13 سبباً يدفعك إلى أن تفشل سريعاً كي تتعلَّم سريعاً

إنَّه لمن الطبيعي أن ننظر إلى الإخفاقات على أنَّها آثارٌ سلبية لها عواقب ضارة؛ لكنَّ الواقع يقولُ أنَّ الفشل عمليةٌ طبيعيةٌ تماماً مثل النجاح، حيث يمنحك الفشل في أيِّ مهنةٍ مزيداً من الفرص للنموِّ والتطور وتعلُّم أشياء جديدةٍ حقاً؛ ويمكن لهذا الاقتباس أن يغيِّر طريقةَ تفكيرك حول ذلك: "تطوير الذات والراحة أمران لا يلتقيان".



يعني "تطوير الذات" أن تكون على استعدادٍ لتحمُّل المخاطر والتطور، فالطريقة الأهم للتطور والتغيير هي الفشل؛ ولا يلغي هذا أنَّ النجاح يسمح لك بالتطور أيضاً، بل ويعزِّزه.

مع ذلك، يجب عليك للوصول إلى هذه النقطة، أن تُواجه العديد من الإخفاقات في طريقكَ لترى الصورةَ الأكبر؛ فعندما تفكر في الإخفاقات التي عانيت منها، ستدرك أنَّها كانت بمثابة تمهيدٍ لخلق فُرصٍ جديدةٍ لك، حيث يعزِّز الفشل كلَّاً من: النمو العقلي والعاطفي والبدني.

يجبُ ألَّا ننسى أنَّ الفُرصَ موجودةٌ دائماً؛ لذا علينا تبنِّي طريقة التفكير هذه مهما تعرَّضنا إلى نكساتٍ في حياتنا.

ينظر أغلبنا إلى الفشل على أنَّه نهايةُ كلِّ شيء، فنعاقب أنفسنا عندما نفسد أمراً ما؛ ذلك لأنَّنا نريد أن ننجح الآن وليس غداً، كَمَن يريد أن يهبط النجاحُ إليه من السماء في هذه اللحظة؛ لكنَّ الواقع ليس كذلك، فقد تعرَّض جميع من نجحوا إلى إخفاقاتٍ عديدة، ويمكن القول أنَّ هذا هو سرُّ نجاحهم، فقد جرَّبوا وفشلوا وأعادوا محاكمةَ الأمور، وكرَّروا المحاولة مراراً قبل أن يحقِّقوا النجاح.

يجب أن تتعلم شيئاً من فشلك في مرحلة إعادة محاكمة الأمور بعد الفشل، وأن تُحاكِمَ الأخطاءَ التي ارتكبتها، والتي قادتكَ إلى الإخفاق؛ فإذا استكنَّا لفشلنا، فلن نحاول المُضِيَّ قُدُمَاً مرةً أخرى؛ فعدم المحاولة مجرد استسلامٍ لسلبية الفشل في شيءٍ ما، مهما كانت الخسارة كبيرة.

يمكن أن يكون الفشل مرهقاً ومثبِّطاً للعزيمة بالتأكيد، وقد يجعلنا نغفل عن أهدافنا وتطلعاتنا؛ لكنَّ القبول بأنَّ الفشل جزءٌ هامٌّ من كلِّ قصة نجاح، نقطةُ الانطلاق نحو تحقيق الأهداف التي نرغب في تحقيقها بشدة.

وكما تقول الكاتبة "إليزابيث جيلبرت" (Elizabeth Gilbert): "لا تحدث التحولات الكبرى إلَّا من تحت الأنقاض"؛ لذلك دَع عملك وحياتك ينهاران إذا لزم الأمر، حتَّى تتمكَّن من إعادة تشكيل كلِّ شيءٍ وتوظيفه لتبدأ من جديد.

إذا كنت ترى أنَّ الفشل يمكن أن يدمِّر أحلامكَ وحياتك ككل، فربَّما تساعدك هذه المقالة في تغيير طريقة تفكيرك؛ حيث سنشرح لك لمَ يعدُّ الفشل أمراً إيجابياً ومجزياً، ونُحاول تغيير الطريقة التي تنظر بها إليه.

إليك 13 سبباً كي تفشل سريعاً:

1. سيخلق الفشل مسارات جديدة لك:

يجبُ النظر إلى الفشل على أنَّه فرصةٌ لاختيار طريقٍ جديد؛ فإذا فشلت في أمرٍ ما، فابحث في الأمر، وتأمل وفكِّر فيما حدث؛ فبدلاً من الاستسلام بعد الفشل، أنشئ مساراً أو خطةً جديدة، وحاوِل مرّةً أخرى، وستحصل بالتأكيد على رؤىً أو توجُّهاتٍ مختلفة يمكن أن تُخرجكَ من الحالةِ التي أنت عليها.

تغيّر الحياة مسارَنا في بعض الأحيان، وعلينا التكيُّف مع ذلك؛ كما قد يؤدِّي الفشل إلى تحويل مساراتنا أيضاً؛ لذا من الضروري ركوبُ هذه الموجة والتأقلم مع الوضع مهما كان صعباً، حيث سيقودك التفكير في الأمر ومقاربته بهذه الطريقة إلى نتيجةٍ جديدةٍ أفضل من سابقاتها غالباً.

