10 أسباب تجعل الناس يحبون أعمالهم

عندما كنت أكمل بحثي حول ما يحفز أصحاب الإنجازات الهامة، صادفت بعضا من المواضيع الجذابة التي تغيب عن أذهاننا جميعا؛ أبرزها ما يدفع الناس إلى حب أعمالهم. ولا أقصد بكلمة "حب" هنا أنهم شغوفون بعملهم بحيث لا يرغبون في تغييره البتة؛ بل أقصد أنهم يشعرون بالرضا عن وظائفهم. وأهم ما في الأمر أن هؤلاء الأشخاص يستيقظون وتفكيرهم منصب حول ما سيفعلونه خلال ذلك اليوم، بعيدا عن الشعور بالقلق الذي يراود معظمنا أثناء استعدادنا للذهاب إلى العمل في الصباح. بل على العكس من ذلك، فهم يستيقظون ليواجهوا التحديات، وهذا يدفعنا تلقائيا إلى الانتقال إلى البند الأول من هذه الأسباب.


1. إنهم نادرا ما ينقطعون عن أول تحد أثار اهتمامهم:
فبالرغم من انحراف مسارهم الوظيفي بين الحين والآخر، إلا أنهم يبقون تركيزهم منصبا على أول تحد دفعهم إلى المضي في هذه الوظيفة؛ مع أننا نجد صعوبة في فعل ذلك أحيانا لانشغالنا بأمور كثيرة. إلا أن الأشخاص الذين يحبون أعمالهم يواصلون دائما رؤية التحدي الأول ولا يفارق مخيلتهم ذلك الهدف الذي يسعون إلى تحقيقه منذ البداية، كما أنهم يقاتلون بكل ما أوتوا من قوة للتغلب على هذا التحدي مهما ازداد صعوبة؛ حيث إن هذا الهاجس هو ما يدفعهم إلى الاستيقاظ في الصباح.

2. إنهم على وعي تام بـ "السنوات الأولى من عمرهم":
لو بحث الناس جيدا في ماضيهم لوجدوا بعضا من الذكريات المهمة للغاية. فبينما لا نستطيع تغيير الكيفية التي تعمل أدمغتنا من خلالها، كما لا نستطيع تغيير حقيقة أن الذاكرة هي عبارة عن بناء يعاد تشكيله دوريا؛ يمكننا أن نبحث حتى في الذكريات الباهتة عما كان يشحذ طاقاتنا وشغفنا. فالأشخاص الذي يحبون أعمالهم يفعلون ذلك معظم الوقت؛ إذ تجدهم مرتبطين بذكرياتهم على الدوام. والأهم من هذا كله أنهم نجحوا في توظيف هذا الشغف بذكريات الطفولة فيما يقومون به من أعمال؛ إنهم أطفال نشيطون تحركهم حكمة البالغين.

3. إنهم يفكرون مليا بـ "أعمالهم":
إن الذي يأخذون أعمالهم بعين الاعتبار يعلمون أنها تجمع دائما بين النقاط الإيجابية والسلبية. والشيء المهم هنا هو أنهم لا يقفون عند النقاط السلبية، كما لا يبالغون في تقدير حجم النقاط الإيجابية؛ بل يحافظون على التوازن بينهما بحيث يقتربون شيئا فشيئا من أهدافهم. فإذا أردت أن تحب عملك، ينبغي عليك تحقيق هذا التوازن.

4. إنهم لا يهتمون بآراء الآخرين:
لا أقصد أن تكون هذه الملاحظة نقدا لاذعا؛ إلا أن الأشخاص الذين يحبون أعمالهم حقا لا يسمحون للآخرين بإقناعهم بالتخلي عنها. فأولئك الذين تمسكوا بما أرادوا ودافعوا عنه هم أكثر عرضة لأن يحبوا أعمالهم من أولئك الذين ركنوا إلى الأعمال التقليدية. والخبر السار هنا هو أن الفرص ما تزال متاحة أمامنا حتى نعود للماضي ونجد ما كان يشحذ هممنا. ومن ناحية نفسية؛ فإن من يحب عمله هو أكثر قدرة على تحقيق ما يصبو إليه.

