5 طرق لتحسّن من طريقة حديثك وكتابتك في آنٍ واحد

منذ ما لا يقلُّ عن 5000 عام والبشر يتواصلون مع بعضهم البعض بطريقتين رئيسيّتين وهما التحدُّث والكتابة. وكمُتحدّث باللغة العربيّة على وجه الخصوص، قد تظنُّ أنّ الكتابة والتكلّم هما شيئين متشابهين إلى حدّ ما أي وجهان لعملة واحدة. لكن في الواقع هُما عملتين مُختلفتين تماماً. وفي دراسة عام 2015 أظهرت أنّ التكلُّم والكتابة تُفيدان بالفعل منطقتين مميّزتين من الدّماغ. ماذا يعني ذللك بالنسبة لك؟

إذا كُنت تعتقد أنّ التكلّم بالأماكن العامّة هو مجرّد إيصال للأفكار المكتوبة أو بعبارة أُخرى الكتابة بصوت مرتفع فأنت فهمت الأمر بشكل خاطئ بعض الشّيء (ستُشعر مُستمعيك بالنُّعاس). ومن ناحية أُخرى إذا ما كتبت بالضّبط كما تتحدّث، فإنّ كتابتك لن تكون ذات صدى كبير لدى القرّاء كما ينبغي لها أن تكون. لذا فإنّه بالقليل من الاهتمام الزّائد بهذه الاختلافات الخمسة التي عادةً ما يغفل عنها الكثيرون بين الكتابة والتحدُّث، قد يساعدك على تحسين كلتا المهارتين في الوقت ذاته.



1. ضبط مستوى انتباه الجمهور

من أكبر الفروقات بين الكتابة والتكلُّم هو مستوى الانتباه للجمهور، بحيث يكون بالشّكل المطلوب لإيصال رسالتِك. عندما تتكلّم، فإنّ مُستمعيك نادراً ما يركّزون 100% فيما تقولهُ. فهناك الكثير من المقاطعات، كالأشياء التي يفكّرون فيها، ما ترتديه أنت من ملابس، كيف تبدوا الغُرفة (القاعة)، الطريقة التي يُسمعُ بها صوتُك...إلخ. كما أنّنا نفكّر ثلاث أو أربع مرّات أسرع ممّا نتكلّم، لذا فإنّ أفكار مُستمعيك ستكون دوماً قد سبقت كلماتك بأشواط.

عندما تكتُب، فقد يكون لديك المزيد من الجّمهور المتعلّق بالقراءة، ببساطة شديدة ومن خلال طبيعة القراءة، سيبقى هذا الفرق موجوداً على الأقل حتّى يتوقّف قرّاءُك عن القراءة. القُرّاء غالباً ما يكونونَ غارقين تماماً في سطور الصّفحة. القراءة تتطلّب درجة عالية من التّركيز، ممّا يُحرّرك أنت ككاتب لتقديم أفكارك بمنهجيّة أكبر، وهي لا تحتاجُ تلك التقنيات الحديثة لتجذب انتباه الجمهور والمستمعين كما هو الحال على الهواء مباشرةً.

شاهد أيضاً: فديو: 8 طرق هامة لتعلّم فن مخاطبة الجمهور

2. أعد ما كنت تقولهُ (فقط عند الحاجة)

في التحدُّث العرض الدرامي المُتكرّر أمر بالغ الأهميّة. عندما تقود سيارتك متجهاً نحوَ وجهة جديدة، تحتاج للتّذكير الدّائم (من خلال إشارات الطّريق) الذي يرشدُك إلى أين أنت ذاهب. التذكير يساعدُ مُستمعيك في البقاء معك جنباً إلى جنب في رحلة حديثك الشيّق، منذ البداية وحتّى النهاية.

من ناحية أُخرى، في الكتابة الإعادة غير ضروريّة في أغلب الأحيان وعادةً ما تُسبّب استياء القُرّاء. الكتابة لها قواعدها الخاصّة لتساعد على هيكلة الأفكار بشكل منتظم من خلال العناوين الرئيسيّة والفصول. القراءة تحتاجُ تركيزاً أكثر نوعاً ما من الإستماع، لذا فإنّ الإعادة بالكتابة ستبطّئُ فعلياً الإدراك وقد تُصيب القُرّاء بالإحباط، ممّا يدفعهُم للابتعاد عن كتاباتِك تماماً.

