إذا نحن بحاجة إلى التغيير، للوهلة الأولى قد تبدو هذه الكلمة مخيفة، التغيير، ولكنها في الحقيقة ليست أكثر إخافة من كلمة غرق فأيهما تفضل ؟ بالطبع الإنسان العاقل قد يفضل التغيير فعلى الأقل هذا الخيار سيكون متعبا وصعبا ولكن مهما بلغة صعوبته لن يتسبب لنا بأي أذى، أما المعنى الوحيد للغرق فهو الموت،لا نقصد هنا الموت الحقيقي ولكننا نقصد موتا من نوع آخر وهو الموت الروحي ' الفشل'، وما ينتج عن ذلك من آثار سيئة.
متى نبدأ التغيير :
التغيير لن يأتيك بأي حال من الأحوال، أنت من ستذهب للتغيير،هذا إذا كان لديك فعلا رغبة جامحة وملحة لإحداث فرق في حياتك إذا أردت أن تكون ناجحا فاحزم أمتعتك وسافر نحو النجاح، قد تسأل نفسك الآن ما هو الوقت المناسب لبدأ الرحلة ؟أقول لك لا يوجد وقت أفضل من الآن، نعم الآن وأنت تقرا هذه السطور عليك أن تقرر فعلا أنك تقراها لأنك قد بدأت تحاول تغيير نفسك.
الخطأ الكبير الذي يقع فيه معظم الناس هو الانتظار ليحين الوقت المناسب، لتتحسن الظروف، أو لقدوم مناسبة ما أو شخص ما.
والشيخ محمد الغزالي رحمه الله في كتابه "جدد حياتك"يقول : " كثيرا ما يحب الإنسان أن يبدأ صفحة جديدة في حياته ولكنه يقرن هذه البداية المرغوبة بموعد مع الأقدار المجهولة، كتحسن في حالته أو تحول في مكانته....وهو في هذا التسويف يشعر بأن رافدا من روافد القوة المرموقة قد يجيء مع هذا الموعد فينشطه بعد خمول ويمنيه بعد إياس. وهذا وهم، فإن تجدد الحيات ينبع قبل كل شيء من داخل النفس ''
نعم التغيير يجب أن يبدأ من الداخل أولا ثم يتجه نحو الخارج والعكس غير صحيح أبدا '' إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم '' وعليه فإن أردنا فعلا أن نحدث تغييرا إيجابيا في حياتنا لا يجب أبدا أن ننتظر الجو الملائم لذلك،فالشخص القوي والايجابي يمكنه الانطلاق نحو النجاح برغم المصاعب والشدائد وأن يجعل الظروف السيئة المحيطة به دافعا له للخلاص من مستنقع الفشل ولا يجعلها عوائق تمنعه من التقدم، فعلينا أن نسعى لتحويل الظروف لصالحنا.
فلن يمنعنا أي شيء من التقدم سوى أنفسنا،فهي أول العوائق التي تحول دون الحصول على ما نحب ، وعن هذا يمكننا أن نضرب مثلا عن مدير الشركة ذاك الذي جاء ذكره في كتاب العادات السبع للناس الأكثر فاعليه لصاحبه ستيفن كوفي، يقول أنه في يوم من الأيام أخبر مدير إحدى الشركات موظفيه بأن يوم غد هو يوم جنازة الشخص الذي كان يمنع الموظفين من التقدم والنجاح في عملهم، وفي اليوم التالي أحضر المدير تابوتا ووضعه في مكتبه، ووضع بداخله مرآة وطلب من الجميع أن يدخلوا واحدا تلوى الآخر ليودعوا الميت، وعندما كان يفتح كل موظف التابوت كان يرى نفسه في المرآة، فيقول له المدير أن الشخص الذي تراه في المرآة هو الذي كان يعيق تقدمك ونجاحك في عملك.
