17 خطوة للتحدث بثقة وتحسين نبرة صوتك (الجزء الثاني)

لقد تحدَّثنا في الجزء الأول من هذا المقال عن أهمية الصوت على الصعيدين العملي والشخصي، واستعرضنا 10 خطوات عليك تطبيقها لتحسين نبرة صوتك وتعزيز ثقتك بنفسك، وسنكمل باقي الخطوات في هذا الجزء الثاني والأخير لذا تابعوا معنا.



1. الإحماء الصوتي:

يُعدُّ الإحماء الصوتي أمراً أساسياً للتحدث بثقة، نعم قد تبدو تمرينات الإحماء سخيفة بعض الشيء، ولكن إذا سبق لك أن أجريت مكالمة قبل أن تتحدث إلى أيِّ شخص طوال اليوم ولاحظت أنَّك تتلعثم، حينئذ ستستفيد على الأرجح من الإحماء الصوتي.

فكر في الأمر بهذه الطريقة: مثلما تحتاج عضلاتك إلى الإحماء قبل الجري يحتاج صوتك أيضاً إلى الإحماء قبل إلقاء خطاب أو تقديم عرض تقديمي أو إجراء مكالمة هاتفية.

يعد إجراء إحماء صوتي بسيط لمدة 3 دقائق قبل المكالمات أو الاجتماعات أو العروض التقديمية طريقة رائعة لتهيئة صوتك.

إليك تمرين إحماء سهل وممتع يسمى "Goog" وتُلفَظ "جوج"، مع لفظ الجيم مثلما تُلفَظ باللهجة المصرية، يبدو التمرين كالآتي: "Goog goog goog goog goog goog".

  • انطق أول "goog" بنبرة صوت مريحة أو منخفضة.
  • انطق "goog"، وفي كل مرة تنطقها زد حدة الصوت حتى تصل إلى "goog" الرابعة.
  • عندما تصل إلى "goog" الخامسة، خفِّض حدة الصوت حتى تصل إلى "goog" السابعة، يجب أن ينتهي بك الأمر مرة أخرى عند نقطة البداية.
  • كرر هذا التمرين بضع دقائق، أو حتى يصبح صوتك جاهزاً.

صُمِّم تمرين "Goog" لتمهيد كل من النغمات المنخفضة والنغمات العالية في صوتك بحيث يبدو واثقاً وواضحاً، وبذلك يتدفق صوتك بسلاسة.

خطوة عملية: قبل الاجتماع، وقبل التواصل مع أحد، وقبل إلقاء خطاب أو عرض ترويجي، خصِّص بضع دقائق لإحماء صوتك.

2. الابتسام:

ابحث عن شيء يجعلك تبتسم، فالسعادة الحقيقية أفضل من الابتسامة المزيفة في أي يوم، فقد وجدت دراسة جديدة أجراها باحثون في جامعة سانتا باربرا (University of Santa Barbara) أنَّنا نستمع إلى أصواتنا لمعرفة ما نشعر به، إليك ما فعله الباحثون:

  • طلبوا من المشاركين في الدراسة التحدث من خلال ميكروفون يسجل أصواتهم.
  • خلف الكواليس تلاعب الباحثون بأصوات المشاركين في الوقت المناسب لجعلها تبدو إمَّا أسعد أو حزينة أو دون تغيير على الإطلاق.
  • أرسلوا التسجيل الصوتي إليهم من خلال سماعات الرأس (لم يكن المشاركون على دراية بتغيير أصواتهم).

هنا كانت النتيجة المذهلة؛ إذ أُثيرت عواطف المشاركين لدى استماعهم إلى أصواتهم المُعدَّلة سواء كانت سعيدة أم حزينة، وتشير هذه النتائج إلى أنَّ نبرة صوتنا وطبقة صوتنا وخصائصنا الصوتية الأخرى تساعدنا على فهم عواطفنا ومعالجتها.

أذهل هذا الباحثين، وقد أسفرت هذه الدراسة عن أول دليل رسمي على وجود علاقة مباشرة بين طبيعة أصواتنا وما نشعر به؛ لذا في المرة القادمة التي تشعر فيها بالقلق أو الغضب تحدَّث بحماسة باستخدام نبرة صوت سعيدة، وابتسم في تلك الأثناء لتندهش من السرعة التي يمكنك بها تحسين حالتك المزاجية وتغيير حالتك العاطفية من خلال هذه الحيلة البسيطة.

