8 طرق تختطف عبرها التكنولوجيا عقولنا... هذا ما يقوله أحد خبراء جوجل!

"تريستان هاريس" هو خبيرٌ في الطرق التي تستغل التكنولوجيا من خلالها نقاط الضعف النفسية لدينا لجني المزيد من المال، فقد قضى هذا الخبير 3 سنواتٍ من حياته التي عمل فيها أخصائياً في مجال أخلاقيات التصميم (design ethicist) في الاهتمام بطريقة تصميم التكنولوجيا بطريقةٍ تحمي عقول مليارات الأشخاص من الاختطاف. إذ إنَّه عوضاً عن تركيز الاهتمام والنظر نظرةً متفائلة إلى الأمور الجيدة التي تؤديها التكنولوجيا يبحث عن إجابةٍ عن هذا السؤال:

أين من الممكن أن تستغل التكنولوجيا نقاط الضعف الموجودة في عقولنا؟



لقد تعلّم "هاريس" التفكير كما يُفكّر الساحر حينما يبحث دائماً عن تشتيت انتباه الناس عن أشياء وتركيز انتباههم على أشياء أخرى بحيث يتمكّن من التأثير عليهم دون أن يشعروا.

وهذا ما يقوم به تحديداً مصممو المنتجات في جوجل، وفيسبوك، والعديد من الشركات التكنولوجية الأخرى، فإليك 8 طرق يقومون من خلالها بذلك حسبما يقول "هاريس":

1- إذا تحكّمت في القائمة فأنت تتحكّم في خيارات الأشخاص:

لقد بُنيَت الثقافة الغربية حول أفكار الحرية الشخصية وحرية الاختيار، وعلى الرغم من أنَّنا ندافع عن حقّنا في حرية الاختيار، يغيب عن أذهاننا الطريقة التي يتم التلاعب فيها بالخيارات من قِبَل أشخاص يختارون هُم محتوى القوائم التي نراها. وحينما نرى خياراً ما في قائمة من النادر أن نتساءل إذا ما كان ثمَّة خيارات غير الموجودة في القائمة.

فانظر كيف يقدم موقع (Yelp) اقتراحاته حينما تبحث من خلاله عن مقهىً لتذهب إليه في مساء السبت، هذا لا يعني أنَّ الخيارات التي يقدمها ليست خياراتٍ جيدة، بل كل ما في الأمر هو أنَّ رغبتك أساساً في البحث عن مقهىً قد جرى توجيهها من خلال الإجابات التي يمكن أن تقدمها التكنولوجيا. فهي لم تأخذ في الحسبان أنَّك ربما تبحث عن مقهى تتمكن فيه من إجراء نقاشٍ هادئٍ وحميمي مع أصدقائك لا عن مقهىً يمكنك ممارسة الرقص فيه.

ومن ثمَّ ينتهي بنا المطاف بالتخلّي عن قدرتنا على الاختيار لصالح التكنولوجيا التي يمكنها أن تختار لنا بكل بساط، ولكن يجب علينا أن نتساءل إذا ما كانت الخيارات المُقدَّمة لنا لها علاقة باحتياجاتنا الحقيقية.

2- آلة القمار الموجودة في مليارات الجيوب:

إذا أردت تصميم تطبيق يجذب الناس إليه بشكلٍ دائم فإنَّ أفضل طريقةٍ للقيام بذلك هي تحويل التطبيق إلى آلة قمار. يتفقد الأشخاص هواتفهم 150 مرةً في اليوم وسطياً، فهل نرى أي شيءٍ مفيدٍ في كل مرةٍ نتفقد فيها هواتفنا؟

الجواب هو لا، ولكن في بعض المرات التي نتفقد فيها هواتفنا نحصل على قيمةٍ من نوعٍ ما، فيُشجّعنا هذا على الاستمرار في تفقُّد هواتفنا بحثاً عن تلك المرات التي وجدنا أنَّنا في حاجةٍ إليها.

ووفقاً لـ "هاريس" يضع جميع مصممي التكنولوجيا "شكلاً من أشكال المكافآت التي تظهر بصورةٍ متقطعة" لزيادة الانجذاب نحو تطبيقهم. إذ إنَّك ترفع المِقْبَض فتحصل على المكافأة تماماً مثلما يحدث في تجارب التكيّف الكلاسيكية التي تُجرى على الحيوانات.

فهل ينجح هذا فعلاً في الهواتف؟ وفقاً لـ "هاريس" نعم ينجح، وهو يقول إن آلات القمار تجني في الولايات المتحدة أكثر ممَّا تجنيه رياضة البيسبول، والأفلام، ومدن الملاهي مجتمعةً.

الحقيقة المفجعة هي أنَّ المليارات من الناس لديهم في جيوبهم آلات قمار، فحينما نُخرِج هواتفنا من جيوبنا فإنَّنا نجرب حظنا مثلما نفعل من خلال آلات القمار لنرى إذا ما أتتنا أي إشعارات.

3- تحريك "الخوف من إهدار الفرصة" لدينا:

وفقاً لـ "هاريس"، تختطف التطبيقات والمواقع الإلكترونية عقولنا من خلال إقناعنا أنَّنا قد نفوِّت أمراً مهماً إذا لم نتفقد آخر الإشعارات بشكلٍ مستمر.

حيث يقومون بذلك من خلال إقناعنا بأنَّهم القناة الأهم للحصول على المعلومات المهمة، أو بناء العلاقات مع الأصدقاء، أو الحصول على فرص محتملة لإقامة علاقات مع الجنس الآخر.

