حُذَيفَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - حَدِيثَينِ قَد رَأَيتُ أَحَدَهُمَا، وَأَنَا أَنتَظِرُ الآخَرَ. حَدَّثَنَا " أَنَّ الأَمَانَةَ نَزَلَت في جَذرِ قُلُوبِ الرِّجَالِ، ثُمَّ نَزَلَ القُرآنُ فَعَلِمُوا مِنَ القُرآنِ وَعَلِمُوا مِنَ السُّنَّةِ. ثُمَّ حَدَّثَنَا عَن رَفعِ الأَمَانَةِ قَالَ: " يَنَامُ الرَّجُلُ النَّومَةَ فَتُقبَضُ الأَمَانَةُ مِن قَلبِهِ، فَيَظَلُّ أَثَرُهَا مِثلَ الوَكتِ، ثُمَّ يَنَامُ النَّومَةَ فَتُقبَضُ الأَمَانَةُ مِن قَلبِهِ، فَيَظَلُّ أَثَرُهَا مِثلَ المَجلِ، كَجَمرٍ دَحرَجَتهُ عَلَى رِجلِكَ فَنَفِطَ فَتَرَاهُ مُنتَبِرًا وَلَيسَ فِيهِ شَيءٌ - ثُمَّ أَخَذَ حَصىً فَدَحرَجَهُ عَلَى رِجلِهِ - فَيُصبِحُ النَّاسُ يَتَبَايَعُونَ، لا يَكَادُ أَحَدٌ يُؤَدِّي الأَمَانَةَ، حَتَّى يُقَالَ: إِنَّ في بَني فُلاَنٍ رَجُلاً أَمِينًا،

حَتَّى يُقَالَ لِلرَّجُلِ: مَا أَجلَدَهُ مَا أَظرَفَهُ مَا أَعقَلَهُ! وَمَا في قَلبِهِ مِثقَالُ حَبَّةٍ مِن خَردَلٍ مِن إِيمَانٍ " وَلَقَد أَتَى عَلَيَّ زَمَانٌ وَمَا أُبَالي أَيَّكُم بَايَعتُ، لَئِن كَانَ مُسلِمًا لَيَرُدَّنَّهُ عَلَيَّ دِينُهُ، وَلَئِن كَانَ نَصرَانِيًّا أَو يَهُودِيًّا لَيَرُدَّنَّهُ عَلَيَّ سَاعِيهِ، وَأَمَّا اليَومَ فَمَا كُنتُ لأُبَايِعَ مِنكُم إِلاَّ فُلاَنًا وَفُلانًا))، أخرجه أحمد والبخاري ومسلم.

2. الأمانة دليل على إيمان المرء وحسن خُلُقه وهي من أغلى ما يرزقه الله للعبد:

  • عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: ((مَا خَطَبَنَا نَبِيُّ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم إِلاَّ قَالَ:لاَ إِيمَانَ لِمَنْ لاَ أَمَانَةَ لَهُ، وَلاَ دِينَ لِمَنْ لاَ عَهْدَ لَهُ))، أخرجه أحمد.
  • عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: ((أَرْبَعٌ إِذَا كُنَّ فِيكَ، فَلاَ عَلَيْكَ مَا فَاتَكَ مِنَ الدُّنْيَا: حِفْظُ أَمَانَةٍ، وَصِدْقُ حَدِيثٍ، وَحُسْنُ خَلِيقَةٍ، وَعِفَّةٌ فِي طُعْمَةٍ))، أخرجه أحمد.

3. المسؤوليّة أمانة، فكل إنسان لديه أمانة في عنقه هو مسؤول عنها:

  • عبدالله بن عمر رضي الله عنهما: سمِعْتُ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: ((كلُّكم راعٍ وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيَّتِه، الإمامُ راعٍ ومسؤول عن رعيَّته، والرجلُ راعٍ في أهله وهو مسؤولٌ عن رعيَّته، والمرأةُ راعيةٌ في بيت زوجها ومسؤولةٌ عن رعيَّتِها، والخادمُ راعٍ في مال سيِّده ومسؤولٌ عن رعيَّتِه))، قال: وحسبتُ أن قد قال: والرجلُ راعٍ في مال أبيه ومسؤولٌ عن رعيَّتِه، وكلُّكم راعٍ ومسؤولٌ عن رعيَّتِه))، البخاري.