إليك بعض النصائح للعثور على شيء يثير ابتسامتك:

  • لا تتحقق من البريد الإلكتروني مباشرة قبل إجراء مكالمة أو في أثناء الانتظار على الهاتف؛ فقد تقرأ شيئاً يزعجك يجعلك ترد بغضب.
  • شاهد بعض مقاطع الفيديو المضحكة على تطبيق يوتيوب (YouTube).
  • انظر إلى صورة ملف التعريف للشخص الذي تتحدث إليه على تطبيق لينكد إن (LinkedIn)، في بعض الأحيان نواجه مشكلة في التواصل عبر الهاتف، لكن إذا حاكيت مشاعر وجودك وجهاً لوجه مع ذلك الشخص فمن المرجح أن تبتسم أكثر وتستخدم المزيد من إيماءات اليد، هذا يحسن من أداء صوتك.
  • لا ترد أبداً على الهاتف عندما تكون في حالة مزاجية سيئة، تذكر أنَّ مشاعرك مُعدية.

3. اتخاذ وضعية الوقوف في أثناء التحدث:

ليس فقط تنفسك وحبالك الصوتية هي التي تجعل صوتك أفضل؛ لذا عند التحدث أمام الجمهور من الضروري أن تقف أو تجلس ويكون ظهرك مستقيماً؛ هذا يجعل صوتك أقوى وأوضح، ليس فقط لأنَّه يسمح لك بالتنفس بعمق؛ بل لأنَّه يجعلك تبدو أكثر ثقة أيضاً.

السبب في نجاح هذا هو أنَّه يوفر مساحة أكبر في صدرك وحبالك الصوتية وفمك، فكلما زادت المساحة التي توفرها في جسدك سهل عليك التنفس، وزيادة ارتفاع صوتك وقوته.

إليك أفضل طريقة لاتخاذ وضعية وقوف مثالية للحصول على صوت واثق:

  • رفع الجزء العلوي من رأسك نحو السقف.
  • ثني ذقنك إلى الداخل.
  • إرجاع لوحي الكتف للخلف والأسفل.
  • إرخاء المعدة.
  • عدم ثني الركبتين.

خطوة عملية: إذا استطعت قف في أثناء التحدث عبر الهاتف، وإذا كان عليك الجلوس في أثناء الاجتماع فاستخدم ذراعي الكرسي لمنح جسمك أكبر قدر ممكن من الاتساع.

4. إجراء محادثة ودية:

للتواصل مع جمهورك عليك التحدث كما لو كنت تُجري محادثة مع أعضاء معينين، تحديداً تحدَّث كما لو كنت تُجري محادثة مع صديق، فتنجح هذه الطريقة؛ لأنَّه كلما كان صوتك ودوداً وهادئاً زاد تقبُّل جمهورك لك، كما أنَّك ستبدو أكثر صدقاً ممَّا لو عاملت عروضك التقديمية بعقلية الترويج لشيء ما لجمهورك، مثل مندوبي المبيعات، أو محاولة كسبهم.

تذكر، أنت لست مضطراً لتقديم عرض لأصدقائك؛ لذلك لا تقدم عرضاً لجمهورك أيضاً.

يمكنك أيضاً التدرب أمام صديق لتعزيز هذه الاستراتيجية، مع أنَّ هذا النهج قد لا يكون مناسباً في بعض البيئات المهنية إلَّا أنَّه يُعد طريقة رائعة للتواصل مع معظم الجماهير.

5. الضحك من القلب:

لا يوجد شيء أفضل من مشاركة الضحك مع صديق، أنت تعرف نوع الضحك الذي يجعل عينيك تدمعان، وأنت تحاول جاهداً التقاط أنفاسك؛ لكنَّك تبدأ في الضحك مرة أخرى، ولكن هل سبق لك أن لاحظت كيف تتغير ضحكتك اعتماداً على الشخص الذي تضحك معه؟

عرضت دراسة لتمييز الضحك بين الأصدقاء من الضحك بين الغرباء مقاطع من الضحك على المشاركين وطلبت منهم تحديد أيها بين الأصدقاء وأيها بين الغرباء، وبالنتيجة استطاع المشاركون التمييز بينها بدقة مذهلة تصل إلى 61%؛ هذا لأنَّ الضحك بين الأصدقاء يختلف عن الضحك بين الغرباء:

  • في الضحك بين الأصدقاء تكون المدة أقصر بين نوبات الضحك.
  • يكون الضحك غير منتظم من ناحية ارتفاع الصوت وحدته.

