ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن الكاتب "مارك كرنوف" (Marc Chernoff)، ويُحدِّثنا فيه عن حقائق اكتشفها خلال رحلته نحو تحقيق الذات.
طموحات ورغبات بعض الناس واضحة وجليَّة بالنسبة إليهم، وهي التي تتحكم بنوعية أعمالهم وكيفيتها، لكن بالنسبة إلى بعضنا الآخر فتضيع تلك الرغبات والطموحات العميقة وسط زحام الحياة اليومية وضجيجها، وتختبئ تحت عباءة الأنا والخوف والضغوطات والعادات والتقاليد التي نواجهها في المجتمع؛ ومن ثَمَّ فإنَّها نادراً ما تُلبَّى.
خلال رحلتي الخاصة لتحقيق الذات شاهدت أشخاصاً عظماء عدة يكتشفون طرائقهم الخاصة نحو السعادة وتحقيق الذات، وقد لاحظت خلال ذلك ظهور قواسم مشتركة عدة؛ ففي الحالات جميعها كانت السعادة التي يكتشفونها، ويطورونها داخلياً تدريجياً تُزرع من خلال إدراك بعض الحقائق الأساسية.
يبدو أنَّنا جميعاً هنا لندرك هذه الحقائق بطريقتنا الخاصة، وفي الوقت المناسب لنا، وبمجرد أن ندركها - ليس على المستوى الفكري فقط؛ بل عاطفياً وروحياً أيضاً - يمكننا حينئذٍ فقط أن نجد السعادة والسلام اللذين نسعى إليهما، وهي كالآتي:
10 حقائق سوف تتعلمها قبل أن تصل إلى السعادة:
1. من المستحيل على أي شخص آخر أن يحدد هويتك:
لا أحد قادر على قولبتك ضمن تعريف محدد؛ لأنَّك الوحيد في هذا العالم الذي يمكنه أن يقول من أنت، يمكن لظروف الآخرين وآرائهم أن تحدِّد هويتك فقط إذا سمحت لهم بذلك؛ لذلك لا تضيع قوتك أو سحر جوهرك من خلال التركيز على المواقف السلبية أو الكلمات السلبية لأشخاص آخرين وتعطيها أكثر من قيمتها.
2. لقد أتيتَ إلى هذا العالم مع كل ما تحتاج إليه:
لا ينقصك شيء أبداً، ولست بحاجة إلى أن تكون أكثر مما أنت عليه أو تفعل أكثر مما تفعله، أو تحصل على المزيد، فأنت كامل ومكتمل وقد مُنِحت كل المواهب والبصيرة التي تحتاج إليها لتزدهر في هذا العالم في اللحظة التي ولدت فيها، مهمتك الوحيدة هي قبول هذه الحقيقة ثم السماح لها بالظهور، لا تظهر بعض النعم إلا في وقت لاحق من الحياة؛ إذ تتضح لك بعض الأفكار فقط بمجرد أن يكون لديك تجارب حياتية تُخرج هذه الحكمة من داخلك، فلتثق في هذا ولتسترخِ.
3. الكمال وهم من صنع الإنسان:
نحن كائنات غير مثالية، لكن جميلة، ونعيش في عالم غير مثالي أيضاً، وهذا هو بالضبط ما يجب أن يكون عليه الأمر لأنَّ السعي إلى تحقيق الكمال هو هدف فارغ لا يمكن تحقيقه أبداً. يُظهر لنا المجتمع صوراً مزيفة للكمال باستمرار في التسويق والإعلام والآراء والتوقعات، فلا تصدِّق هذا الوهم لأنَّه سيقودك فقط إلى الجهل، تقبَّل صفاتك الغريبة وعيوبك وتقبَّل حقيقة أنَّ الحياة متقلبة الأحوال، فلتسعَ جاهداً إلى التميز وليكن لديك معايير عالية، لكن لا تخلط بين ذلك وبين السلوك المقيد في السعي نحو الكمال.
شاهد بالفيديو: ما هي سمات الشخصية المثالية؟
4. أنت لست أفكارك:
أنت الجوهر الواعي والحكيم وراء ضوضاء عقلك؛ فعقلك لا يُحدِّد هويتك ولا يتحكم بك؛ لأنَّه ببساطة لا يُحدِّد مَن أنت، وبعد أن تدرك هذا من خلال مشاهدة أفكارك بصفتك طرفاً ثالثاً مراقباً باهتمام، فسوف تفصل نفسك فوراً عن تلك الأفكار؛ ومن ثَمَّ لن تُحدَّد هويتك أو تُقيَّد من خلالها.
