2- الرغبة في التغيير

سبق وان تناولنا في المقال السابق مما نتألم في سلسلة مباديء للنجاح كيف لابد ان نجعل من هذا الألم فرصة للإنطلاق وبداية حياة اجمل وأفضل واليوم اتطرق معكم  للموضوع الموالي ألا وهو الرغبة في التغيير .



 

في قصة من القصص يرويها شيخ عن أحد طلابه ، فقال : كان عندي طالب مواظب على حضور مجالسي وكان دائم الاجتهاد في طلب العلم و لكن كان هذا الطالب من عائلة فقيرة لا تقوى على تلبية حاجياتها اليومية ، وحاول هذا الشاب دائما حتى يجد عمل مستقر ليوفر على عائلته عناء الحاجة لصدقات المحسنين و لكن باءت مجملها بالفشل .
وفي يوم من الأيام جاءته فرصة ثمينة للعمل بمدينة أخرى . فاحتار في أمره  كيف يترك حلقات درسه عند شيخه الذي لازمه منذ مدة وأن انقطاعه هذا سيفوّت عليه دروسه فما العمل . فقال : جاءني ليستشيرني فشجعته على الذهاب وزودته بمجموعة من الكتب وأخبرته أنه كلما جاء في عطلة أني سأجالسه ليواكب ما فاته من الدروس ففرح كثيرا وشكرني وذهب ليجهّز نفسه للرحيل .
وبعدما هيأ نفسه ومستلزماته من لبس واكل وشرب أنطلق نحو مقصده ، بينما هو في الطريق وقد نالا التعب والعطش منه وذلك بعد نفاذ الماء الذي بحوزته وما عاد قادرا على مواصلة السير جلس على الأرض ليرتاح  . فإذ بـه يرى طائر صغير ملقى على الأرض لم يعد يقوى على الطيران من شدة العطش فقال كم هو مسكين هذا الطائر الصغير ناله ما نالني وأين سنجد الماء في هذه الصحراء .وفي لحظة يلفت انتباهه لطائر كبير يحط جنب هذا الطائر الصغير ويسقيه بالماء الذي يحمله في فمه حتى ارتوى واسترجع قواه ثم طارا في السماء ، فتعجب هذا الطالب من هذا المنظر الجميل وحمل أغراضه وعاد من حيث أتى .و في الغد يدخل علي لحضور  حلقة درسي فتعجبت منه فسألته ما بك عدت يا بني هل من شيء أصابك ؟ فأخبرني بقصته مع الطائرين وقال لي :  يا شيخي إن الذي رزق الطير الصغير في الصحراء إنه قادر على أن يرزقني وأنا في مدينتي هنا دون أذهب وأغترب واترك جلسة درسي فرد عليه الشيخ وهو غاضب جدا  قائلا له : يا بني لماذا اخترت أن تكون الطائر الصغير ولم تختر أن تكن الطائر الكبير .
فعلا لماذا ننتظر أن يقوم الآخرين بصناعة حياتنا ...لماذا تموت الطموحات قبل أن تبدأ...
فهل ستمطر السماء يوما ما ذهبا أو فضة ؟ أم ستمطر ألماسا وياقوت ؟
بل انه إذا لم تتوفر الإرادة الجادة للتغيير والرغبة الجامحة التي تدفعك من الداخل  ومن الأعماق والتي يمكن أن تفك شفرة معادلة الحياة المتميزة فإن السماء قد لا تمطر حتى الماء  .
إن طلب الحياة المتميزة يتطلب قرار جاد نابع من إرادة جادة للتغيير ثم العمل الجاد لتحقيق هذا القرار في ضل التوكل على الله لا التواكل عليه سبحانه .
 

أين يحدث التغيير ؟

صحيح إن فعالية النتائج من فعالية العمل ومن معرفة مواقع الألم ومواقع الداء، لذلك أحب أن أشير ان معرفة أين نحدث التغيير حتى نحصل على نتائج فعّالة هي بمثابة صمام الآمان لرحلة التميز .
ولقد قرأت مقالا للدكتور طارق السويدان في هذا المجال حيث يشير أن لبناء الإنسان المستقيم يجب العمل على تغيير الإنسان لخمس جوانب وهي : 1 تغيير الفكر والقناعات 2 تغيير الاهتمامات 3 تغيير المهارات 4 تغيير العلاقات 5 تغيير القدوات .
فعلا كذلك وإن أهم تغيير هو تغيير الفكر والقناعات لأن سلوكياتنا هي ترجمة لقناعتنا الفكرية التي تصنع مصيرنا . وأضيف أيضا لما قاله الدكتور وحسب رأي أنه أيضا نحن بحاجة للتغيير في العادات ولقد قرأنا في السيرة النبوية أنه غيّر النبي عليه الصلاة والسلام حينما هاجر من مكة نحو يثرب لباسه وهي عادة وأصبح يلبس لباس الأنصار حتى يكون التعايش مع أهل يثرب أسهل والتآلف أقوى فرأينا كيف تحولت يثرب إلى المدينة المنورة مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
 

ولقد علمتّنا الحياة انه لا أحد يستطيع ان يسجن فكرك وعقلك سواك . فالمفتاح بيدك تستطيع أن تتجاوز القضبان والسدود تستطيع صعود الجبال ( من يأبى صعود الجبال يعش أبد الدهر بين الحفر ) وتستطيع ان تحاول وتحاول وتحاول فنحن نتعلم من الإخفاق كما نتعلم من النجاح بل أحيانا أكثر بكثير وقالها المتنبي :

 

 إذا غامرت في شرف مروم ... فلا تقنع بما دون النجوم

 فطعم الموت في أمر حقير ... كطعم الموت في أمر عظيم
 
 

إذا كيف هي هــمتك ؟

 

نلتقي في المقال الموالي( علو الهمة)