لماذا نخاف التغيير ؟
براين تريسي : ''أخرج من دائرة الأمان في حياتك فأنـــت ستتطور وتتقدم إذا رغبت في تقبل الشعور بعدم الراحة والقلق المصاحبين لتــــــجربة شيء جديد ''
التكاسل عن طلب النجاح، ولوم الظروف والحالة المادية لن تجر إلا الخيبة بعد الخيبة ولن تفيد بشيء، كما أن الخوف من خوض غمار التجارب الجديدة والاكتفاء بالبقاء في منطقة الأمان لن يجر علينا أي نفع ولن يحقق لنا مكاسب جديدة، بل بالعكس قد يدفعنا نحو الانحطاط والتدهور، إذا علينا أن لا نخاف التغيير.
إذا أردنا الوصول إلى نتائج إيجابية علينا أن نتقبل الصعوبات التي سنمر بها ونواجهها بكل عزم وإرادة، لابد أن نقبل التضحية بشيء من الطمأنينة وراحة البال التي نعيشها، ولنضع في الحسبان أن هذه مجرد مرحلة مهما طالت فسوف تنتهي بالتأكيد وسوف تكون المحصلة بلوغ النجاح المنشود.
في كتاب 'استمتع بحياتك '' للدكتور العريفي قرأنا : " لماذا ينظر أحدنا إلى نفسه نظرة دونية ؟ لماذا يلحظ ببصره إلى الواقفين في قمة الجبل ويرى نفسه أقل من أن يصل إلى القمة كما وصلوا ".
علينا أن لا نكتفي بالنظر إلى هؤلاء الذي أبدعوا وتفوقوا وبلغوا القمة، بل علينا أن نبدأ من الآن في السعي نحوا النجاح والتسلق نحوا القمة حتى لو كنا لا نملك حبالا و عدة التسلق يكفي أننا نملك أيدينا وأرجلنا، فهي خير ونعمة كبيرة من الهر يمكننا بها فقط بلوغ القمة، قد يكون الأمر مضنيا وشاقا بدون العدة ولكنه ليس مستحيلا ولا حكرا على من يملكونها، وفي كتاب استمتع بحياتك يقول أيضا : " كلنا قد نقول يوما من الأيام أننا عرفنا فلانا وزاملنا فلانا وجالسنا فلانا. وليس هذا هو الفخر بل الفخر أن تشمخ فوق القمة كما شمخ ".
ليس علينا دائما الاكتفاء بطرقنا القديمة بل علينا أن نتحلى بالشجاعة لكي نجرب طرق أخرى قد تكون أسهل أو ربما أصعب ولكن إذا فقدنا الشجاعة لخوض التجارب الجديدة لا يمكننا أن نحدث أي فرق، إذا جربت عمل نفس الشي بنفس الطريقة سوف تحصل على نفس النتيجة مهما كررت المحاولة ، ولكن إذا حاولت استعمال طرق مختلفة قد تصل إلى نتيجة مختلفة، يقول آلبرت أين شتاين ''الجنون هو أن تفعل الشيء ذاته مرات بعد مرات وتتوقع نتيجة مختلفة '' كل ما هو مطلوب منك هنا هو التحلي بالشجاعة، نعم نحن نخاف من التغيير لقد تعودنا على نظام حياتنا القديم وأصبح آمنا بالنسبة لنا، ولكننا في مرحلة من المراحل قد نجد أنه لم يعد يفي بمتطلباتنا، أو لم يعد صالحا لهذه المرحلة من حياتنا، عند هذه النقطة قد يحاول الأشخاص الناجحون إحداث تغييرات في نظام حياتهم، بينما يفضل البعض الآخر الاستمرار على النظام القديم، إما بسبب تكاسلهم أو خوفهم من الدخول في تجربة التغيير.
تقول الكاتبة والصحفية الأمريكية جاين ألدرشو في كتابها لكل مزاج علاج '' نحن نجازف عندما نشعر بالأمان، أما عندما نكون تحت الضغط فإننا ننكفئ لنعود إلى طرقنا القديمة في التصرف ''.