لدى البشر نوعان مختلفان من الضحك: حقيقي ومهذب.

الضحك الحقيقي هو نوع الضحك الذي نشاركه مع الأصدقاء، ويتميز بأنَّه:

  • عفوي.
  • طوعي.
  • أطول.
  • أعلى.
  • صادق.

هذا هو نوع الضحك الذي يجعل أضلاعك تنقبض مع إصدار صوت صفير في بعض الأحيان؛ لكنَّ هذا لا يعني أنَّ الضحك المهذب "مزيف" بأي حال من الأحوال؛ فهو ليس كذلك، فالضحك المهذب هو:

  • مهذب (من الواضح).
  • يسترضي الآخرين.
  • يعبر عن السخاء.
  • يُستخدم في آداب السلوك الاجتماعي.

يُستخدم الضحك المهذب بين الغرباء، وهو تلميح اجتماعي ضروري وهام؛ على سبيل المثال يُستخدم الضحك المهذب في هذه المواقف:

  • تسمع زملاءك في العمل يضحكون فتضحك معهم لتشعر بالاندماج.
  • يروي ممثل كوميدي نكتة غير مضحكة فيضحك الجمهور باحترام مجاملة له.

غالبية الناس ماهرون في تمييز الفرق بين الاثنين؛ لذلك إذا كنت تريد حقاً أن تبدو واثقاً من نفسك وتتواصل مع جمهورك فمن الأفضل استخدام الضحك الحقيقي.

خطوة عملية: حاول تُضيف القليل من الفكاهة في المرة القادمة التي تقدم فيها عرضاً، ولا تنسَ تشجيع تبادُل الضحك.

6. تبني عقلية العطاء:

تنطوي عقلية العطاء على تقديم قيمة للآخرين وليس طلبها منهم؛ لذا إذا كنت تريد تقديم عرض فعليك القيام بما يأتي:

  • فكر في نفسك على أنَّك معلم.
  • لا تحضر الاجتماعات بهدف الحصول على شيء من الحاضرين؛ فأنت ذاهب لتعرض شيئاً عليهم.
  • قدِّم مساعدة حقيقية وصادقة.

إذا كنت تقابل رئيسك في العمل، أو شخصاً هاماً فإنَّه من الخطأ أن تظنَّ أنَّ لديهم المعلومات التي تريدها، أو حتى أسوأ من ذلك، حضور المقابلة بنية الأخذ دون تقديم أي شيء، لكن يجب أيضاً ألا تقدم مشورة ليس لديك فكرة عنها؛ لذا عليك تحقيق توازن، اعرف ما تجيده، ولا تقدِّم كلاماً لا معنى له من أجل العرض فقط.

لتبنِّي عقلية العطاء، غيِّر وجهة نظرك باتباع النصائح الآتية:

  • اعرض المساعدة.
  • كن صريحاً، وأصغِ إلى اقتراحات الآخرين.
  • استخدم أفكارك وأفعالك لحل مشكلة شخص ما.

عندما تلتقي بشخصية هامة أو مدرِّس أو عميل أو شخصية مشهورة، فإنَّ أفضل ما يمكنك فعله هو التفكير فيما يمكنك فعله لهذا الشخص، فإن كان لديك ما تُعلِّمه أو خبرة تساعد بها الآخرين بصدق فهذا ما سيجذب الناس إليك.

خطوة عملية: في المرة القادمة التي تتحدث فيها إلى شخص هام قدِّم شيئاً مفيداً؛ ستعرف كيف تتحدث بثقة تلقائياً عندما يكون لديك شيء تقدِّمه بدلاً من أن تأخذه.

7. استخدام الانعكاس الصوتي:

فكر في الأشخاص الموجودين في حياتك لثانية واحدة فقط، هل يوجد شخص في حياتك أثَّر بشدة في طريقة كلامك؟ قد يكون:

  • معلماً.
  • الوالدين.
  • الأخ الأكبر.
  • الصديق المفضل.
  • مرشداً أو مدرباً.

