ومن هذه النفحات الربانية المباركة شهر رمضان المبارك الذي فرض الله صيام نهاره وسن النبي صلّى الله عليه وسلّم قيام ليله.
يأتي إلينا هذا الشهر الكريم بعد أحد عشر شهراً أحسن فيها من أحسن وأساء فيها من أساء، يأتي لينادي بأعلى صوته ويقول: حان وقت المغفرة، حان وقت الرحمة، حان وقت العتق من النيران.
يأتي إلينا ويعلن أنّ الشياطين صفدت وأنّ أبواب النار أغلقت وأنّ أبواب الجنة فتّحت وأنّ الحور تهيأت.
يأتي وينادي: يا من أغضبتم ربكم وعصيتم نبيكم وتنكبتم الصراط المستقيم، هلموا إلى ربكم التواب الرحيم، هلموا إلى الجنان والخيرات الحسان وأسرعوا فلعلكم لا تعيشون إلى رمضان القابل، ولا تغتروا بصغر أعماركم ولا بقوة أبدانكم، فكم من صحيح مات من غير علّة وكم من سقيم عاش حينا من الدهر.
قيل: يا رسول الله! إنّك صعدت المنبر فقلت: آمين، آمين، آمين. فقال إنّ جبريل عليه السلام أتاني فقال: من أدرك شهر رمضان، فلم يغفر له، فدخل النار؛ فأبعده الله، قل: آمين، فقلت: آمين، ومن أدرك أبويه أو أحدهما، فلم يبرهما، فمات، فدخل النار؛ فأبعده الله، قل: آمين، فقلت:آمين ، ومن ذُكِرتَ عنده، فلم يصل عليك، فمات، فدخل النار؛ فأبعده الله، قل: آمين، فقلت: آمين.
إنّ من أدرك مواطن الخير التي ذكرها النبي صلّى الله عليه وسلم في الحديث السابق ثم رغب عنها أو تهاون بها لجدير بالخيبة والخسران والحرمان من الجنان وإنّ دعوة جبريل عليه السلام التي أمّن عليها النبي صلّى الله عليه وسلم سوف تدركه أينما كان ولن تخطئه أبداً.
طوبى لمن وفقه الله سبحانه وتعالى لطاعته في هذا الشهر الكريم فصام نهاره وأحيا ليله بالقيام وقراءة القرآن الكريم والتدبّر في آياته والبكاء من خشية الله.
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه» (رواه البخاري ومسلم).
المصدر: مكتوب
أضف تعليقاً