2. ستتعرَّف على ما هو مفيد:

يجب أن يساعدك الفشل على تحديد الأمور التي كانت جيدة، وتلك التي لم تكن جيدة أيضاً في أيِّ مجالٍ تعملُ فيه؛ فعندما تصل إلى طريقٍ مسدود، سيكون عليك العودة للقيام بالأمور بطريقةٍ مختلفة؛ وهنا يبدأ تطوير الذات في التبلور، حيث ستجرّب مرةً أخرى، وتكتشف ما كانَ ناجعاً وما أخطأت فيه سابقاً، وتحاول إصلاحه.

3. ستكتسب معرفة جديدة في مجال عملك:

لا يعادل الفشل الخسارة، حيث يمكنك تحقيق الكثير من المكاسب بدءاً من الفشل؛ فمن أجل الارتقاء في حياتك المهنية، يجب أن تفشل لتكتسب معرفةً أو وجهات نظرٍ جديدة؛ إذ يوسِّع الفشل آفاقك ويشجعك على النمو؛ لذا في المرة القادمة التي ترتكبُ فيها خطأً ما، حاول أن تسمح لنفسك بالتعلُّم ممَّا حدث، ولا تعتبر فشلك هذا انتكاسة، بل انظر إليه كقفزةٍ نحو النجاح.

إقرأ أيضاً: 6 دروس يجب أن تتعلمها من الفشل

4. سيُهيئك الفشل لفرصة ثانية:

رغم أنَّ الفشل قاسٍ، لكنَّهُ يهيِّئك لاقتناص فرصٍ أخرى؛ فالاستسلام خيارٌ مدمرٌ يثبط النمو، ويؤدي إلى استنزاف كلٍّ من دوافعك وتحفيزك وانضباطك.

يمكن أن ينطوي الفشل على إعدادنا للنجاح في المُستقبل؛ لذا ذكِّر نفسك أنَّ هناك دوماً احتمالات وفرصٌ أخرى لاستغلالها بالشكلِ الأمثل.

5. سيُقويك الفشل:

عندما تفشل بسرعة، تكتسب القوة بسرعة؛ وتبقيك هذه القوة محايداً ومتوازناً عاطفياً، لتكون مستعداً لمواجهة أيِّ تحدياتٍ تعترضك مستقبلاً.

إنَّ العقلية التي نتحلى بها في حالة الفشل هي الأكثر أهميةً؛ إذ يجب أن تنظر إلى الفشلِ كعامل قوة يدعمك ويجعلكَ أكثر مرونةً على طول الطريق نحو النجاح.

6. ستكتسب المرونة العاطفية:

تعني المرونة العاطفية أنَّك لن تصاب بالجنون عندما ترتكبُ خطأً ما/ أو عندما لا ينجح شيءٌ عملت عليه بجد؛ حيث ستحدد كيفية استجابتك للمواقف والأحداث والإخفاقات الوضعَ الذي ستكون عليه في المستقبل.

يتذكَّر الناس ردود الفعل أكثر من غيرها؛ لذا قد تسيئ استجابتك اللاعقلانية على حدثٍ ما إليكَ عاجلاً أم آجلاً.

قد يكون التعافي العاطفي أمراً صعباً نظراً إلى الظروف؛ لكن ومع ذلك، كلَّما قضيتَ وقتاً أقل في السلبية ولوم نفسك على الفشل، تعافيت أسرع، وتهيأت للمضي قدماً لتحقيق الأشياء العظيمة التي تريدها.

إقرأ أيضاً: انفوغرافيك: 9 نصائح لتجاوز الصدمات العاطفية عن طريق الكتابة

7. ستُلهم الآخرين:

عندما تفشل بسرعة، تكون قصتك أكثر إلهاماً للآخرين، خاصةً عندما تنهضُ من جديد وتكوِّن نفسك من العدم.

قبل أن يصل أيُّ رائد أعمالٍ إلى ما وصل إليه، فَشِلَ عشرات المرات، فمثلاً: هناك مؤلِّفون من أمثال "ج ك رولينج" (JK Rowling)، رُفِضوا مراراً وتكراراً قبل أن يصبحوا مؤلِّفين على مستوىً عالمي؛ لذا عليك أن تضع في ذهنك أنَّ جميع من حققوا نجاحاً مبهراً تعرَّضوا إلى الفشلِ في مرحلةٍ ما من مسيرتهم.

8. ستطور طريقةً جديدةً للتنظيم بعد الفشل:

يعدُّ الإعداد والتنظيم من المقومات الرئيسة التي يحتاجها المرء للنجاح؛ والخبرُ السارُّ هنا هو أنَّ الفشل يُجبرنا على إعادة تنظيم وهيكلة حياتنا العملية؛ حيثُ سيشكِّل لدينا شعوراً جديداً بالذات من خلال تبنِّي تنظيمٍ وهيكلٍ جديد؛ إذ نكون مجبرين على إعادة قولبة مساحة عملنا وحياتنا المهنية التي تُشعرنا بالاضطراب أو الفوضى؛ ليُعزِّز هذا التغيير الجديد فضولنا، ويكون عنصراً رئيساً آخر لدفعنا للمُضِيِّ قُدُمَاً.