5. لقد ولدوا قادرين على التخطيط للتعاقب الوظيفي:
التعاقب الوظيفي يعني ببساطة أن من يعمل في وظيفة معينة سيتركها بعد مرور فترة من الزمن لشخص آخر، ذلك أن عجلة التغيير دائمة الدوران، وهذه حقيقة لا شك فيها.
فالأشخاص الذي يحبون أعمالهم ليسوا على وعي تام بهذه الحقيقة فحسب؛ بل إنهم يتقبلونها بكل رحابة صدر، ومن ثم يبحثون وملؤهم النشاط عمن يشاركهم في هذا الشغف؛ آملين الحصول على تلك الوظيفة يوما ما. وهم لا يقومون بذلك لأن سياسة الشركة تملي عليهم ذلك؛ بل لأنهم يحبون أعمالهم، ويدفعهم شغفهم ذاك إلى تشاطر المعرفة مع الآخرين.

6. إنهم باقون... لكن اعلم أنهم سيرحلون يوما ما:
ولم سيرحلون؟ لأن الأشخاص الذي يحبون أعمالهم يعتبرون أن المنظمات في غاية الأهمية؛ فهي تزودهم بالبنية الأساسية التي تشحذ طاقاتهم. فإن وجدوا شركة أو مؤسسة أخرى توفر لهم المكان الملائم للقيام بالعمل الذي يحبون، يكون وقت الرحيل قد حان. أتمنى لو لم تكن المسألة شخصية؛ إلا أنها كذلك إلى أبعد الحدود. فالالتزام الكامل بفعل ما نحب هو جزء لا يتجزأ من الحياة الشخصية للإنسان. ودائما ما يكون الشغف بما نحب أقوى من مغريات الوظيفة؛ فهذا شيء فطري جبلنا عليه.

7. لن يقف شيء في طريقهم:
عندما يحدد المدير دورا معينا ليقوم به الموظف المتحمس ضمن خطة يضعها هو وخلال فترة محددة من الزمن، فإن هذه الخطة ستلقى احترام من يحب عمله في حال كانت تقوده إلى المضي قدما. بعبارة أخرى، عندما يقول المدير "هذا هو دورك في الخطة التي وضعتها، وسيكون لفشلك عواقب وخيمة"، فإن الشخص الذكي عادة ما سيلتزم بذلك. أما الشخص المتحمس سيميل إلى كسر الحواجز التي تفرضها تلك الخطة ويمضي قدما. ولا يمكن الوقوف في طريق هؤلاء الأشخاص؛ فالمرء الشغوف بما يحب عمله هو من سيفوز في النهاية، حتى وإن كلف الأمر مواجهة بعض المحن القاسية على المدى القصير.

8. إنهم يجذبون الناس إليهم تلقائيا:
إن الناس يرغبون في التواجد حول من يحب عمله؛ وهو أمر أشبه بمصطلح "انتشار العدوى النفسية والاجتماعية". وتؤدي هذه الظاهرة الحميدة إلى تغيير جو مكان العمل نحو الأفضل. ومتى حدث ذلك، فإن من انتقلت إليهم العدوى سيؤيدون الأشخاص الذين نشروها قبلهم؛ وتبدأ بذلك دورة إيجابية.

9. إنهم يعيشون اللحظة:
إن الأشخاص الذين يحبون أعمالهم ليسوا ذوي أفق ضيق؛ إلا أنهم لا يرغبون في الانتظار طويلا لمعرفة ما سيحدث في المستقبل. فاللحظة الآنية ذات أهمية كبيرة بالنسبة لهم؛ لأنها قد تختفي بلمح البصر. وهذا من أعظم الدروس التي يقدمها لنا أولئك الأشخاص.

10. إنهم لا يقتصرون في رؤيتهم على الفوز في المنافسة:
كما يقول الكاتب ستيفن كوفي فإن الأشخاص الناجحين لا ينظرون إلى الفطيرة على أنها تتكون من عدد محدود من القطع؛ بل ينظرون إليها على أنها تكفي الجميع؛ وبالتالي فهم لا يشعرون بالاستياء حين يشاهدون كلا يأخذ حصته. لكن لا نستطيع أن ننكر أننا نعيش ضمن ثقافة تنافسية؛ فالأشخاص الذي يحبون أعمالهم هم منافسون أيضا وإلا لما استطاعوا أن يحققوا أهدافهم، غير أنهم لا يستثمرون جل وقتهم وطاقاتهم في التخطيط وتدبير المكائد، كما أنهم لا يحاولون إنكار حق الآخرين خوفا على طموحاتهم. فإن حبك لعملك لا يعني أن تدوس على الآخرين حتى تصل إلى ما تريد.