وحينما تقتنع أنَّ قناةً ما مهمةٌ للحصول على بعض المعلومات المهمة من الصعب حينها أن تلغي اشتراكك أو أن تحذف حسابك.

4- إيهامك بأهمية السعي إلى الحصول على القبول الاجتماعي:

يتأثر الجميع بالقبول الاجتماعي، إذ نرغب جميعاً في الشعور بالانتماء، وأن نحظى باستحسان الآخرين وتقديرهم.

حيث يدفعنا كلٌّ من فيسبوك، وإنستغرام، وسناب شات إلى البحث عن ذاك القبول الاجتماعي من خلال اقتراح أشخاص للإشارة إليهم في الصور، حيث لا يتم هذا بقرارٍ واعٍ بل من خلال استخدام تلك المنصات الذكاء الاصطناعي للتعرف على وجوه الأشخاص واقتراح الإشارات.

ويقوم فيسبوك بهذا أيضاً من خلال من خلال إظهار التغيرات التي تطرأ على الصور الشخصية في أعلى قائمة الـ (newsfeed) لأنَّهم يعلمون أنَّ هذه اللحظة لحظةٌ مهمة بالنسبة إلى الأشخاص الساعين إلى الحصول على القبول الاجتماعي.

ويعلم المصممون أنَّنا نتأثر بالقبول الاجتماعي لذا فإنَّهم يستغلون هذا التأثُّر في تصميم تطبيقاتهم.

5- تشجيع مبادلة المعاملة التي تحصل عليها على وسائل التواصل الاجتماعي بالمثل (والقيام بمزيد من التفاعلات من خلال التطبيق):

مثلما هو الحال مع القبول الاجتماعي نحن نسعى كذلك إلى مبادلة الآخرين معاملتهم لنا، حيث تستغل شركات التكنولوجيا هذا من خلال ابتداع أمور يجب علينا مبادلتها بالمثل عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

"لينكدن" هو أبرز منصةٍ توجَّه إليها أصابع الاتهام في هذا السياق حيث إنَّهم يحثونك بشكلٍ مزعج على إضافة أشخاص من المحتمل أنَّك تواصلت معهم من خلال إضافتهم إلى قائمة الأشخاص الذين تعرفهم، أو الرد على رسائلهم، أو تزكية المهارات التي يتمتعون بها.

6- القوائم التي لا نهاية لها:

أحد الأمور المهمة للاستمرار في تفاعل المستهلكين مع المنتج هو أن تستمر في إظهار المزيد لهم حتى بعد الانتهاء من عملية استهلاك المنتج أو استخدامه. حيث يشغل يوتيوب على سبيل المثال بشكلٍ آلي الفيديو الآتي بعد الانتهاء من مشاهدة الفيديو الأول، وقد أصبح فيسبوك يقوم بالأمر نفسه الآن مثلما يفعل "نيت فليكس".

وتدَّعي شركات التكنولوجيا غالباً أنَّها تحاول أن تسهِّل عليك استخدام تطبيقاتها، وهذا صحيح. ولكنَّ نتيجة ذلك هي أنَّك ستقضي مزيداً من الوقت في استخدام التطبيق وستزيد الأموال التي يجنونها هم من خلال الإعلانات التي يُظهرونها لك.

7- مقاطعتك بشكلٍ مستمر لجذب اهتمامك:

تلفت الإشعارات التي تظهر على الشاشة اهتمامك إليها بسهولةٍ أكبر موازنةً مع ما تفعله الرسائل التي تصل إلى صندوق الوارد في بريدك الإلكتروني، السبب في ذلك أوَّلاً يعود إلى أنَّ تلك الإشعارات تقاطعك باستمرار حينما تصل إلى شاشة هاتفك، في حين أنَّك ستتفقد الرسائل الإلكترونية على الأرجح في وقتٍ يناسبك.

وفي النهاية تعزز شركات التكنولوجيا الشعور بالإلحاح وبأهمية مبادلة المعاملة التي تحظى بها على وسائل التواصل الاجتماعي بالمثل، ونتيجةً لذلك تعيش لحظات حياتك مشوَّشاً.

يُعَدُّ هذا مأساوياً على نحوٍ لا يُصدَّق فمع تناقص المدة الزمنية التي يستطيع الناس تركيز اهتمامهم خلالها حول العالم نستمر نحن في التأقلم مع عيش حياتنا متجاوبين مع ما يحدث حولنا.

8- الانتقال من المساعدة على أداء المهمات إلى قضاء المزيد من الوقت في التطبيق:

تبدأ التطبيقات عادةً ببناء قاعدة من المستخدمين من خلال مساعدتهم على أداء المهام وحل مشاكلهم، وحينما يبلغ التطبيق مستوىً معين، ينتقل من مساعدة الناس على أداء تلك المهام إلى زيادة كامل الوقت الذي يقضونه داخل التطبيق.

فإذا أخذنا مخازن البقالة مثالاً، فإنَّ السببين الأكثر أهمية اللذين يدفعاننا إلى زيارتها هما شراء منتجات الأدوية وشراء الحليب. ولكنَّ مخازن البقالة تريد منك أن تشتري المزيد من الأشياء لذا يضعون هذه المنتجات في آخر المخزن.

تتصرّف شركات التكنولوجيا بالطريقة نفسها، فإذا أردت الدخول إلى فيسبوك على سبيل المثال للبحث عن حدثٍ تخطط لحضوره في تلك الليلة سيتأكدون أوَّلاً من عرض قائمة الـ (newsfeed) عليك آملين أن يتشتت انتباهك ويزداد الوقت الذي تقضيه على فيسبوك.

المصدر




مقالات مرتبطة