إنَّ للأمانة شأن عظيم، يُلزِم على العباد رعاية حقّها والاهتمام بها، فهي والرحم يأتيان يوم العرض للأمين والخائن، والواصل والقاطع ، فيحاجان عن المحق الذي راعاهما، ويشهدان على المُبطل الذي أضاعهما ليتميّز كل منهما عن الآخر:

  • فعن حذيفة عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: ((وترسل الأمانة والرحم فتقومان جنبتي الصراط يميناً وشمالاً))، رواه مسلم.

4. حِفْظ الأمانة وحُسن أدائها دليل على صدق إيمان العبد وخيانة الأمانة دليل على نفاق العبد:

  • عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم، قَالَ: ((أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ، كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ، حَتَّى يَدَعَهَا: إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ، وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ))، أخرجه أحمد والبخاري ومسلم.
إقرأ أيضاً: أقوال وحكم عن الغدر والخيانة

5. أداء الأمانة ضمانة للعبد من النبي صلّى الله عليه وسلّم بدخول الجنّة والنجاة من النار:

  • روى الإمام أحمد في مسنده وابن حبان في صحيحه والحاكم في مستدركه وغيرهم عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه: عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال: ((اضمنوا لي ستّاً من أنفسكم أضمن لكم الجنة: اصدقوا إذا حدّثتم، وأوفوا إذا وعدتم، وأدّوا إذا ائتمنتم، واحفظوا فروجكم، وغضّوا أبصاركم، وكفّوا أيديكم)).

6. الأمانة في العمل واجبة على كل إنسان وذلك بأن يُحسِن ويُنجِز عمله بكل أمانة وصدق:

  • عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ الله عَنْهَا: أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم قَالَ: إِنَّ الله يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلاً أَنْ يُتْقِنَهُ. أخرجه البيهقي فى شعب الإيمان، الألباني في السلسلة الصحيحة.

7. الأمانة سبب من أسباب نَيْل محبّة الله عزّ وجل ومحبّة الرسول صلّى الله عليه وسلّم:

  • فعن عبد الرحمن بن أبي قراد رضي الله عنه: "أنَّ النبي صلّى الله عليه وسلّم توضّأ يوماً، فجعل أصحابه يتمسَّحون بوضوئه، فقال لهم النبي صلّى الله عليه وسلّم: «ما يحملكم على هذا؟»، قالوا: حب الله ورسوله فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «من سرَّه أن يحب الله ورسوله، أو يحبّه الله ورسوله فليصدق حديثه إذا حدث، وليؤدِّ أمانته إذا اؤتمن، وليُحسِن جوار من جاوره»، رواه البيهقي وحسّنه الألباني.

الأمانة صفة مُمَيِّزَة ومُرافِقَة للرسل:

فقد ذُكِرت (إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ) خمس مرَّات متتالية على لسان الأنبياء في سورة الشُّعراء: فقد قالها نبيُّ الله نوح في آية [107]، ونبيُّ الله هود في آية [125]، ونبيُّ الله صالح في آية [143]، ونبيُّ الله لوط في آية [162]، ونبيُّ الله شعيب في آية [178].

ولقد اتّصف النبي صلّى الله عليه وسلّم منذ صغره ولُقِّبَ بين قومه (بالصادق الأمين)، ففي قصّة هرقل مع أبي سفيان رضي الله عنه قال هِرَقل: سألتُك عن ماذا يأمركم -أي: النبي- فزعمتَ أنَّه يأمُر بالصلاة والصِّدق والعفاف والوفاءِ بالعهد وأداء الأمانة، وهذه صِفَة نبي. (متّفق عليه).