تخيل لو حيَّاك شخص غريب تحية غير مألوفة لك، إن حييته بالتحية نفسها فهذا هو ما يسمى الانعكاس الصوتي (vocal mirroring)، وأنت تفعل ذلك للتواصل والتفاهم مع الشخص الغريب.

إليك ما يجب عليك فعله فوراً إذا لم تعجبك نبرة صوتك، سجل صوتك على هاتفك وأنت تتحدث عن أي شيء أو تقرأ من أي شيء، ما عليك سوى تسجيل بضع جمل على جهازك.

خطوة عملية: سجل صوتك وأنت تجيب على سؤال: "ماذا تفعل؟"، وبعد التسجيل، استمع مرة أخرى للتركيز على ما يأتي:

  • أولاً، هل يبدو صوتك كما لو أنَّه يخرج من أنفك؟
  • بعد ذلك عندما تتحدث هل ترتفع طبقة صوتك وتنخفض ​​كأغنية رائعة؟ أم تحافظ على طبقة ثابتة؟ إذا حافظت على طبقة ثابتة فهذا يسمى رتابة.
  • أخيراً، هل يبدو صوتك كأنَّك تهمس أو تتنهد؟ ليس عليك أن تكون كاتب أغانٍ أو مدرب صوت للاستماع واكتشاف مشاعرك الفورية في صوتك، لنفترض أنَّك استمعت إلى إجابتك عن "ماذا تفعل؟" ولاحظت أنَّك تتحدث بطبقة صوت واحدة طوال الوقت.

تخيل صوتك مثل البيانو؛ يحتوي البيانو على 88 مفتاحاً، ولكن لا يستخدم معظم الناس سوى طبقتين؛ لذا عليك الاستفادة من طبقات صوتك المتعددة.

خطوتين إضافيتين:

1. فحص نبرة صوتك:

إذا كنت ترغب في التحقق من نبرة صوتك في أثناء الاجتماع فلا داعي للقلق بعد الآن، فيمكنك تطوير وعيك الذاتي من خلال تتبع متى تبدو إيجابياً أو سلبياً أو محبطاً أو سعيداً في اجتماعاتك.

يتيح لك التطبيق المسمى "بويزد: سبيكينغ تونز آند أوتو ريكورد" Poised: Speaking Tones and Auto-Record القيام بذلك بالضبط، يمكنك التفكير في الأمر على أنَّه "تصحيح تلقائي" لصوتك؛ إذ إنَّه في كل مرة يشعر فيها أنَّ نبرة صوتك أصبحت غاضبة أو محبطة أو حتى إذا وجدك تثرثر؛ فسوف يرسل لك تنبيهاً في الوقت المناسب، وهذا مفيد للغاية في أثناء الاجتماعات.

2. تغيير صوتك:

يتساءل الناس دائماً عمَّا إذا كان بإمكانهم تغيير صوتهم لكي يتحدثوا بثقة أكبر، في الحقيقة يمكننا تغيير الصوت الذي يولد معنا؛ لأنَّنا عندما كنا صغاراً استمعنا إلى أصوات الناس في محيطنا؛ فالطفل الرضيع يقلِّد صوت أمه حينما يكبر، ويقلد أصوات الآخرين في محيطه للتواصل والتفاهم معهم، ومع تقدمنا في العمر نظنُّ أنَّ هذا هو صوتنا الحقيقي، في حين أنَّ الحقيقة هي أنَّنا نستطيع أن نقرر كيف يبدو صوتنا في أيِّ مرحلة من مراحل حياتنا؛ لكنَّ الأمر ليس بهذه السهولة؛ إذ يجب علينا بذل الوقت والجهد.

في الختام:

يؤثر صوتك في حياتك الشخصية والعملية تأثيراً بالغاً؛ لما له من قدرة على تعزيز ثقتك بنفسك، ومنحك الهيبة التي يتمتع بها القادة، لحسن الحظ يمكنك تطبيق الخطوات المذكورة آنفاً لتحقيق هذا الغرض، واعلم أنَّ صوتك أقوى ممَّا تظن، وعندما تمتلك صوتك فأنت تمتلك حياتك.




مقالات مرتبطة