لكي نتغير يجب أن نفكر :
إذا أردت أن تحدث تغييرا إيجابيا في حياتك عليك أن تستخدم عقلك'' العقل '' أداة جد قوية وفعالة يمكنها أن تساعدك على بلوغ النجاح المرغوب، فقط حاول تكريس المزيد من الوقت والجهد دائما لكي تحصل على نتائج أفضل، تعلم كيف تكرس قوة دماغك لخدمتك وليس العكس لا تدع العادات السيئة المتمركز في الأعماق تحكم سير حياتك.
الآن توقف هنا وحاول السيطرة على أفكارك، إنها مهمة صعبة بالفعل ولكن قم بذلك عبر مراحل، ولتكن كل مرحلة أطول من السابقة، فكر جيدا ما هي الأمور السلبية التي تعرقل سير حياتك، والتي تستهلك وقت وجهد ويمكنك الاستغناء عنها واستبدالها بأشياء أخرى أسهل وأكثر اقتصادا للوقت، ستجدها كثيرة ودونما أي فائدة حقيقية إنها مجرد أشياء ثانوية أصبحت مع الوقت أمور ضرورية وقد تحس بنقص معين في حال تخليت عنها، ولكن في الحقيقة هي مجرد أشياء تافهة يمكن التخلص منها دون أي ضرر.
حاول التقليص من هذه الأشياء، عن طريق ربطها بأمور معينة أو أحداث قد تساعدك على التخلص منها،مثلا عندما تحاول التخلص من التدخين وهذه- تجربة حقيقية- أربطه بشخص محبب لديك مثلا طلب منك التوقف عن التدخين وحاول التركيز على هذه النقطة وتعزيزها في عقلك بحيث انك تحس حين تقدم على هذا الفعل أنك تخون ذلك الشخص مثلا زوجتك أو أولادك أو احد والديك في البداية قد لا يعني لك الأمر شيء ولكن مع استمرارك بتعزيز هذه الفكرة في ذهنك سوف يتقبلها عقلك وفور إقدامك على محاولة تدخين سيجارة ستتذكر فورا انك تقوم بشيء غير جيد وستشعر بتأنيب الضمير، طبعا قد ينجح هذا الأمر مع البعض بينما قد يفشل في تطبيقه أخرون وهذا يعتمد على مدى جدية الشخص. يمكنك كذلك ربط هذا الأمر بشيء سيء أي على عكس الطريقة الأولى حيث انك كلما أقدمت على التدخين تتذكر ذلك الأمر كمرض سرطان الرئة أو شخص تعرفه توفي بسبب التدخين. وهذا ينطبق على جميع العادات السيئة او الأعمال الغير نافعة التي تود التخلص منها.
وإذا أحسست بنقص ما أو خلل معين في نظام حياتك توقف مرة ثانية وفكر،اجعل دماغك يتقبل فكرة أن ما كنت تقوم به هو آمر خاطئ والتخلي عنه هو الإجراء الصحيح،وعندما تفعل ذلك ضع مكان تلك العادات القديمة أمور جديدة أكثر فائدة وإيجابية استغل الوقت الفائض في المطالعة، الاستماع أو مشاهدة أشرطة علمية أو تربوية مفيدة تعلم فنا أو علما جديدا تحس أنه قد يفيدك في التقدم في حياتك الشخصية أو المهنية،أو حتى قم بهواية قد تجلب لك الراحة والسعادة على أقل تقدير، كرر ذلك مرات عدة فالتكرار يكون العادة وإذا أصبح النظام الجديد عادة لديك تكون قد حققت النجاح المرغوب فيه وسوف تتخلص من الإحساس بالضيق وربما القلق المصاحب لخوض تجارب جديدة ويتقبل جسمك ودماغك البرنامج الجديد لحياتك.
أضف تعليقاً