9. سيُعيد الفشل تركيزك:

عندما تتعرَّض إلى خسائر كبيرة، ستلاحظ تحولاً في التركيز، حيث سيصبح اهتمامك بالتفاصيل أكبر؛ ويمكنك عندها تصور خطةٍ أو مسارٍ أكثر وضوحاً للمُضِيِّ نحو تحقيق أهدافك.

يمكن أن يكون الفشل قوةً فعَّالةً قادرةً على إعادة صياغة عقليتك وأفكارك وأفعالك أيضاً؛ لذا ستعني استعادة تركيزك إيجاد طرائق جديدة للتعامل مع المواقف التي تواجهها في حياتك العملية، والتي ربَّما كنت قد أغفلتها فيما سبق.

10. سيدعم الفشل عقليتك:

سيمنحك امتلاك عقلية أقوى الاستقرار والتوازن العاطفي، خاصةً عندما تضطرب الأمور؛ حيث تعدُّ النكسات والفشل جزءاً من الطبيعة البشرية والنمو.

لقد كانَ "ليوناردو دافنشي" (Leonardo Da Vinci) -الرجلُ الذي سبقَ عصره بـ 500 سنة- معروفاً بإخفاقاته أكثر من نجاحاته، وما تجرأ على تخيِّله وابتكاره هو ما جعله مشهوراً؛ سواءً نجحت اختراعاته أم لا.

لا يُعرَف شخصٌ ما بما يفعله بقدر ما يُعرَف بنوع الشخص الذي هو عليه، الشخص الذي ثابر وظلَّ قوياً بغض النظر عن مدى الصعوبات التي واجهها. فمثلاً: الشخصُ الفضوليُّ هو الذي يمتلك عقليةَ الرغبةِ في مواصلة الاستكشاف والبناء، دون خوفٍ من الفشل المرتبط بذلك.

11. ستختبر التسامي:

تعني كلمة "التسامي" (Transcendence) التواجدَ أو اختبار ما هو خارج الحدود الطبيعية أو المادية؛ كما يصف الفلاسفة التسامي على أنَّه ارتقاءٌ خارج الحدود.

إنَّ الفارق بين الفشل والنجاح هو ما نختار أن نكسبه من كليهما؛ لكنَّ الفشل فقط سيسمح لمثل هذا التسامي بالظهور ليحدث هذا التجلي في أذهاننا، وهو فقط ما يقودنا نحو التغيير الذي سيؤدي إلى نتائج هائلة تقلب الحياة رأساً على عقب.

12. يؤدِّي الفشل إلى الإتقان:

إنَّ التجربةَ والخطأ في الأساس تجربةٌ علميّةٌ تقبل النجاح أو الفشل، بغض النظر عن المجال الذي تعملُ فيه؛ وستؤدي الرغبة في الاستمرار في المحاولة إلى إتقان حرفتك، حيثُ يجب أن يخضع الأفراد في الوظائف الإبداعية والتقنية لهذه العملية يومياً.

عليكَ كشخصٍ مبدعٍ أن تجرّبَ باستمرار، وعندها فقط ستدرك أهميّة ذلك لإتقان مهنتك، وتتعلَّم من التفكيك أكثرَ من البناء.

13. يشجِّع الفشل النموَّ العقلي والعاطفي:

يؤدي الفشل أيضاً إلى النمو العقلي والعاطفي، حيث يدفعنا الفضول إلى الاستكشاف والإنجاز وحلِّ المشكلات وإيجاد الحلول في حياتنا العملية، ويمنحنا فشلنا القدرة على توسيع أُفقنا وعقلياتنا.

إذا رأينا أنَّ الفشل هو نهاية كلِّ شيء، فإنَّنا نحرمُ بذلك أنفسنا من هذا التطور المُجزي.

الخلاصة:

بدلاً من السعي وراء النجاح وتحقيق الأهداف الصغيرة واحداً بعد الآخر، عليكَ أن تفشل سريعاً، وبشكلٍ متكرر؛ لتنعمَ بكلِّ الفوائد التي يُقدِّمها لك الفشل.

إنَّه لمن المثير للاهتمام وجودُ صراعٍ عند البشر يجري تجاهلهُ دائماً، وهو أنَّ الناسَ يخشون النجاح بقدرِ ما يخشون الفشل؛ لكن في الواقع، الفشل ليس شيئاً يجب أن تخاف منه، بل هو منحنىً تعليميّ ليس إلَّا.

الفشل هو المُقوِّمُ الرئيس الذي سيفتح لنا البابَ على جميع أنواع التجارب التي تغيُّر الحياة؛ لذا لا تقاوِم أو تعِش في خوفٍ من شيءٍ لن يقودَك سوى إلى المكان الذي ترغب أن تصلَ إليه.

 

المصدر




مقالات مرتبطة