3. اختر كلماتك بعناية

عندما تتحدّث فإنّ اختيارك للكلمات مهم للغاية لكنّ الأمر ليس كذلك كما هو الحال عندما تفكّر بما ستقول. عندما تستمع الجماهير لكلامك فقد لا يتذكّرون عباراتٍ معيّنة حتى ولو كانوا يتتبّعون كلماتك عن كثب. الاستماع هو الإنتباهُ على مستوى التّفكير أكثر منهُ على مستوى الكلمة، ذلك لأنّ أدمغتنا تعملُ كمُحلّلة للكلمات، تتلقّى ما نسمعه وترسلهُ عبر المرشّحات إلى الذّاكرة. لذا عندما تتحدّث، قد يكون لديك مجال لكي تقرّر أيّ الكلمات ستستخدم لتنقل رسالتك للمستمعين.

عندما تكتُب، فإنّ إختيارك للكلمات سيكون أكثر دقّة. لأنّ قرّائك لا يستطيعون الإهتمام بالكلمات التي تختارها. سيهتمون أكثر باللغة غير الدّقيقة. فالكتابة الجيّدة بل والرّائعة لا تتميّز من خلال إتساع نطاق الكلمات المُختارة، بل تتميّر بإسلوب الكتابة من خلال اللغة المُختارة بعناية، والتي تكون الأنسب للفكرة أو للإنطباع الذي تودُّ إيصالهُ للآخرين. هذه القاعدة تنطبقُ كذلك على التحدُّث لكن يمكنني القول أنّها تلعب دوراً أكبر في الكتابة.

4. لا تعقّد الأمور

إنّ عدم التعقيد هو من أهم قواعد الحديث، أي أن تستخدم البنية الأقل تعقيداً في حديثك أكثر منها في الكتابة. السّبب الأهم لتجعلها سهلة هو أنّك تحتاجُ لإلتقاط أنفاسك. فعندما يطول حديثُك وتتعقّد الجُمل لديك، سوف تميلُ لسرد الكثير من الكلمات معاً، ممّا سيجعلُك تلهث. بالإضافة لأنّك ستلجأُ لبعض الكلمات التي قد تُريحك كـ "آه" و"إمم" أكثر من اللازم. لذا إجعل الأمرَ بسيطاً، وفكّر في حديثك من حيث انتقاء الكلمات، من حيث المعنى والوضوح، فكّر في مجموعة من الكلمات التي تتيحُ لك إلتقاط أنفاسِك. وذلك من خلال التحدُّث بعباراتٍ بسيطة، بدلاً من الجُمل المعقّدة، بهذا الشّكل ستزيدُ من طلاقتِك وتُساعدُ جمهورك على البقاء في تواصلٍ مستمرٍ معك.

الكتابةُ تسمح بالتّعقيد أكثر نوعاً ما، لأنّ القرّاء يميلون للقراءة أسرع ممّا يتحدّث المتحدّثون. حيثُ أنّ التوقّف لأخذ الأنفاس ليس بالأمر المُهم، حيثُ أنّ التحدُّث من خلال العقل (القراءة) تستطيعُ من خلاله وضعَ العديد من الكلمات في نَفَسٍ واحد، كما لو كنت تتكلّم. في بعض الحالات، قد يضيف بعض التعقيد التنوّع لكتابتك ويجعلُها أكثر مُتعة. الكُتّاب المميّزون يقومون بصياغة الجمل الطويلة، والقصيرة المعقّدة، أو جمل قصيرة مع بعضها البعض لتأثير أقوى على القارئ.

5. استخدم الإيقاع بمهارة

المتحدّث الفعَال يستخدم الإيقاع البسيط والواضح ليبقي جمهورهُ على تواصل معه. تستطيع تكرار عبارات محدّدة من أجل بناء إيقاعي متماسك. وهذه المهارة نفسها التي كثيراً ما يستخدمها الرّئيس "باراك أوباما" في مؤتمراتهِ.

الكتابة قد تستوعب أنماط إيقاعيّة أكثر تعقيداً. الكثير من الكُتّاب يميلون إلى التّفكير في التّشكيل المُبتكر للنّص والذي يعتبر حكراً على الكُتّاب المُبدعين، لكن في الحقيقة لا أحد يفضّل القراءة الجافّة، والمنثورة بشكل ثقيل. فمثلاً الكتابة في عالم الأعمال، ستُصبحُ في عالم الخيال إذا ما قُمنا بتكرار بعض الكلمات من أجل التأثير الخطابي. إنتبه لصوت الكلمات التي تملئ الصّفحة، وإستخدم الإيقاع في بناء الجّمل كما هو الواقع المعقّد من أجل تسريع أو تبطيء وتيرة القُرّاء.

في كلّ من الكتابة والقراءة، سيكون لديك القدرة على التحكُّم والسيطرة بكيفية تلقّي الجمهور لرسالتك. لكنّ القيام بأكثر من ذلك في كلتا الحالتين يبدأُ في التّمييز بين هذه الفروقات الخمس. ومن ثمّ إستخدامها بالطّريقة التي تراها أكثر فاعليّة.




مقالات مرتبطة