5. يمكن تغيير معتقداتك لتصبح داعمة لك:
كل ما تظن أنَّه صحيح عن نفسك والحياة على الأمد الطويل سيصبح واقعك، ومعتقداتك هي أنماط راسخة من التفكير تبنيها على مدى حياتك، وهي طرائق معتادة لتحليل العالم وفهمه حولك، لكن إذا لم تكن هذه المعتقدات تخدم مصلحتك، فيمكنك تغييرها وبالطريقة نفسها التي تشكلت بها هذه المعتقدات السلبية في المقام الأول؛ أي من خلال تكرار الأفكار حتى قبولها على أنَّها الحقيقة، اكتسب معتقدات جديدة عن طريق اختيار الأفكار التي تدعمك وتكرارها.
6. الماضي والمستقبل غير موجودين:
الآن هو الوقت المناسب لأنَّ الماضي مجرد ذكرى والمستقبل هو تصور عقلي، يمكنك اختيار العودة إلى الماضي للتعلم والتأمل بسعادة، كما يمكنك اختيار الخوض في المستقبل من أجل التصور والتخطيط العملي، لكن في أي وقت يشرد وعيك بعيداً نحو الماضي أو المستقبل باستمرار لأغراض سلبية، فإنَّك تخنق قدرتك على الازدهار في اللحظة الوحيدة التي لديك وهي الآن، الماضي والمستقبل غير موجودين في الوقت الحالي حرفياً؛ لذا حاول أن تشعر بالحرية التي تحملها هذه الحقيقة.
7. مهمَّتك في الحياة هي أن تعبِّر كاملاً عن نفسك:
لن يرى العالم أبداً إنساناً آخر مثلك فلا يوجد أحد على وجه الكوكب لديه ما لديك، وتفرُّدك في كل شيء هو نعمتك، بالمقابل تطلب الحياة شيئاً واحداً منك، وهو التعبير الكامل عن نفسك حتى تتمكن من ترك بصمتك الفريدة لدى كل من تقابلهم ولدى العالم؛ لذا لا تقلِّل أبداً من قوة طاقتك، وكيف تتدفق إلى الخارج لتؤثر في كل شيء، وفي كل من حولك في حال كنت على طبيعتك الكاملة والأصيلة، واحترم حدسك وتصرف وفقاً لكل ما يلهمك إياه.
8. التحديات تعزز نموَّك:
دون تحديات لا يمكنك إطلاق العنان لإمكاناتك الكاملة؛ فالعقبات هي فرص للنمو والعالم يحتاج إلى أقصى ما لديك، ومن خلال تجاربك في الحياة ستصل إلى ذلك، لن تستطيع إظهار قوتك وصلابة إرادتك إذا لم يخضع تصميمك للاختبار، ولن تستطيع أن تكون قدوةً للمحبة والرحمة إذا لم تواجه خلافهما تماماً.
9. الغفران هو اختيار السعادة بدلاً من الأذى:
نحن لا نسامح الآخرين من أجل تحريرهم من الموقف أو العبء أو الذنب أو الندم؛ بل نسامحهم لتحرير أنفسنا ولنعيش الرحمة والحب من خلال القيام بذلك، ومن خلال تحرير أنفسنا يرتفع مستوى طاقتنا ووعينا؛ وبذلك يستفيد من حولنا أيضاً، كلمات التسامح لها تأثير إيجابي في أولئك الذين نغفر لهم، لكنَّ الغفران في النهاية هو خيار يسمح لنا أن نكون سعداء مرة أخرى، وهذا ينطبق على كل من مغفرة الآخرين ومغفرة الذات.
10. التسليم هو جوهر الحياة السعيدة:
التخلي لا يعني الاستسلام؛ فالتخلي هو التسليم وترك أي ارتباط مهووس بأشخاص ونتائج ومواقف معينة، والتسليم يعني أن تبدأ كل يوم في حياتك بنية أن تكون أفضل ما لديك، وأن تفعل أفضل ما تعرفه دون أن تتوقع أن تسير الحياة بطريقة معينة، امتلك أهدافاً وأحلاماً وطموحات واتخذ إجراءات هادفة، لكن لا ترسم خططاً وتتوقع ما يجب أن تبدو عليه الحياة.
إنَّ طاقة شخص يطمح إلى تحقيق أحلامه بكل تسليم أقوى وأكثر إبداعاً من طاقة شخص مصمم على خلق نتائج بعقلية مقيدة وبشروط معينة لما يجب أن تكون عليه الحياة، التسليم يجلب السلام الداخلي والفرح، ولا تنسَ أنَّ حياتنا الخارجية هي انعكاس لحالتنا الداخلية.
أضف تعليقاً