ومن آخِر ما أوصى به النبي صلّى الله عليه وسلّم من الوصايا في حجّة الوداع الوصيّة بالأمانة فقال: ((وَمَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ أَمَانَةٌ فَلْيُؤَدِّهَا إِلَى مَنِ ائْتَمَنَهُ عَلَيْهَا - وَبَسَطَ يَدَيْهِ فَقَالَ - أَلاَ هَلْ بَلَّغْتُ أَلاَ هَلْ بَلَّغْتُ أَلاَ هَلْ بَلَّغْتُ - ثُمَّ قَالَ - لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ فَإِنَّهُ رُبَّ مُبَلَّغٍ أَسْعَدُ مِنْ سَامِعٍ))، (أخرجه أحمد وأبو داود).

شاهد: أقوال وحكم رائعة عن أهمية الصدق والأمانة

حديث عن الأمانة في العمل:

حذَّرَنا الرسول الكريم في كثير من الأحاديث من الخيانة في العمل وأمرنا بالأمانة والصدق، ومن الأحاديث نذكر ما يأتي:

  • عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أمَّن الله المال فأنفقه في حقِّه كان ذلك الأفضل له. (رواه البخاري ومسلم).
  • عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاثةٌ أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حرَّاً فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيراً فاستوفى منه ولم يعطه أجره. (رواه البخاري).

حديث عن الأمانة للأطفال:

حثَّنا الإسلام على تعليم الأطفال القيم الأخلاقية الحميدة، ومنها الأمانة لبناء مجتمع صالح ومتين، وفيما يأتي حديث عن الأمانة للأطفال:

عن عبد الله بن عبد المطلب رضي الله عنهما قال: كنت خلف النبي صلى الله عليه وسلم يوماً فقال: يا غلام إنِّي أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أنَّ الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف. (رواه الترمذي).

هذا الحديث يحث الأطفال على الابتعاد عن الكذب والخيانة والسرقة ويحفزهم على حفظ الأمانات لأنَّه خير لهم في الدنيا والآخرة.

إقرأ أيضاً: القيم الأخلاقيّة في الإسلام، ونصائح مهمة لغرسها في أطفالنا

حديث عن ضياع الأمانة:

وردت أحاديث نبوية تحدثنا عن ضياع الأمانة في آخر الزمان منها ما يأتي:

  • عن شداد بن أوس وأنس بن مالك رضي الله عنهما قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أول ما تفقدون من دينكم الأمانة وآخره الصلاة.
  • عن عبد بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أول ما تفقدون من دينكم الأمانة وآخر ما يبقى من دينكم الصلاة وليصلين قوم لا دين لهم ولينزعن القرآن من بين أظهركم، قال يا أبا عبد الرحمن: ألسنا نقرأ القرآن وقد أثبتناه في مصاحفنا؟ قال: يسرى على القرآن ليلاً فيذهب من أجواف الرجال فلا يبقى في الأرض منه شيءٌ.
  • عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة قال: كيف إضاعتها يا رسول الله؟ قال: إذا أسند الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة.
  • عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أول ما يرفع من الناس الأمانة وآخر ما يبقى من دينهم الصلاة ورب مصلٍّ لا خلاق له.
  • عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ من علامات الساعة أن يؤتمن الأمانة على غير أهلها.

في الختام:

وأخيراً نورِد قول ابن كثير في الأمانة ومعناها، فقد قال رحمه الله في الأمانة: "إنَّ الله تعالى يأمُر بأداء الأمانات إلى أهلها، وهو يعمُّ جميع الأمانات الواجبة على الإنسان، من حقوق الله عز وجل على عباده، من الصلاة والزكاة والصيام، والكفَّارات والنُّذُور، وغير ذلك، ممَّا هو مؤتَمن عليه، ومن حقوق العباد بعضهم على بعض، كالودائع وغير ذلك ممَّا يأتمنون به، فأمر الله تعالى بأدائها، فمَنْ لم يفعل ذلك في الدنيا أُخِذ منه ذلك يوم القيامة، كما أَمَرَ الله تعالى بالحُكْم بالعَدْل بين الناس، وأداء الأمانات، وغير ذلك من أوامره وشرائعه الكاملة العظيمة الشاملة، فهو سبحانه سميع للأقوال بصير بالأفعال".




مقالات مرتبطة